وجهة نظر

يتيم: التحكم هو استبداد غير مستنير

التنظير للتحكم والخلط بينه وبين وظيفة التحكيم
مهما كانت التبريرات النظرية للحاجة الى التحكم واتخاذها شكلا مفلسفا له. فهي في نهاية المطاف إسهام في اسناد للعوامل المعيقة للانتقال الديمقراطي.

الذين يبررون الحاجة الى التحكم باعتباره ضرورة تاريخية لترشيد وتاهيل الحقل السياسي وتاهيل المجتمع والاحزاب لتمثل قيم الديمقراطية يخلطون بين مفهوم التحكم ومفهوم التحكيم الذي هو خاصية للملكية في المغرب عبر التاريخ وهي الوظيفة التي تم ماسستها دستوريا فضلا عن حقل إمارة المؤمنين ، وهو ما يستبعد اي احتمال لتناحر قايم على اساس ديني او طائفي يتخذ التخوف من وقوعه مستدا لتبرير الحاجة للتحكم واعتباره ضرورة تاريخية انتقالية.

ما يفتأ هولاء يكررون اطروحات اللبيراليين الجدد الذين يَرَوْن فشل توجهاتهم حزبيا وسياسيا بسبب غربتهم الثقافية والايديولوجية عن المجتمع ، وبسبب نخر الفساد لهم وتحولهم الى جزء من منظومته اي الاطروحات التي تستكثر على شعوبنا الديمقراطية وتنظر وتبرر للحاجة للتحكم انطلاقا من ترويج فكرة مفادها قصور الاحزاب والشعب المغربي تنظيميا وثقافيا عن تمثل قيم الديمقراطية ومن ثم يقولون : لا ديمقراطية لشعب أمي غير متمثل لقيم الديمقراطية.

يتعين بيان تهافت هذه الاطروحة من عدة وجوه :

اولا :ليس صحيحا ان شعوبنا غير مؤهلة ثقافيا للديمقراطيةً بل العكس صحيح ففي موروثنا الجماعي ما يشير الى تقاليد وقيم العمل الجماعي والعيش المشترك ( الجماعة ، التويزة ، ازرن.عند الأمازيغ ، التنخيب الطبيعي للشيوخ .. )

ولقد كان القرار السياسي هو الذي فكك هذه الثقافة باحلال ثقافة المحسوبية والوصولية بسبب استخدام التحكم لآليات انشاء احزاب وباستمرار التحكم فيها والتدخل في قرارها ومن ثم عمل على اضعاف مفهوم الاحزاب السياسية كمدارس لتعزيز الثقافة والممارسة الديمقراطية.

ثانيا : الملكية اليوم سواء بشرعيتها الدينية او شرعيتها التاريخية وصلاحياتها الدستورية هي ضمانة كافية بذاتها لرعاية الانتقال والتحول الديمقراطي كما هو واضح في ديباجة الدستور وفي الفصل 42 ودستور 2011 عزز هذه الوظيفة التحكيمية والغاء الفصل 19 الذي كان ت روحه تسكن دساتير ما قبل 2011 دليل على ان الملكية اختارت ان تكون ملكية ديمقراطية ، ملكية برلمانية ذات طبيعة رئاسية تتوفر على صلاحيات واسعة ضامنة للتطور الديمقراطي ومانعة بالآليات الدستورية والديمقراطية لكل انزلاق الى ” الفتنة ” باسم الدين او باسم العرق ومن ثم ضامنة. للاصلاح والبناء الديمقراطي. التدريجي في نطاق الاستقرار.

ثالثا : دون شك فان البناء الديمقراطي. كما هو في كل التجارب التاريخية بما في ذلك تلك التي قامت على اساس ثورات تمت من خلال مساومات تاريخية ، ولكنه مساومات وجهتها تعزيز التعاقد الدستوري وتوزيع السلطة والثروة ، ولم تقم على نظرية ” الاستبداد المستنير”.

لا يوجد استبداد مستنير والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، والتحكم هو استبداد غير مستنير لانه يستبطن الوصاية على المجتمع ، ويستبطن ان المجتمعات قاصرة وان الاحزاب قاصرة .

التحكم. في الواقع العربي لا يستند حتى الى نظرية الاستبداد المستنير ، بل انه يقوم على اعادة انتاج دايم. ومتجددة لشروط قصور الحقل الحزبي وتكريس ثقافة الاستبداد والقابلية للاستبداد ، ومن المفيد في هذا المجال لاعادة قراءة كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد للكواكبي وعقد فيه فصولا. عن الاستبداد والعلم والاستبداد والدين والاستبداد والمال ..الخ. .. الاستبداد يعيد انتاج ثقافة القابلية به. وهو لايسمح ببناء ثقافة ديمقراطية ، وأحزاب ديمقراطية ومثقفين وثقافة ديمقراطية .

مجرد طرح فكري يناقش افكارا ولا يهتم. بالاشخاص والأسماء والصفات !!