سياسة

عبد الرحيم العلام يكتب: على هامش الخطاب

– انتقد الملك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل يقترب من الدقة.

– كل شيء في نظر الخطاب لا يسير على نحو جيد باستثناء الفلاحة (التي هي من تدبير أخنوش) والطاقة المتجددة (التي تقع في خانة المؤسسات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك) والمعالجة الأمنية الناجعة والفعالة (التي يديرها السيد الحموشي).

-لا وجود لمتشددين ومعتدلين في مربع السلطة كما “يتوهم البعض”، بل كل شيء يسير في تناغم.

– الأحزاب السياسية هي المسؤولة عن الأزمات المتتالية، والمسؤولون المنتخبون هم الذين لا يتصرفون وفق أخلاق المسؤولية. بخصوص هذه النقطة نطرح هذه الأسئلة: هل ضمت الحكومات السابقة والحكومة الحالية الوزراء المتحزبون فقط؟ ألا يشكل الوزراء التكنوقراط أكثر من ثلث الحكومة: هل كان أخنوش في حكومة ابن كيران محزبا؟ وهل لبلمختار وحصاد وبوريطة علاقة بالأحزاب؟ هل وزير الداخلية عضو في التقدم والاشتراكية؟

– ماذا عن الأحزاب التي تنعت بالإدارية أليست من إنتاج السلطة وتعمل تحت رقابتها؟ ماذا عن الاتهامات التي توجهها أحزاب البيجيدي والتقدم والاشتراكية والاستقلال للسلطة متهمة إياها بالتدخل في الحياة الحزبية والتأثير على استقلالية الأحزاب؟

-ماذا عن المرافق والمؤسسات الموسومة بالاستراتيجية والتي يعين الملك رؤسائها من قبيل: المكتب الوطني للسكك الحديدية، والمكتب الوطني للمطارات، والمكتب الوطني للماء والكهرباء وغيرها من المؤسسات التي تعيش حالة البؤس هل الأحزاب السياسية هي المسؤولة عنها؟ ماذا عن الخروقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في حق المتظاهرين وعموم المواطنين هل المنتخبون السياسيون هم المسؤولون عنها؟ هل الأحزاب هي المسؤولة عن تردي خدمات السفارات والقنصليات؟ هل يخضع العمال والولاة والقياد للمنتخبين أم أن المعادلة مقلوبة؟

– جاء في الخطاب أن القطاع الخاص جيد وواعد وأن القطاع العمومي يعيش أوضاعا صعبة، وأن شغيلة القطاع الخاص تتميز بالكفاءة والحافز، بينما يتقاضى الموظفون رواتبهم دون أداء العمل المطلوب، ويعملون بدون طموح لكنهم ينتظرون رواتبهم المضمونة في آخر كل شهر. نسأل أيضا: ما هي الظروف التي يعمل فيها مستخدمو القطاع الخاص؟ وكيف هي رواتبهم؟ وما هي محفزاتهم خارج الخوف من الطرد؟ وما هي قيمة أجور الموظفين العموميين ولماذا أصبحوا بدون حافز؟ وماهي أنواع قروضهم؟ وماذا عن القدوة الحسنة من طرف كبار المسؤولين الذين يقضون معظم أوقاتهم في السفريات والتنقلات والاجتماعات الوهمية؟ إذا كان القطاع الخاص أفضل، لماذا لا يتم تحويل التعليم إلى شركة خاصة يديرها السيد حصاد، وتحويل قطاع الفلاحة إلى شركة تعمل بالتدبير المفوض يرأسها السيد أخنوش ونفس الشيء بالنسبة لقطاعات الأمن والعدل والصحة والتعمير؟

ومع ذلك هناك بعض النقط الإيجابية في الخطاب أهمها تلك العبارة الجميلة والدالة: “… وعوض أن يبرر عجزه بترديد أسطوانة “يمنعونني من القيام بعملي”، فالأجدر به أن يقدم استقالته، التي لا يمنعه منها أحد”.

إنها رسالة واضحة لأولئك الذين صدعوا رؤوسنا بإكراهات السلطة وتناقضاتها وتدرجاتها، بينما واقع الحال أنهم “جبناء” لا قدرة لهم على تفعيل صلاحياتهم الدستورية ويختبئون وراء الأشباح التي إما أنها حقيقية أو متوهمة، على هؤلاء أن يمتلكوا زمام أمورهم وأن يتخذوا واحدا من الاثنين: تفعيل الصلاحيات والعمل بتجرد واستماتة أو امتلاك شجاعة الاستقالة. فإذا كنت يا سيد عثماني غير قادر على تشكيل حكومة منسجمة بدل هذه الحكومة المهترئة المتخاصمة مع بعضها البعض، واذا كنت غير قادر على تفعيل صلاحياتك الدستورية في اختيار الوزراء والولاة والعمال والسفراء والقناصلة وباقي المسؤولين الكبار، فما عليك إلا تقديم استقالتك بكل شجاعة؟ وإذا كنتم يا وزراء غير قادرين على العمل دون الخصوع للهواتف والتعليمات فالاستقالة أرحم؟ وإذا كنتم يا نواب الأمة غير قادرين على جر المسؤولين بكل رتبهم إلى قبة البرلمان من أجل محاسبتهم ومراقبتهم فقدموا استقالتكم؟ وإذا كنتم يا منتخبين محليين غير قادرين على مجابهة الولاة والعمال والباشوات الذين يعتدون على صلاحياتكم فارحمونا باستقالتكم وكفوا عن ترديد أسطوانة “يمنعونني من العمل”.