العمق TV، حوارات، سياسة، فيديوهات

الحلقة الكاملة من برنامج “حوار في العمق” مع كريم التازي

في هذا الحوار الخاص، ضمن برنامج “حوار في العمق” الذي يعده ويقدمه الزميل محمد لغروس، يفكك رجل الأعمال والفاعل السياسي كريم التازي أسباب فشل النموذج التنموي المغربي، حيث اعتبر أن السبب الأول في ذلك يعود إلى طبيعة النظام السياسي الذي وصفه بـ “الهجين”.

وفي الحوار الكامل:

هل يمكن أن يكون المرء ليبراليا واشتراكيّا ويدعم الإسلاميين في آن واحد؟

أظن أن الأمر ممكن. غير أن ذلك مرتبط بتعريفنا لما تعنيه الليبرالية والاشتراكية. فالاشتراكية ما بعد انهيار جدار برلين ليست هي نفسها في زمن الاتحاد السوفياتي وما بعد الحرب العالمية الثانية. اليوم لا يمكن لأحد أن ينكر أن مفهوم السوق هو الذي أصبح يتم التعامل به عالميا، فحتى الصين التي يُسيّرها حزب شيوعي فإن نموذجها الاقتصادي يمكن وصفه بـ “الليبرالي المتوحش”. وإذا أردنا أن نقارن مثلا بين الصين والسويد فإن اقتصاد الأخيرة تقريبا اشتراكي؛ حيث يوجد حرص على العدالة الاجتماعية ولكن في إطار اقتصاد السوق، فيما تعمل الدولة على حفظ المواطن من الجانب الوحشي لليبرالية.

فإذا وصفتني بأنني ليبرالي وأنني أومن باقتصاد السوق فأنا حقيقة ليبرالي أُومن باقتصاد السوق، ولكن هل أنا أُومن بالليبرالية الوحشية التي تعتمدها الصين أو الولايات المتحدة رغم خصوصيات كل دولة على حدة، فأنا أومن بأن الدولة لها دور مهم ويجب أن تلعب ذلك الدور في حفظ المجتمع من وحشية الليبرالية وهذا يتجلى من خلال الأهمية التي تعطي للقطاعات الاجتماعية من قبيل التعليم والصحة والسكن والثقافة والتشغيل. لذا فأنا لا أجد أي تناقض بين قناعة اقتصاد السوق والقناعة بضرورة تجنّب المشاكل التي ترافق الليبرالية المتوحشة.

مفهوم اليسار اليوم، إذا تجنبا الحديث عن مفهوم اقتصاد السوق أو الاقتصاد الشيوعي، مرتبط بطريقة رؤيته للقضايا المجتمعية عن رؤية المحافظين، وهنا نأخذ المرأة كمثال. فالموقف من قضية المرأة في المجتمع وحقوقها في العمل والزواج وفي قضية الإرث التي حدث بشأنها مؤخرا جدلٌ كبير، هي أمور أعتبرها أمور حيوية ومصرية تعبر عن الموقف التقدمي، وذلك بالإضافة إلى موقفي من العدالة الاجتماعية والانفتاح على الدول والحضارات الأخرى، وغيرها من القضايا التي لا أجد فيها أي اختلاف بين وجهة نظري وبين وجهة نظر رفاقي في حزب الاشتراكي الموحد.

كيف وفقت بين الأفكار الليبرالية ودعم الإسلاميين في 2011؟

يجب أن نذكر بالسياق، وحينها سنفهم. المغرب كان قد خرج لتوه من حراك 20 فبراير والربيع العربي وكان هناك دستور جديد أحدث أملا كبيرا في التغيير، وحدثها بعدها الانتخابات التشريعية. وهنا يجب أن أذكر أولا أن حزبي الذي كنت دائما أتعاطف معه قرر أن يقاطع تلك الانتخابات، فلو شارك الحزب الاشتراكي الموحد حينها لقُمت بالتصويت عليه. هذا من جهة. أما من جهة ثانيا، فقد كنت أمام اختيارين؛ إما التصويت لأحزاب G8 التي كانت سببا في وصول المغرب إلى 20 فبراير، أو التصويت لحزب العدالة والتنمية الذي لم يكن لي منه موقف أيديولوجي أو حكم مسبق، حيث كان حينها يمارس عملا مثاليا على مستوى تطبيق الديمقراطية الداخلية وكان يتحدث بخطاب كنا نثق به غير أنه اتضح فيما بعد أنه خطاب كاذب.

