منتدى العمق

ممنوع على بعض النساء

عثرتُ اليوم على دعوة طلب صداقة رجل من الخليج، شاب، وحوّل رأسه يلّف “شّالأً” ويشدّه إليه بعُقّال أسود. أول شيء فعلته، دخلتُ لحسابه بغيّة التعرف عليه أكثر. أغلب ما ينشره على حائطه صوّراً شخصية له، وفي صورة من الصوّر الكثيرة، واحدة له وهو واقف أمام سيارته “الرونج روفر” الحمراء فوق كتبان رملٍ بالصحراء، لكن هذه المرة بسروال جينز، و”ساكسوكة” سوداء غطّت نصف وجهه النحيل.

خِلّت، في البداية، أن الشاب أرسل طلب الصداقة بالخطأ، لهذا غضيتُ الطرف عن الأمر. وبمرور الوقت، أرسل صاحب الحساب رسالة دردشة قصيرة، اطلعتُ عليها، ووجدته كاتباً لي عبارة : “السلام عليكم يا حلّو”. قرأتها بحيّطة وحذر، فهذا النوع، وخصوصا من بن قحطان، والذي يبدأ حديثه معك بهذه الجرأة الزائدة، عليك أن تأخذ احتياطك منه.

.حلّو.. ألقيت نظرة سريعة على المرآة، وتساءلت بمرارة حاقدٍ على الوصف

ــ أين شاهد ابن الخنزير هذا، هذه الحلاوة؟ وأين اكتشفها ابن اللّعينة في ربع ساعة، وأنا الذي طيلة 22 سنة، تحديقاً في وجهي ما اكتشفتُها؟

السؤال في حد ذاته خلق لي الشّك. تفحّصت ملامحي، هيئتي، عظامي، فلربما الشاب يعتقد أني شاذ جنسياً، ويستميلني في الحديث من البداية كي أنساق له. إني لا أغري حتى كلب بالنباح حين مروري يقربه، فكيف أغري خنزيراً برياً بكرشٍ بارزة بأن يطمع فيّ؟ الأمر يحتاج للتأكد. ولكي أبعد عني الشبهات التي في غيّر محلِّها، أجبت

ــ وعليكم السلام

وجد هو ردّي عليه فرصة ليطلعني على جنسيته : أخوك محمد بن سالم العنّزي السهلاي من السعودية، وبالضبط، من المدينة المنورة. منذ أن سكنتم المدينة بهتُ نورها وخفتْ، حتى أن الظلام سكن فيها، وتحوّل اسمها للمدينة المُدنّسة. لم أقل له هذا صراحة، فقد يحمل ردي ذاك للسفارة، وأخلقُ بسببه أزمة دبلوماسية تنقطعُ بسببها صدقات ملكهم على دولتنا.. فقط جال بخاطري أن أقولها له. وبين أخذ ورد في الحديث، آسر لي بنتيّه، أنه يفكّر جدياً في زيارة المغرب شهر مارس المقبل، ليسألني سؤالا مخزيّاً، حدّ أني رغبت أن أتبوّل عليه من خلف شاشة الحاسوب، لولا معرفتي أن من سيتضرر بالبلّل، هو حاسوبي وليس العفن الذي سأل السؤال

ــ ما في بنات جميلات يوم ما آجي يفرفشوني شوية

الخنزير ظن أني قوّاد.. فهو لم يسألني عن شاطئ أكادير.. ولا سألني عن ثلج إفران.. ولا عن ساحة جامع الفنا بتعابينها.. ولا عن حمّامات مولاي يعقوب الدافئة.. ولا عن ميراللفت وسحر رمالها ليلاً.. كل هذا لم يغّره، كل ما أغراه بالمجيء للمغرب، هو بناتها الجميلات على حدّ تعبيره، وخلفه يجرّ “التقليد” ليوم الدين.

وجدتني حائراً في الردّ عليه. فالرجل لا يقول إلا الصراحة التي نهرب دائما من تقبّلها، وهو لم يفعل شيء، سوى أن نقل لي ما أخبره به بعض أصدقائه الذين سبق لهم أن زاروا المغرب، ولم يغادروا فنادقهم، وعادوا منتشين بمناظر “لحمية” تُبهج النفس وأشياء أخرى. ثم لم تترك لي سمعة بناتنا، النّاصِعة جداً، مجالا للدفاع عنهن، فهن لا يفوّتن فرصة في منح صورة مشرفة على البلد لدى اخواننا الخلجيين. حِرتُ فيما سأقوله له، فليس لي إلا الصمّت أمام قوة براهينه المتمثلة في صور عارية لفتيات مغربيات أرسلنها له على الواتساب، وهو يرسل لي الصورة، يتبعها بضحكة ساخرة على رخصِ سعر بناتنا وسهولة انقيّادهن. حزّ في نفسي الأمر، أن ينظر لنا خنازير الخليج من ثقب فرّوج نسائنا، أن يختصروا مساحة البلد، في ثقب صغير بحجم حُفرةٍ يسكنها النمل الأحمر

الأمر مخزٍ فعلا، فلا غرابة أن يكون طلب السعودي الجَلّفْ، فتاة تمضي معه لياليه الحمراء هنا، فهو يعرف أن سيجد الكثيرات مستعدات لأن يبعن أنفسهن، ويقبلن بأن تهيّن كرامتهن، ومعها يُهان البلد، مقابل حفنة من المال

وبعض العفيفات القليلات ظللتُ أفكر في كيف سأقتصّ منه. سأرد عليه لسبب واحد ووحيد، هو أني أريد أن أدافع عن أمي وشقيقتي فقط، أما البقية فلا يعنيني أمرهن.. وفي غمرة التفكير وجدتني أقول له

ــ أُجلب شقيقتك معك ولو وجدناها جميلة، سنعمل معك مقايضة لبضعة أيام

ولا أعرف بعدها ما قال، لأني كنت قد رميتُ بحسابه العفن في مزبلة “البلوكاج”
البلوكاج الفايسبوكي.. وليس الحكومي بطبيعة الحال..