منوعات

أخطر قرصان في العالم.. ثمنه 3 ملايين دولار

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لكل من مايكل شوارتز وجوزيف غولدستين، يتحدثان فيه عن جرائم وحياة القرصان الإلكتروني الروسي يفجيني أم بوغاتشيف، الذي يعد بالنسبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي” من أكثر الأشخاص المطلوبين في عالم الجريمة الإلكترونية.

ويشير التقرير، إلى أن “أف بي آي” أعلن عن جائزة ثمينة بقيمة ثلاثة ملايين لمن يقبض على بوغاتشيف، لافتا إلى أن هذه الجائزة تعد أعلى جائزة توضع لملاحقة شخص متهم بجرائم الحاسوب، ويحاول المكتب ملاحقة خطواته والقبض عليه لو ضل طريقه من بيته في روسيا.

ويذكر الكاتبان أن الولايات المتحدة وجهت لبوغاتشيف تهما عدة، منها فتح شبكة من الحسابات المصابة بالفيروسات، التي يتمكن من خلالها سرقة ملايين الدولارات من الحسابات المصرفية، واستهداف كل شخص لديه مبلغ كاف للسرقة، والسرقة من شركة بيطرة في نورث كارولينا إلى دائرة الشرطة في ماساسوشيتس إلى قبيلة من الهنود الأصليين في واشنطن.

وتلفت الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما أعلنت في كانون الأول/ ديسمبر 2016، عن عقوبات على بوغاتشيف وأربعة آخرين، وذلك بعدما توصلت الإدارة إلى الدور الروسي في التأثير على مسار الانتخابات الأمريكية، حيث تقول الشرطة الأمريكية إن دوره في مجال الجريمة الإلكترونية هو ما جعله ملاحقا، ولا علاقة له بالقرصنة على مكتب اللجنة القومية للحزب الديمقراطي.

ويؤكد التقرير أن بوغاتشيف بالنسبة للروس يعد أكثر من كونه مجرما، فكان يدير شبكة من مليون حاسوب حول العالم، ويستطيع الدخول إليها، والحصول على معلومات عن كل شيء من صور الرحلات العائلية، إلى وثائق وعقود العمل ومقترحات للتجارة، ومعلومات شخصية سرية، مشيرا إلى أن أجهزة الحاسوب التي تعود لمؤسسات دول ومتعاقدين حول العالم كانت مخترقة ببرامج مصابة بفيروسات، و”لأن المؤسسة الروسية مهووسة بفكرة الأمن، فربما يعد بوغاتشيف فرصة لها للتجسس”.

ويقول الكاتبان إن “السلطات الروسية غضت الطرف عن نشاطات غوباتشيف، الذي كان يسرق المال، وكانت تبحث في المعلومات والملفات، وفي الحقيقة كانت تخطط لعملية تجسس واسعة يقوم غوباتشيف بها نيابة عنها”.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول من شركة الأمن الإلكتروني “فيكس إت”، قوله إن الروس كانوا مهتمين بالمعلومات العسكرية والأمنية المتعلقة بالقتال في أوكرانيا وسوريا، وكانوا مهتمين بالبحث في الأجهزة المصابة بالفيروسات في الولايات المتحدة، ويبحثون في الملفات التي تحمل عنوان “سري جدا” و”وزارة الدفاع”.

ويستدرك التقرير بأنه رغم أن الحكومة الروسية لديها وسائلها لجمع المعلومات من العالم الافتراضي، إلا أن الاستفادة من الجهود التي كان يقوم بها غوباتشيف، تقدم صورة عن الجهود التجسسية الروسية في وقت كانت فيه الولايات المتحدة وأوروبا تبحثان عن طرق لمواجهة الهجمات الإلكترونية المتقدمة، التي تقوم بتدمير البنى التحتية المهمة، وتعطل عمل المصارف، وتسرق أسرار الحكومات، وتؤثر في الانتخابات الديمقراطية.

