منتدى العمق

نحن و العالم

لاشك أننا مرتبطون بالعالم بحكم الفطرة الإنسانية وبحكم أحكام وأعراف العلاقات الدولية وبحكم الموقع الجغرافي، لكن أيضا بحكم الإمكانيات الذاتية الاقتصادية منها والثقافية والاجتماعية والأولويـات الوطنية ذات الصلة…

نحن على مسافة أيام معدودة من احتضان المغرب لمؤتمر القمة العالمي حول التغيرات المناخية، الذي يعد حقيقة أهم ما يعني الإنسانية والإنسان في حياته ومعيشه وصحته وأمنه وبقاءه (…)، هذا المؤتمر الذي إذا وضعناه في خانة المقارنة مع سائر المؤتمرات التي تنعقد شرقا وغربا على مستوى عال من حيث الموضوعات التي تمثل جوهر اللقاءات المقررة خلاله ومن حيث الأهداف المتوخاة استراتيجيا وإنسانيا لما اختلف اثنان من أنه المؤتمر الأهم والأصوب والأفيد لأنه يخدم الإنسان وكل ما يتصل بحاضره ومستقبله وكذا الامتدادات المتصلة بأمنه واستقراره وسعادته..

كما لا يستبعد أن تكون مقرراته وتوصياته أرضية مؤتمرات دولية وقارية عديدة ذات أوجه سياسية صرفة أو أمنية أو اقتصادية أو طبية أو سياحية أو غيرها.

وحتى في الجانب الموضوعي يأتي هذا المؤتمر منسجما تماما مع الفلسفة والسياسة ذات الأولوية بالمغرب على مستوى القيادة بخاصة، بالنظر إلى الاهتمام الشديد والمتواصل بالإنسان عموما من خلال أسس عدة اعتمدت كقواعد عمل وأثمرت نتائج يستعصي على “المشاكس” أن يستهين بها أو يستصغر من شأنها، فلقد أعطت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على سبيل المثال نتائج بالغة في الأهمية، وإن كنت أرى – بموضوعية – أن كثيرا من الفاعلين في موضع القرار لم يستلهموا منها حكمة أو أسلوب عمل ناجع أو خارطة طريق لتدبير أسلوب حكامة راشدة موافقة لمنطق الدستور الجاري وضوابط النصوص المعتمدة، بل هناك البعض للأسف من اختار الانحراف عن الإشارات العليا المتكررة (…) والواعدة المنصوصة مرجحاً “دهاءه” ليخدم مصالح ذاتية آنية أو فئوية على حساب القيم المعلنة رسميا، ليطعن بإصرار لئيم  و.. يكرس ذلك اقعيـا !!!))

وتشاء مناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من الولاية العاشرة ليوم الجمعة 14 أكتوبر أن تميط اللثام عن مظاهر عدة من الانحطاط الإداري التي باتت مكشوفة للخاص والعام من خلال الاستخفاف بالمسؤولية، أو استغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة، أو انعدام الأهلية، أو الإساءة للمرتفق بالاستعلاء والتعطيل وغيرهما..

وبين التفات العالم، واهتمام الملاحظين من مختلف المتتبعين من وسائل إعلام من الأمصار والقارات ومن رجال أعمال وعلماء وباحثين، لا ريب أن منهم المهتمين بالجانب السياحي، بحثا أو استطلاعا أو اهتماما ذاتيا أو جماعيا، فهل نحن واعون بالظرف وأهميته من حيث المجال في حد ذاته وجوانب الإصلاح الواجبة فيه وما يتصل به.. خصوصا ما يرتبط بالجانب الأمني ؟؟؟

إن الاهتمام بالجانب الإداري والعمل على إصلاح الاختلالات المتصلة به يعد من أهم الواجبات إلى جانب الانكباب  بالجد والصرامة الضروريين على الجانب الأمني لتطهير بيئتنا مما يلوثها من الموبقات المسيئة للنوايا والجهود، سواء أمام المواطن القار أو المستثمر الوافد، وسواء تعلق الأمر بالسياحة الداخلية أم الخارجية..

إن تحقيق دبي منذ بداية السنة الجارية  إلى متم شهر شتنبر الأخير ما يقرب من عشرة ملايين سائح، مع توقع وصول العدد إلى خمسة عشر مليون بنهاية العام ليس بالصدفة في شيء، فبالإضافة إلى المؤهلات السياحية الراقية تبرز النجاعة الأمنية في تيسير الولوج السياحي الناجح وبالتالي إبراز الوجه المميز للإمارة، تلكم الجوهرة الجذابة في قلب “صحراء” الخليج !  

ونفس الحظوة تقريبا تنالها مدينة غرناطة (Granada) الإسبانية للمميزات ذاتها، فتنال إعجاب الزوار لها بشكل مذهل حقا !

ويبدو لي أن الوقت ملائم جدا للانتقال إلى السرعة القصوى في تنزيل القيم الإنسانية المتصلة بالثقافة المغربية بأطيافها وتقاسم الجهد لإشاعة الأخلاق انطلاقا منها في بساط المغرب من أقصاه إلى أقصاه دون تمييز بين جهة وأخرى، وفرض سلطة القانون والمحاسبة الشاملة بالتوازي انسجاما مع موقع المغرب بين القارات وتقديرا لدوره الجيو اقتصادي والجيو سياسي على حد سواء، فلم يعد الزمن يسمح بالتأجيل أو التسويف، ثم إن الظرف بات ملائما للقطع مع التشكيك في أي استحقاق مستقبلي انسجاما مع ما ذكر وارتباطا مع الدور المنتظر من المغرب في المستقبل المنظور من الأيام والشهور والأعوام.

لذا، وجب الانطلاق دون تأجيل ودون انتظار لمواكبة الطموح وبلوغ المنتظر، فهل من مجيب ؟

                                                                                                  وجدة في: 25 / 10/ 2016.

                                                                                                                               عبد الله بوكابوس