قررت حينها التصويت لحزب العدالة والتنمية لأنني لم أرد أن أقاطع الانتخابات، وكنت أقول أنه يجب ألا نحكم عليهم بشكل مسبق وأن نمنحهم الفرصة، فأما أن ينجحوا أو يفشلوا مثل الأخرين، وحينها سأصوت في الانتخابات المقبلة لحزب آخر. تصويتي لحزب العدالة والتنمية لا يعني أنني انخرطت في الحزب، لقد كان تصويتا واحد غير أن النتيجة لم تكن مرضية وكانت هناك خيبة أمل وطويت الصفحة.

هل كانت هناك محاولات من أجل إقناعك بالانضمام لحزب العدالة والتنمية؟

التازي: لا، فأنا عندما قررت التصويت على البيجيدي كنت أقول “رغم أنني علماني فإني سأصوت على حزب العدالة والتنمية”، وهذا الأمر جعل الأمر واضحا كل الوضوح.

ما تعريفك للنموذج التنموي، وما هي أسباب فشله بالمغرب؟

أنا أشكرك على هذا السؤال، لأن مفهوم النموذج التنموي مزال غامضا. فإذا سألنا عددا من المواطنين عن مفهومه فإن عددا كبيرا لن يعرف كيف يجيب. لذا فليس هناك بأس في أن نوضح ماذا نعني بالنموذج التنموي والتطرق بعدها لمشكلة النموذج التنموي المغربي. النموذج هو جميع الاختيارات فيما يخص السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقوم عليها الدولة. فمن الناحية السياسية هناك نموذج ديمقراطي وهناك نموذج سلطوي استبدادي، ومن الناحية الاقتصادية هناك نموذج شيوعي وآخر ليبرالي. ما يهمنا هنا هو ماذا يريد أن يقول الملك عندما أعلن أن النموذج المغربي فشل؟ وهنا اعتبر أن ذلك الخطاب الملكي هو خطاب تاريخي، وأهميته تماثل خطاب 9 مارس، وكنت أفضل لو جاء خطاب النموذج التنموي قبل خطاب 9 مارس في 2011، حيث كان الإعلان عن فشل النموذج هو الذي يجب أن يؤدي إلى خطاب 9 مارس ومراجعة الدستور، ولكن للأسف هذا وقع عندنا بالقلوب.

الإعلان عن فشل النموذج التنموي، يعني من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فشل الاختيارات التي اعتمدناها من أجل التقدم إلى الأمام. وإذا أردنا أن نعطي مثالا لتفسير قضية النموذج التنموي المغربي فيمكن تشبيه ذلك بباخرة كبيرة، فيها ركاب (أي الشعب) وتتوفر على طاقم وقائد ومحرك. فإذا أردنا أن ننظر لمكونات هذه الباخرة فإن محركها هو الاقتصاد، وكل ما يتعلق بركاب الباخرة فهو النموذج الاجتماعي وكل ما يتعلق بالقائد والطاقم هو النموذج السياسي. وهنا فالمهم في الخطاب التاريخي للملك هو أنه لم يتحدث عن نموذج واحد بل تحدث عن النموذج التنموي ككل. وهو ما يعني بأن الملك يعتبر بأنه لا يمكن التفريق بينما هو سياسي واقتصادي واجتماعي.