ويجد الكاتبان أن عمق العمليات الروسية يظهر من الشخصيات التي استهدفتها إدارة باراك أوباما، وتضم أربعة ضباط في وكالات الاستخبارات العسكرية، المعروفة بـ”جي آر يو”، واثنين متهمين بالسرقات الإلكترونية، واسمهما على قوائم المطلوبين لـ”أف بي آي”، وهما روسي يعيش في لاتفيا اسمه ألكسي بيلان وبوغاتشيف، الذي يملك “أف بي آي” صورة له وهو يحمل قطة بنغالية منقطة، ويرتدي بيجامة مصممة على شكل جلد النمر.

من هو بوغاتشيف؟

وتفيد الصحيفة بأنه نظرا لعلاقة بوغاتشيف بعالم التجسس، فإنه لم يكن بحاجة للهرب، أو البحث عن طرق للتخفي، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إنه يعيش في منتجع أنابا على البحر الأسود، ولديه شقة كبيرة على الشاطئ، وربما يملك أخرى في موسكو، ولديه تشكيلة من السيارات الراقية، إلا أنه يحب استخدام سيارته الجيب تشيروك الأمريكية الصنع، ويحب الصيد، ويملك يختا.

ويورد التقرير نقلا عن القرصان الروسي إلكسندر بانين، قوله إن بوغاتشيف اشتكى من المسؤوليات الملقاة على عاتقه، وبأنه لا يجد وقتا كافيا لعائلته، لافتا إلى أن بانين كان مسجونا في سجن كنتاكي الفيدرالي؛ بتهمة التزوير على اتصال مع بوغاتشيف عبر البريد الإلكتروني، ويقول بانين: “ذكر مرة أن له زوجة وطفلان على ما أتذكر”.

ويكشف الكاتبان عن أنه بالإضافة إلى المعلومات القليلة المتوفرة عن غوباتشيف، فإنه كان يحب استخدام أسماء مستعارة، مثل: سلافيك، ولاكي12345، وبولينغسون، ولم يلتق العاملون معه وجها لوجه أو عرفوا اسمه الحقيقي، ويقول العامل في “أف بي آي” في بيتسبرغ جي كيث مولارسكي، الذي يقوم بالتحقيق في جرائم غوباتشيف، وأعد ملف الإدانة، إنه “كان دائما يشعر بالرهاب، ولم يكن يثق بأحد”.

وتبين الصحيفة أنه بسبب عدم وجود معاهدة تسليم المجرمين بين الولايات المتحدة وروسيا فإنه لم يتم ترحيله، وطالما لم يرتكب أي جريمة في روسيا فإنه لا مجال لاعتقاله، مشيرة إلى أن محاميه في أنابا أليكسي ستوسكي علق قائلا: “حقيقة أنه مطلوب من (أف بي آي) تمنعني أخلاقيا من قول أي شيء عنه”.

سطر

وينوه التقرير إلى أن سطرا في ملف لدى وزارة الداخلية الأوكرانية ساعد في أن يعمل بوغاتشيف تحت إدارة “أف أس بي/ خدمات الأمن الفيدرالي” مكتب التحقيقات الفيدرالي الروسي على رصد حركاته.

وينقل الكاتبان عن أوستن بيرغلاس، الذي كان مساعدا للعميل الخاص في الحرب الإلكترونية، قوله إن كون بوغاتشيف حرا طليقا محلا للدهشة؛ لأنه يقوم بمهمة المخابرات الروسية، سواء كان في مجال التجسس الاقتصادي أو التجسس الحقيقي، فهو يمنح الروس الفرصة للدخول على أجهزة الحاسوب المصابة بفيروسات، بالإضافة إلى أن الروس يستخدمون عددا من الأساليب الخبيثة لأغراض إجرامية، بما في ذلك “بلاك إنيرجي” للهجوم على أجهزة الحاسوب المعادية.

وتورد الصحيفة أن تسريبات “ويكيليكس” الأخيرة تكشف عن أن “سي آي إيه” لديها مجموعة من البرامج للهجوم، وبعضها تم إنتاجه في روسيا.

