منتدى العمق

حد بوحسوسن: الجفاف الثقافي وأسئلة التنمية المحلية

سؤال الشأن الثقافي مغيب لدى المسؤولين عن الشأن المحلي بالجماعة الترابية حد بوحسوسن وعلى أجندات الجهات الوصية، فالمتمعن في جداول أعمال الدورات ومحاضرها ونقاشاتها ومداولاتها وبرامجها يخلص بسهولة أن الثقافة هي الفريضة الغائبة في مخططات المجلس الجماعي، وأن صناعة التجهيل هي العنوان البارز لتهميش الشباب رجال الغد،وهو تهميش قاس وواضح وبكل الألوان والمقاييس والأبعاد.

قد لا نروم ونحن نلقي الضوء عن الموضوع فتح نقاش حول أهمية الثقافة في التنمية وصناعة الإنسان/ المواطن أو أهمية الفعل الثقافي في تأطير الساكنة وتربية الناشئة على قيم المواطنة وحقوق الإنسان وخلق نخبة ثقافية، بقدر ما يهمنا مساءلة المسؤولين المحليين عن تغييب وإقصاء الشأن الثقافي بكل تجلياته مع الاقتصار عن كل ما هو متعلق بالبنية التحتية من فتح المسالك والكهرباء والصرف الصحي، وعدم إعطاء الأهمية للبنية الفوقية التي قد تثير اهتمام جيل جديد من المواطنين، فضلا عن يتم المجتمع المدني الذي لم تنفعه شعارات “العهد الجديد” و”التنمية البشرية” ليكون شريكا وقوة اقتراحية للدولة والمجتمع في التنمية الشاملة.

وإذا كانت الجماعة الترابية لحد بوحسوسن فقيرة وبدون موارد مادية وتشكو من قلة الاعتمادات المالية، بيد أن أمورا لا تحتاج إلى المال، بقدر ما تحتاج إلى الإرادة السياسية والتفكير في وجود مشروع متكامل ورؤية لتدبير الشأن المحلي واستثمار الرصيد النضالي التاريخي والروحي للمنطقة،فضلا عن موقعها الجغرافي والطرقي وغيرها من المقومات التي يلزم وضعها في الاعتبار للارتقاء بالعمل الثقافي والرأسمال المادي والرمزي لمنطقة بوحسوسن.

وفي تقديري الشخصي لابد من الذهاب إلى عمق هذا العطب ويتمثل في غياب تشخيص من طرف المجلس يوضح الأولويات في منطقة بوحسوسن، وهذه المقاربة المتعلقة بالتشخيص كانت ستجد لها صدى لو انفتح المجلس الجماعي الشاب الذي قاده التغيير إلى كراسي المسؤولية على السكان وخاصة الشباب أثناء إعداد مشروع المخطط الجماعي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي غيبت فيه المقاربة التشاركية، وفي نفس المنحى ما يلاحظ كذلك بل ما يعاب على المجلس الشاب هو إبعاد الشباب والمثقفين وعدم الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع في تركيبة لجنة المساواة وتكافؤ الفرص التي يلاحظ سيطرة الأعيان على تمثيليتها مع العلم أن القانون التنظيمي الذي عوض الميثاق الجماعي أعطاها دورا استشاريا واقتراحيا، ومن هنا يحاصرنا السؤال المؤرق:

كيف لمن يفتقدون إلى مشروع فكري واضح المعالم أن يبدعوا ويقترحوا أمر خطير أن تجد أشخاص فقراء فكريا ممثلين في هيئة خلقت أصلا لتكون قوة اقتراحية تعطي البدائل وتساند المجلس في إيجاد حلول للمشاكل وليس لجنة صورية فقط أم هي لعبة التوازنات من كانت وراء انتخاب هذه التركيبة الهجينة، مما يجعل العديد يعطي للأمر قراءات أخرى لها صلة بالريع السياسي الرمزي الذي له توظيفات أخرى في مجتمع قبلي تحكمه معايير بعيدة عن الكفاءة كل البعد، دون نسيان ما يترتب عنه من اختيارات لا علاقة لها بالشباب والثقافة وطموحات أجيال تنتهك ثرواتها المادية والمعنوية في الحاضر والمستقبل.

وتأسيسا على هذا تأتي مشروعية طرح هذه الأسئلة التالية على صناع القرار بالمجلس الجماعي في أفق فتح نقاش عمومي حولها لأن المجلس مافتئ يؤكد أن فتح المسالك له أولوية على الشأن الثقافي لهذا نقول من جهتنا: – هل بناء دار الشباب ليس من الأولويات في قرية تعقد الجمعيات جموعها العامة في المقاهي في قرية تفتك المخدرات والكحول المنتشرة بكثرة بشبابها هل دار الشباب كفضاء للعلم والمعرفة ليست من الأولويات؟ – هل خزانة جماعية ليست من الأولويات وقد يتطلب الأمر القليل من الدعم وشراكات مع جمعيات محلية على اعتبار وجود محلات تابعة للجماعة فارغة ومغلقة تتعرض للاندثار مع مرور الزمن.

– هل عقد شراكات مع المحيط التربوي ليست من الأولويات للرفع من أداء الشباب أو احتضانهم.

– هل تخصيص جزء من الميزانية للثقافة وتشجيع الجمعيات الجادة بعيدا عن نهج سياسة إرضاء كل طرف أثناء الوزيعة المالية إذا صح القول وتغليب منطق التفكير المصلحي بدل منطق التوافق المبني على برامج حقيقية الملاحظ لا وجود لمثل هذه العبارات على جداول الأعمال محليا ولا جهويا في عصر المبادرات والتنمية البشرية … الواقع يساعد المقاهي لتأوي كل الشرائح و الآفات والجمعيات والثقافات…

فرصة قرية حد بوحسوسن مع الثقافة مهرجان محلي نال استحسان الجميع لكن يركز على الفروسية وأحيدوس في إطار “فلكرة الثقافة” ولا مجال لندوة أو محاضرات أو جمع لذاكرة المنطقة ذات الرصيد الصوفي والروحي المتمثل في ضريح سيدي امبارك الذي لا زال يلعب دوره الديني والسياحي والإشعاعي بطريقة بدائية تسير في طريق الاندثار.

المجلس الجماعي المخاطب الأول محليا مطالب بالاشتغال على البنية الفوقية لأنها رهان يعول عليه لخلق مجتمع منفتح على الحضارة محصن ضد الانزلاقات لأن التنمية بدون مقومات فكرية تنمية عرجاء ولا مفر من إعطاء الشأن الثقافي أهميته بالموازاة مع الاشتغال على مزيد من البنية التحتية، وإلى ذلكم الحين يستمر السؤال الملح هل من آذان صاغية بقريتنا الواعدة؟