وجهة نظر

لست إرهابي .. أطلقوا سراحي!

أية دولة هذه التي يُعتقل فيها أبناؤها الأحرار لمجرد أنهم كتبوا تدوينات ونشروها على حساباتهم بالفايسبوك لمجرد أنهم عبروا عن آرائهم بحرية ومسؤولية؟ أية دولة هذه التي يُحاكم فيها شبابها بقانون الإرهاب عوض قانون الصحافة والنشر لمجرد أنهم تفاعلوا مع قضية في لحظة انفعال نفسي؟ أية دولة الحق والقانون هذه التي تتهم شباب يافعين متشبعين بالفكر الوسطي بالتحريض والإشادة بجريمة إرهابية هم أبرياء منها؟ أية دولة هذه تجعل البعض فوق القانون والبعض الآخر تحاكمه بالقانون الذي تريد؟

نتذكر بالضبط ماذا حدث يوم19 دجنبر2016، يوم قُتل السفير الروسي بأنقرة، واعتبرنا بأن ذلك الفعل هو إرهاب واغتيال نرفضه ولا يمكن تبريره بأي اعتبار من الاعتبارات الدينية والإيديولوجية والسياسية.. هو عودة لموجة تصفية حسابات سياسية لا غير ..ولا يمكن بأي حق تبريره والدفاع عنه، لأن الدفاع عن العمل الإرهابي هو أيضا عمل إرهابي ..
نتذكر جيدا ما الذي تلا مقتل السفير الروسي، حين دون بعض شباب شبيبة العدالة والتنمية بعض التدوينات تفاعلا مع الحدث، ثم بعدها اتهموا بإشادتهم بالاغتيال الذي حدث، ثم استدعوا من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا واحدا تلو الآخر، ثم اعتقلوا لكي يتابعوا ..

نتذكر كل هذه التفاصيل المؤلمة جدا، تفاصيل تحدث في دولة يحلم مواطنوها الأحرار بالتمتع بالقليل من الحريات المشروعة وتطبيق القانون على الجميع واحترام القواعد القانونية واحترام التكييف القانوني السليم لمعالجة انزلاقات حرية التعبير وفق مقتضيات قانون الصحافة والنشر وليس قانون مكافحة الإرهاب.. تفاصيل مؤلمة أججت الغضب داخلنا حين تم الاعتراف بأن البلاغ المشترك الذي تم توقيعه في نفس شهر دجنبر بعد مقتل السفير الروسي للتحذير من الإشادة بالإرهاب، هو بلاغ تم توقيعه دون الانتباه بأنه قد استند في صياغته على قانون الإرهاب كما قال الرميد .. وكل هذه الانتكاسات المتتالية تحدث في المغرب!

اعتقال الشباب الثمانية ومتابعة محاكمتهم وفق قانون الإرهاب هو انتكاسة حقوقية وديمقراطية، ويمكن أن أقول بأن هذا هو الإرهاب بعينه، أن يتم اعتقال شباب ينتسبون لتنظيم سياسي شبابي مشهود لأفكاره بالوسطية والاعتدال والانفتاح والليونة، شباب يناصر كل القضايا الإنسانية الوطنية والدولية، شباب يدين بدين التسامح والتعاون والسلام، فكيف أنهم إرهابيون؟ ولماذا يتابعون في حالة اعتقال دون حالة سراح؟
مؤسف جدا أن يُعتقل شباب أحرار لدوافع سياسية محضة ويؤدون ثمن الوضع السياسي المحتقن الذي يعرفه المغرب، ونحن نعرف بشكل جيد حملات النسف والإنهاء المخزنية التي طالت حزب العدالة والتنمية، وتابعنا بشكل جيد مرحلة تشكيل الحكومة التي انتهت بعدم تشكيلها وبعدها إعفاء بنكيران، هل هؤلاء يريدون إعفاء شباب شبيبة العدالة والتنمية أيضا ثم محو تواجدهم في الساحة النضالية الشبابية؟ ما هو الرصيد الحقوقي الذي تريد الدولة الاحتفاظ به؟ ولماذا يتابع شباب العدالة والتنمية بالضبط؟ ولماذا يتم الترصد بكتاباتهم خصوصا في هذه الظرفية السياسية؟ هل يريدون إنهاء مسار هيئات شبابية ضخمة تناضل لبناء فكر حر مستقل؟

وضع مخجل جدا هو هذا الذي نتابعه، وأصدقاؤنا المعتقلون في سجن سلاقد دخلوا مرحلة الأمعاء الفارغة تعبيرا عن رفضهم لكل الاتهامات التي لُحقت بهم، تعبيرا عن رفضهم لاتهامهم بالإرهاب والتطرف، منتفضين في وجه الذل والاستبداد.. مؤسف جدا أن يمر على اعتقالهم ستة أشهر وقد خسروا كل شيء، خسروا دراستهم وعملهم وربما حتى سمعتهم لأنها لُطخت عدوانا بكلمة الإرهاب، مؤسف جدا أن تدمر الدولة حياة من يُشهد لهم بدماثة الأخلاق وتنور التفكير فيتألمون لبعدهم عن أبنائهم وأسرهم الذين قتلوا طيلة الأشهر الستة ومازالوا يُقتلون في كل دقيقة وثانية.. مؤسف أن يعاقب شباب لمجرد أنهم آمنوا بحزب آمن بالاختلاف في الرأي وتعددية المواقف فدمرت حياة أسرهم وصاروا حبيسوا زنازين المجرمين وهم ليسوا بمجرمين ..

أخاف يوما ألا تصير لنا أفكار وقناعات فكرية وسياسية، أن تموت فينا الروح التي تحب الديمقراطية وتكره الطغيان والاستبداد الذي ولى مع العصور الوسطى، أخاف أن نصير بلا هوية وبلا رصيد ثقافي حر يدافع عن الحرية ولا يبرر حب الحرية بالخوف ..أخاف أن تترصد بعض الأسلحة عقولنا وتهم بإفراغها من حق الدفاع عن الحق والنضال المستميت من أجل تحقيق العدل ..

أحسست بالخوف ولكنني أستدرك بأننا لا نخاف الظالمين والمستبدين، لا نخاف أن نجابه العدوان وشطط استعمال السلطة، إننا سنقرأ ونبحث ونجتهد ونجابه “ممتهني” الظلم بالمعرفة والحرية، سنكتب بحرية ونتكلم بحرية ثم نقول لا ثم لا للظلم بحرية ..ولا يخيفنا جبروت المستبدين لأن الانتصار في النهاية للأحرار الشرفاء ..والحرية للشباب ..
ثم إن غدا لناظره قريب وانتهى الكلام ..

– طالبة صحفية.
[email protected]