سياسة

خبراء يؤكدون فشل الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء

أجمع المتدخلون في الندوة الوطنية حول “الشرعية الدولية وقضية الوحدة الترابية” التي نظمت أمس السبت بالصخيرات، على فشل الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الموازية للمغرب في التعريف بقضية الوحدة الترابية في المحافل الدولية، وذكروا بأن المغرب ارتكب أخطاء تاريخية تسببت في تأزم الوضع.

فمن جهته قال الوافي الحراق، رئيس مرصد الحريات وحقوق الإنسان، في مداخلة بعنوان “تاريخ قضية الصحراء المغربية” إن لم يتقن المغرب فن السياسة فلن يستطيع الدفع بقضية الوحدة الترابية في اتجاه الحل المطروح والمتعلق بالحكم الذاتي لدى مجلس الأمن باعتبار هذا الأخير مجلس ذو طابع سياسي.

وتأسف على عدم استغلال المغرب أثناء استقلاله عام 1956 فرصة مطالبة الأمم المتحدة بإصدار قرار دولي قانوني من اللجنة الأممية الرابعة يثبت تلك الأراضي المحتلة من طرف المستعمر، خصوصا وأن الجزائر كانت ما تزال ترزح تحت الاستعمار الفرنسي، فكان المغرب لوحده “وكان بإمكانه أن يفعل ما يشاء”.

كما ذكر المتحدث بعدم استغلال المغرب للتوتر الداخلي الذي كانت تعيشه إسبانيا في عهد فرانكو ليتفاوض معه بشكل أفضل.
وأشار الحراق إلى المفاوضات التي جرت بين فرنسا والمغرب والتي تنص على ضرورة التزام المغرب بالتعاون مع فرنسا في استغلال معادن تندوف عام 1956 حتى يسترد جميع أراضيه الصحراوية وخاصة الصحراء الشرقية، “فكان على المغرب أن يكون ذكيا، كان عليه أن يعمل قدما على هذه الاتفاقية ريثما يحصن نفسه ماديا ومعنويا وبشريا”، يقول الحراق.

ونبه رئيس مرصد الحريات وحقوق الإنسان إلى الاتفاقية التي أبرمت بين المملكة المغربية والجزائر والتي تنص على أنه “إذا استرجعت الجزائر استقلالها، على المغرب أن يتفاوض معها بخصوص ترسيم الحدود”، غير أن الجزائر فور استقلالها ارتدت عن الاتفاقية، وظهر ذلك جليا في أول خروج للرئيس الجزائري آنذاك بنبلة، حيث قال “تلك الأراضي في الصحراء الشرقية هي كلها مسقية بدماء الجزائريين”.

ودعا إلى تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة وإلى المحاكم الدولية يثبت من خلالها المغرب على أنه في عام 1830، أي قبل استعمار فرنسا للجزائر، كانت مساحة هذه الأخيرة لا تتجاوز 300 ألف كيلومتر مربع، وبعد دخول فرنسا، وبالضبط عام 1920، وصلت مساحة الجزائر إلى 575 ألف كيلومتر مربع، وأثناء حصول الجزائر على الاستقلال أصبحت مساحتها مليونان وأربعمائة ألف كيلومتر مربع. “فمن أين أتت الجزائر بكل هذه المساحة؟ ومن كان يقطن في تلك الأراضي” يتساءل المتحدث، ثم يتابع “المتتبع للتاريخ المغربي سيجد أن تلك الأراضي في غالبيتها كانت مغربية”.

من جهة أخرى، ركز محمد الخضراوي، مستشار بمحكمة النقض ورئيس المرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات، على الجانب القضائي في مداخلته التي عنونها بـ”القضاء ووحدة المملكة”، وأشار إلى أن المرصد اشتغل على القضية من جانبها القانوني والحقوقي، فوجد عدة وثائق تاريخية توثق لدور القضاة الصحراويين في العديد من المحطات المهمة في تاريخ المغرب من بينها إحدى المعارك التي حدثت عام 1906 والتي شارك فيها قضاة مغاربة من الصحراء، وتساءل المتحدث “فلماذا لا يحتج بها؟”.

وشدد الخضراوي على أنه “آن الأوان لإنشاء مرصد وطني يوثق الذاكرة لاستثمارها على جميع الجبهات”.

ودعا إلى وضع مخطط استراتيجي واضح تحدد فيه الأهداف وترصد فيه الميزانيات حتى “لا ندافع عن القضية من فراغ”.
من جهته، قال الإعلامي طلحة جبريل أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي لعبا دورا في حث المغرب على إيجاد حل ليتجاوز موضوع الاستفتاء فكان الحل هو الحكم الذاتي الموسع.

وذكر في مداخلته “الموقف الدولي من قضية الصحراء (أمريكا كنموذج)”، إلى الموقف الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث أصبحت قضية الولايات المتحدة تتمحور حول الإرهاب، وأشار إلى أن هذا الأمر أحدث تحولا في الموقف الأمريكي اتجاه عدد من النزاعات وقضايا العالم ومن بينها قضية الصحراء.

وأوضح جبريل تخوف أمريكا، آنذاك، مما كان يسمونه بـ” الدول الفاشلة”، حيث كانت لديهم أفغانستان والصومال نموذجان سيئان، واعتقدت الإدارة الأمريكية أن هذه “الدول الفاشلة” ستؤدي حتما إلى انصهار الإرهاب، وبالتالي أصبحت هذه الإدارة تنظر إلى قضية الصحراء من هذه الزاوية.

واعتقد المتحدث إلى أن الأزمة التي نشأت بين المغرب وكريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، كانت خطأ كبيرا وقع فيه المغرب “لأن الإدارة الأمريكية شعرت بأن المغرب لا يريد دبلوماسية أمريكية”.

كما كشف الإعلامي السوداني المقيم بالمغرب إلى أن مجلس الأمن لا يستطيع حل قضية الصحراء، لأنه “لو كان باستطاعته حل أي شيء لحل القضية الفلسطينية أولا”، على حد قوله.

وختم كلامه بذكر تقاعس المغرب في دبلوماسيته الخارجية، وأعطى مثالا على مؤسسة كندي التي تقف ضد المغرب وذلك بسبب عدم تواصل المسؤولين المغاربة مع هذه المؤسسة الأمريكية بخلاف جبهة البوليزاريو.

وعرفت الندوة مشاركة خليل الحداوي، السفير السابق للمغرب بالأمم المتحدة، والأساتذة والباحثين، أحمد الكاوي ، ولحسن مهراوي، ورشيد رزق الله، وتم تقديم شهادات للعائدين من مخيمات تندوف وهم لغزال إبراهيم، وحامدا لبيهي وأحميم حمادو، الذين أجمعوا على سوء معاملة قادة الانفصاليين للمحتجزين بتندوف، وانتهاكهم لحقوق الإنسان، وملء السجون بالمعارضين.