وينوه التقرير إلى أن مكانة بوغاتشيف تشير إلى المعركة من أجل تجنيد المواهب، فالعمل في الاستخبارات ليس مرغوبا به كما كان في فترة الاتحاد السوفييتي، حيث أن الدولة الروسية في تنافس مع الوظائف برواتب عالية في سيلكون فالي، لافتا إلى أنه في حملة تجنيد عرضت المخابرات على خريجي الجامعات رتبة ليفتنانت، وسريرا في غرفة ينام فيها أربعة آخرون، ولهذا اعتمد الكرملين أحيانا على ما يعرف بـ”الشبكة المظلمة” وغرف الحوار باللغة الروسية المتخصصة بالتزوير.

ويذكر الكاتبان أنه بحسب أوراق المحكمة، فإن غوباتشيف كان يقوم ببيع برامج خبيثة من موقع اسمه “كاردينغ وورلد”، الذي يشتري منه ويبيع عليه اللصوص أرقام بطاقات الائتمان المسروقة، مشيرين إلى أنه بدلا من إغلاق مواقع كهذه فإن المخابرات الروسية قامت باختراقها.

البداية

وتقول الصحيفة إن عمل غوباتشيف (33 عاما) بدأ قبل عقد من الزمان، وأدى إلى خلق برنامج خبيث اسمه “غيم أوفر زيوس”، الذي استخدمه مع المرتبطين به تحت اسم “بزنس كلاب”، حيث عملت المجموعة على مدار الساعة من أجل زرع فيروسات في شبكات من الحاسوب، واستطاعت “العصابة” الدخول إلى معظم الإجراءات الأمنية المتقدمة، حيث كان أفرادها قادرين على تحويل الأموال ونقلها إلى حسابات أخرى.

وبحسب التقرير، فإن بوغاتشيف أصبح ثريا بدرجة كبيرة، حيث امتلك فيلتين في فرنسا، ولديه قافلة من السيارات الراقية الجاهزة في أنحاء أوروبا كلها، بحيث لا يحتاج لاستئجار سيارة وهو في إجازاته، ويقول المحققون في نشاطات القرصان الروسي إن لديه ثلاثة جوازات سفر بأسماء مختلفة، يستطيع من خلالها السفر حول العالم، وفي ذروة نشاطاته كان بوغاتشيف يتحكم بما بين نصف مليون إلى مليون حاسوب، ولهذا اهتمت المخابرات به، ففي عام 2011 أو ما قبله.

وتلقى القرصان مطالب من المخابرات للحصول على معلومات، ليس عن المال والتجارة، ولكن ملفات لها علاقة بالجيوسياسة، بحسب شركة التحليل الأمني “فيكس إت”، في عام 2013، وعندما وافق الرئيس السابق أوباما على إرسال أسلحة وذخيرة للمقاتلين السوريين، تعرضت أجهزة الحاسوب التركية لفيروسات، وأصبحت شبكة بوغاتشيف محملة بالبحث عن “شحنات أسلحة” و”سلاح”، بالإضافة إلى أنه تم البحث عن “مرتزقة روس” و”مرتزقة من القوقاز”، وفقا للتقرير.

ويلفت الكاتبان إلى أنه مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، فإنه تم الهجوم على أجهزة الحاسوب الأوكرانية، خاصة وزارة الأمن “أس بي يو”، وعمليات بحث عن رسائل إلكترونية، بما فيها رسائل من الاستخبارات الخارجية الجورجية والخارجية التركية، مشيرين إلى أنه في الفترة ما بين آذار/ مارس 2013 وشباط/ فبراير 2014، كان هناك بحث عن ملفات عن “ملفات سرية” و”دفاعية” باللغة الإنجليزية.

وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن “أف بي آي” قام في صيف عام 2014، بعملية تعاون فيها مع عدد من الدول، حملت اسم “عملية توفار”، تم فيها إغلاق شبكة بوغاتشيف، وتحرير أجهزة الحاسوب التي أصيبت بفيروس “غيم أوفر زيوس” كلها.

عربي21