وجهة نظر

تشكيل الحكومة ومسمار جحا

ما أشبه اليوم بالأمس! الوجوه هي نفس الوجوه، واللاعبون هم ذات اللاعبين، وأرانب السباق هي الأرانب بعينها، وأولئك الذين ما فتئوا يلعبون دور الكومبارس هم ذاتهم، لكن ثمة أسئلة نبحث لها دائما عن أجوبة مقنعة وحاسمة؛ من قبيل: من يحرك خيوط الدمى المتحركة؟ من يعطي الانطلاقة لأرانب السباق للركض ثم يأمرهم بعد ذلك للانسحاب وترك المضمار للعدائين الواقعيين لإتمام السباق؟ من يوزع الأدوار على الذين يؤدون دور الكومبارسثم يدفع بهم إلى الانتحار قبل نهاية المشهد؟ من يشاكس ويبتز بأسماء مستعارة؟ من يطعن منافسيه من خلف الستار؟

فقد نجد، في خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، جوابا شافيا وكافيا على أحد هذه الأسئلة؛ عندما تحدث عن الدعائم والركائز التي يجب أن تتشكل عل أساسها الحكومة المقبلة.

فهناك من يتشاور لتشكيل الحكومة على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية؛ لتحقيق إرادة الناخبين وتوجهاتهم، لكن هناك من يتفاوض ضدا على النتائج للظفر بالغنائم وتوزيع الحقائب. في حين هناك من يبتز للانقلاب على الديمقراطية برمتها وإعادة اللعبة إلى نقطة البداية، وهنالك من يتمسك بأوهن الخيوط ويمني النفس للظفر ولو ب”قرصة من الفكرون ولا بلاش“. وشتان بين التشاور وبين التفاوض والابتزاز. فلا عجب في الأمر ولا غرابة؛ لأن العقليات التي تفاوض رئيس الحكومة المعين وتضع شروطها التعجيزية؛ هي ذاتها التي مازالت تحن إلى الماضي التليد، زمن الأبيض والأسود، زمن “الراديو” على هيئة صندوق التخزين، هي تلك التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم.

ليست هذه المناورات إلا امتدادا لمؤامرات الانتخابات الجماعية الأخيرة؛ فمن ينخرط اليوم في نسج خيوط المناورات هاته هم الذين كانوا بالأمس يخططون لتك المؤامرات التي أفضت إلى انتخاب رؤساء جهات مزيفين و”مدرحين“. أما رئيس الحكومة المكلف لن ينسى خيانة حلفائه في الحكومة آنذاك؛ كانوا يصافحونه بيد ويصفعونه بأخرى؛ لذلك لن يدخر جهوده في ركنهم إلى زاوية المعارضة، والحكم عليهم، مثل السمك عندما تخرجه من الماء، بالموت البطيء.

ماذا ينتظر المغاربة ممن يسعى إلى السلطة ليجعلها في خدمة الثروة التي يملكها؟ ماذا سيجني ذلك المواطن البسيط من حكومة مشكلة من طائفة همها الوحيد هو الظفر بإحدى الحقائب الوزارية ليس إلا؟ ما جدوى تلك الكتلة الناخبة التي خولت أحزابا بعينها مراتب للإجابة عن انتظاراتها وتطلعاتها؟ ما محله من الإعراب ذلك الذي يترشح من رجال الأعمال باسم ما يسمى بالأحزاب الإدارية لحماية مصالحه؟