وجهة نظر

ابن كيران وصديقي والآخرون ..

يَنتمي عبد الإله ابن كيران إلى حزب سياسي، ليس كبيرا كما يُحاول البعض تصويره، من أجل التخويف منه بأنه يسعى إلى الهيمنة، بقدر ما أنه حزب سياسي كبير باقتناعه بطريقة ساذجة –بتعبير ابن كيران- بأهمية الديمقراطية بوصفها آلية للتدبير المؤسساتي، وتحقيق التنمية، ومصالحة الدولة مع المجتمع، وهكذا لم يتردد (حزب العدالة والتنمية) في تفعليها في هياكله الداخلية وفي الانتخابات خارجيا بشكل يسعى من خلاله لإحداث نوع من الانسجام بين الفكر والمُمارسة، في إطار نَحْته لأطروحة الإصلاح في إطار الاستقرار.

صديق عزيز، لا علاقة له بحزب العدالة والتنمية، لكنه يَعرف جيدا خبايا الحَيَاة السياسية المغربية دراسة وممارسة، أخْبرني بأن ابن كيران امتلك شجاعة كبيرة عندما نزل إلى المعترك الانتخابي ليختبر مشروعيته الديمقراطية، مُتحديا الكثير من الأصوات التي طالبته بعدم الترشح لأنه رئيس للحكومة، إلا أنه نزل في 7 أكتوبر 2016 شخصيا إلى دائرة المزرعة بسلا، وفي رصيده حصيلة حكومته التي قادها رغم كل الصعوبات، وحقق مجموعة من الانجازات، بكل تأكيد تضمنت بعض القرارات المؤلمة، إلا أنه رغم ذلك كان يجمع آلاف المواطنات والمواطنين، واستطاع الفوز بمقعده البرلماني، وحاز حزبه الرتبة الأولى، وهذه النتيجة، يضيف نفس الصديق – جعلت حزب العدالة والتنمية منسجما مع مقتضيات دستور المملكة، إذ اكتسب مشروعية هي الطريق الأوحد لمن يريد التمثيل السياسي.
في تجربته الحكومة الأولى، استطاع العدالة والتنمية أن يقدم نخبة من النساء والرجال أثبتت نزاهتها ومصداقيتها على مستوى القطاعات التي دبرتها، ولَم يثبت عن أي واحد منهم ما يفيد استغلاله للسلطة أو تلاعبه بالأموال العمومية.

وماذا عن باقي الأحزاب السياسية، وخاصة الرباعي الذي أصدر بلاغا مساء اليوم، يجيبني هذا الصديق الذي أكرر لكم بأنه لا ينتمي لحزب العدالة والتنمية، يقول “لم يجرؤ زعماء هذه الأحزاب على الترشح للانتخابات وهو ما يجعلهم في وضعية استثمار ريع سياسي لا ينسجم مع المنطق الديمقراطي، فأقدمت هذه الأحزاب على تشكيل تحالف يبدو أن الغاية منه ليس هو المشاركة في الحكومة، بل الهدف هو إبعاد حزب العدالة والتنمية عن قيادة الحكومة، أو على الأقل إبعاد عبد الإله ابن كيران عن رئاستها، وحتى لو افترضنا قبوله دخول هذا الرباعي إلى الحكومة، سيعملون على إخراج أشياء أخرى من قبيل مطالبتهم إبعاد حزب التقدم والاشتراكية بدعوى أنه ليس في رصيده سوى عشرة مقاعد ونيف”.

وفي تقييمه لهذه الأحزاب، يُسجل هذا الصديق المنشغل بالسياسة المغربية، عجزا فظيعا لهذه الأحزاب على مستوى تدبيرها الديمقراطي داخليا وخارجيا، ويضيف “يبدو أن ما يجري بات شبيها بلعبة الكراكيز أو الدمى المُتحركة التي تتكلم بلسان من يحركها”، وفي ختام حَديثنا تأسفنا على مَآل حزب في حجم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان مفروضا فيه مواصلة تجربة التناوب التوافقي بالتعاون مَعَ أحزاب تشبهه ويَرى فيها الناس أملا، بعدما فقدوا الأمل في اليسار، وعوض أن يحتاج إلى من يتحدث باسمه أن يبادر إلى الدفاع عن وجهة نظره بكل جرأة وشجاعة، مثلما كان يفعل في السابق.

كما اتفقنا ( طبعا دون الحاجة إلى أي بلاغات)على أن الديموقراطية بدون ديموقراطيين لا يمكنها أن تسير إلى الأمام، بل سيتم خنقها وستظل كلمات جوفاء تتردد في الصالونات المكيفة، لأن تحقيقها يتطلب وُجود ديموقراطيين يؤمنون بها حَتى النخاع، والديموقراطية هي الآلية التي يمكنها الدفع ببلادنا لتكون دولة صَاعدة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا..دون احترام الديموقراطية سنعود إلى الوراء وسيضحكون علينا.