وإذا رجعنا إلى مثال الباخرة سنجد أن محركها ضعيف للغاية لأن الطاقم لا يعرف كيف تعامل معه، وهو ما يتسبب في أن تسير الباخرة بسرعة ضعيفة، حيث يحيلنا هذا الأمر إلى معدل التنمية في البلاد حيث يلزمنا معدل نمو لا يقل عن 8 بالمائة في حين لا نسجل إلا 2 أو 3 في المائة. أما عن مسألة الركاب، فإنه في جميع دول العالم هناك صنف أول أي الأغنياء ويكون قليل جدا، وهناك فئة ثانية عريضة وهي الفئة المتوسطة، وفئة ثالثة قليلة جدا أيضا وهي الفئة الهشة. ولكن في النموذج المغربي نجد أن الأمر شبه معكوس. حيث نجد أن الدرجة الأولى في الباخرة كبيرة جدا غير أن ركابها قليلون ويتمتعون برفاهية لا يمكن تصورها، وأغلب هؤلاء الركاب يتواجدون في الدرجة الأولى فقط لأنهم من أصدقاء الطاقم ولم يصلوا لتلك الدرجة بعملهم وكدهم.

أما الدرجة الثانية فضيّقة ولا يوجد فيها إلا فئة قليلة من الطبقة المتوسطة، غير أنها تعيش في نوع من الخوف لأنه قوتها الشرائية مُست وتخاف أن تسقط إلى الدرجة الثالثة أو الرابعة، فالفئة الوسطى هي الفئة الحيوية في أي مجتمع، ونحن فشلنا في أن نجعل من أغلبية السكان ضمن الطبقة المتوسطة. فعوض أن يوجد أغلب ركاب الباخرة في الدرجة الثانية نجب أن الأغلبية توجد في الثالثة أو الرابعة وأحيانا في الطابق السفلي للباخرة. وهذا الأمر لا يمكن أن يدوم وأن تستمر عليه الدولة. لذلك مثلا فسكان جرادة والحسيمة الذين يوجدون في الطبقات السفلى بدؤوا يدقون ويصرخون بأنهم تعبوا. فلماذا حدث هذا؟ لأن سكان هؤلاء الطبقة يعرفون ماذا يحدث في الفوق ويعرفون أن الباخرة لا تسير بالسرعة المطلوبة لذلك لم يظلوا ساكتين.

لماذا نموذجنا التنموي غير صالح، لأن خدماتنا الاجتماعية فاشلة. فما كنا لنصل لهذا الوضع لو لم نفشل في التعليم والصحة … هذا الفشل الاجتماعي هو الذي جعل الطبقة المتوسطة أقرب إلى الفئات الهشة لأنها مضطرة إلى الدفع من أجل تدريس أبنائها والدفع من أجل الحصول على العلاج والحصول على السكن. ولهذا أنا اعتبر أن الخطاب الملكي كان تاريخيا وثوريّا، لأنه يعترف بأن هناك فشل في النموذج التنموي ويقر بأنه لا يمكن التفريق بين فشل النموذج الاقتصادي والاجتماعي وبين فشل النموذج السياسي، وهو ما يعني أن طاقم الباخرة لا يعرف كيف يتعامل مع صيانة المحرك ولا يعرف كيف يجعل أغلب الركاب في الدرجة الثانية. فالطاقم (أي النموذج السياسي) هو المسؤول عن سلامة المحرك والركاب. وهو ما يعني أن الملك ينادي بمراجعة النموذج التنموي ككل، فيما فيه النموذج السياسي الذي أوصلنا إلى هذا الفشل.

ما موقع الأحزاب والمجتمع المدني في فشل النموذج التنموي المغربي؟

هنا يجب أن نركز على النموذج السياسي المغربي إذا أردنا أن نفهم دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في هذا فشل النموذج. فنموذجنا السياسي منذ البداية هو نموذج هجين، فهو ليس ديموقراطيا وليسا استبداديا، فهو يحاول الحفاظ على مركزية القرار في القصر وفي نفس الوقت يحرص على محاولة إظهار واجهة ديمقراطية (برلمان – أحزاب – انتخابات …)، وهذا النموذج هو الذي أوصلنا إلى هذه الحالة. وإذا أردنا ألا نتحدث لغة اخشب، فإنه لا يوجد في العالم، من غير دول العالم الثالث، إلا نموذجين سياسيين اثنين، الأول سلطوي استبدادي غير أنه يتوفر على نجاعة اقتصادية ويتمثل في الصين، التي استطاعت أن تحقق معجزة اقتصادية، حيث استطاعت على مدار 30 سنة أن تحقق نسبة نمو لا تقل على 8 بالمائة، وهو ما يمكن سنويا ملايين الصينيين من الخروج من الطبقات الهشة إلى الطبقات المتوسطة. أما الثاني فهو الهند التي تتوفر على نظام ديموقراطي حقيقي، غير أنها لم تستطع أن تحقق التقدم الذي حققته الصين، لكنها تتوفر على حقوق الإنسان وحرية الصحافة وتداول سلمي على السلطة، إلا أنها في الفترة الأخيرة بدأت تتقدم وتحقق نسبة نمو سنويا تتجاوز 6 في المائة. ولكن نحن في المغرب فشلنا لأن نموذجنا الهجين هو السبب في ذلك.

