وجهة نظر

الشعب الملكي والمسؤولين الكاذبين عن الحسيمة

لم أجد في الحسيمة ما يدعو للتعليق على ما يقوم به سكان إقليمها من احتجاج سلمي يقاوم احتجاجا محرضا يقوم به دخلاء مُفتنين لهم مآرب إيديولوجية غايتهم منها الفتنة، تلك التي هي أشد من القتل.

فالناس في الحسيمة أبرياء لا خوف منهم ولا حزن، مطالبهم مشروعة جرفتها أكاذيب الحكومة خلال مرحلتها الانتقالية “المُتيبسة” بالانتظارية التي نام على ملفاتها الوزير الأول المكلف عبد الإله بن كيران شهورا طويلة، وقبله كانت ملفات مضغوطة بالرفوف جثم عليها ثقل الإعداد للانتخابات، لدرجة ظن معها المسؤولون أن المواطنين في الريف المغربي بُلَداء خرجوا لاستقبال جلالة الملك لتدشين مشاريعهم الحضارية، التنموية، من فراغ ودون فهم أو وعي للإشارات الملكية.

وَاهِم من يظن أن التنسيق بين ملك البلاد وشعبه لا يتم إلا بالإرساليات والبرقيات ومكاتب المسؤولين. لا، هناك ما هو أسرع من ذلك، تواصل يتم عندما يرونه يُخفق العلم الوطني إيذانا بتدشين هذا المشروع الاجتماعي، أو ذاك الاقتصادي، تواصل يتم بـ “واي فاي” رباني من خلال نظراته الإنسانية التي تحمل هَمَّ الضعفاء، وبريق الأمل المشفوع بابتسامة الأمل الذي يجمع الملك بشعبه حول فعل التضامن لأجل الرقي بالإنسان وبالوطن.

فأين مشروع المركز الاستشفائي الإقليمي للحسيمة، أو المستشفى المتعدد الاختصاصات، الذي خصصت له تكلفة مالية قدرها 374 مليون درهم يا مسؤولي الحكومة؟ أين المَعلمة الاستشفائية التي أبدع المهندسون الشباب في رسم معالمها حتى بدت صورة كالحلم الجميل؟ أين وعدكم بانطلاق أشغالها يوم فاتح سبتمبر 2017؟

قال لي شيخ ريفي يبلغ من العمر حوالي 86 عاما، وأنا أرافقه إلى مستشفى الشيخ زايد في الرباط العاصمة لعلاج رجله التي بترت أصبعها باب حديدية هناك في فرنسا حيث كان يشتغل في الأربعينات من القرن الماضي، لكن ألمها ازداد عليه قسوة في الأيام الأخيرة (بداية 2017)، فحملناه إلى مستشفى الشيخ زايد للعلاج، فسألني الشيخ الحكيم: هل كل ريفي مرض يسافر حتى الرباط للعلاج؟ لقد كان سؤالا رجَّة في كياني لم أجد له جوابا سوى قولي: إن سيدنا يحبكم، ويعمل لأجلكم وقد دشن مستشفا كبيرا بالحسيمة.

ليس وحده مشروع المركز الاستشفائي الإقليمي للحسيمة الذي طاله نسيان الحكومة في الريف المغربي، وغيره من مناطق المملكة، بل هناك العديد من المشاريع التي دشنها جلالة الملك لكن تدبير الحكومة “المرتبك” حاول تجاوز تنفيذها، غير أن الشعب الملكي كان للمسؤولين الكاذبين بالمرصاد، احتج عليهم في الحسيمة فرموه بالخيانة والعصيان، وهو من ذلك براء، وما على أولئك المسؤولين الكاذبين إلى أن يحجزوا أماكنهم أمام قضاة إدريس جطو قبل الدخول العادل إلى رحاب “عكاشة”.