إذا أردنا أن نفهم دور الأحزاب المغربية في فشل النموذج التنموي المغربي، فيجب أن نتعمق في فهم النموذج السياسي المغربي. فنموذجنا الذي يمكن وصفه بـ “السلطوي” يعمل بواسطة ثلاثة ركائز؛ أولا فالنظام السياسي ومن أجل ضرورة الحفاظ على الواجهة الديمقراطية والتصدي للأحزاب الوطنية عمد إلى تشكيل تحالف تاريخي بينه وبين الأعيان وذلك في نطاق تبادل المصالح، والتبادل كان سهلا، حيث يطلب منهم النظام القضاء على الاتحاد الاشتراكي مثلا أو البيجيدي مقابل أن يتركهم يفعلوا ما يشاؤون كبرلمانيين أو منتخبين. أما الركيزة الثانية فتتمثل في احتكار وسائل الإعلام العمومية، وذلك بهدف منع الطبقات الهشة من معرفة ماذا يحدث، في حين تتمثل الركيزة الثالثة التي يعتمد عليها في الجهاز الأمني القوي الذي يتحكم في البلاد.

ولكن ما الذي حدث؟ الذي حدث هو أن الركيزة الأولى أي التحالف مع الأعيان فشلت وخاصة في 2011، وذلك عبر فوز العدالة والتنمية الذي لا يعني فوزه كحزب، وإنما هو هزيمة للأحزاب الإدارية التي ملّها المغاربة وهو ما يجعل التحالف ينهار. وفي الحقيقة فهذا التحالف هو التي تسبب في الضرر للمغرب، لأن منه نشأ الفساد والريع. فهؤلاء لا يتقدمون للانتخابات من أجل خدمة الوطن بل من أجل خدمة مصالحهم الشخصية فقط. أما الركيزة الثانية المتمثلة في الإعلام فقد فشلت بفعل التكنولوجيا الجديدة التي أصبح معها المواطن لا يتلقى الأخبار بل هو من ينتجها. فالمغربي اليوم لم يعد ينتظر نشرة الأخبار الرئيسية بل أصبح يطّلع على كل شيء بفضل مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الاخبارية. وهذا ما يعني أن النموذج كله انهار.

أما الركيزة الثالثة فهي الركيزة الأمنية، التي أصبحت تتحمل العبئ كله لوحدها. فالفشل الاقتصادي الذي حدث جعل الناس الذين في الأسفل يصرخون فيما لم يعد للدولة من وسيلة لمواجهتهم سوى استعمال القبضة الأمنية. حيث أضحى الأمن يجد نفسه مباشرة أمام الساكنة.

هل يمكن لحزب الأحرار أن يلعب دور البام في الوصول إلى رئاسة الحكومة سنة 2021؟

لا يمكنني الحكم مسبقا عن حزب الأحرار، لذلك لا أريد أن أتحدث عنهم. غير أن ما يمكنه أن أقوله هو أن عددا من المغاربة متخوفون مما سيأتي، وعدد من المغاربة يتساءلون، هل في الوقت الذي طوينا فيه للتو صفحة حزب البام نريد أن نفتح مرة أخرى صفحة حزب التجمع الوطني للأحرار؟ ألم نتعلم شيئا؟ هل في الوقت الذي يعلن فيه الملك فشل النموذج التنموي بما فيه السياسي نريد أن نعيد نفس القصة بواسطة حزب دولة جديد؟ هذا الأمر لا يدعو للارتياح.

ما تعليقك على قضية الصحافي توفيق بوعشرين؟

قضية بوعشرين هي قضية خطيرة جدا، وبطبيعة الحال لا يمكننا أن نقلل من خطورة التحرش الجنسي، خصوصا نحن كيساريين، وإذا كان هناك فعلا تحرش حقيقة فإنه يجب أن يكون هناك عقاب، ولكن الذي نطلبه نحن هو أن تكون هناك محاكمة عادلة وإلى يومنا هذا نرى كيف تم بناء الملف وكيف كان الاعتقال ويمكننا أن نشكك ولكن عندما يتم تغيير النظر، لأن الأمر لو تعلق ببوعشرين لوحده سنقول أن الأمر صدفة ولكن قبل بوعشرين بـ15 يوما، كان رشيد البلغيتي وقبل هذا الأخير بعام أو عامين كان هشام المنصوري والمعطي منجب وهشام الخربشي ومرية مكريم، وقبلهم علي أنوزلا وهناك من غادر البلاد كبنشمسي وبوبكر الجامعي وعلي المرابط، نحن نرى أنه ليست هناك رغبة للسماح للصحافيين ليقوموا بدورهم بكل حرية، بالعكس هناك رغبة للتضييق عليهم.

ما تعليقكم على ما يحدث مؤخرا من تطورات في قضية الصحراء؟

نفس المسألة أشرت لها وقت كنا نتحدث عن النموذج التنموي، فقضية الصحراء لا يمكن تناولها بدون أن يتم وضعها في سياقها العام، وما الذي كان هذا السياق، سنوات والمغرب كان يتواجد بصحرائه يشتغل، ووجوده كان فيه ما هو سلبي وما هو ايجابي، كانت هناك استثمارات مهمة بالصحراء ولكن نعلم بأنه كانت هناك أغلاط كبيرة وتم الاعتماد على الأعيان والصفقة التاريخية للسلطان مع الأعيان والفساد والريع.

من جهة أخرى البوليساريو مدعم من طرف الجزائر ويحارب وجود المغرب على الصعيد الدبلوماسي ويحاربه بسهولة وبنجاح لأن المغرب ترك الساحة الدبلوماسية وخرج من الاتحاد الإفريقي ولم يكن يعمل على الصعيد الدبلوماسي بفعالية، إذن ما الذي وقع، أن المغرب عندما فهم أن سياسته كانت خاطئة، وهنا نتذكر تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية والحملة الدبلوماسية التي قام بها المغرب في إفريقيا وفي باقي الدول، هذا العمل الجديد الذي قام به المغرب خصوصا في أفريقيا والذي توج برجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي أدى إلى سحب عدد من الدول الاعتراف بالبوليساريو وأدى إلى كسر الموازين التي كانت.

فمن طبيعة الحال أن البوليساريو ترى أن المغرب يتقدم على الساحة الدبلوماسية، وكانت هناك انتصارات حقيقية على الصعيد الاقتصادي بإفريقيا، وأما في الواقع لا شيء تغير، فأظن أن هذه التحركات هي تقريبا إذا أردنا أن نقول هو اختيار اليأس لأن لم يبقى لديهم ما يقوموا به.

يجب أن نرى أيضا من يدعم البوليساريو، الجزائر منذ انهيار البترول وهي في أزمة خانقة والنظام يوجد في حالة صعبة جدا، وبطبيعة الحالة عندما تكون في هذه الحالة وتريد أن توحد الصفوف فيستوجب الأمر صناعة عدو، فإذن في قضية الصحراء مهما كان اختلافاتنا مع الدولة المغربية فنحن كمواطنين كمجتمع مدني وأحزاب سياسية تقدمية موحدين فيما يتعلق بالوحدة الترابية.

اتحاد مقاولات المغرب “الباطرونا” مقبل على الانتخابات التي ستغير الرئيسة الحالية مريم بنصالح، وهناك حديث على أن اسم مزوار مطروح ضمن المرشحين، أنت كأحد الأعضاء كيف ترى ذلك؟

للأسف ترشيح صلاح الدين مزوار يدخل في النموذج التنموي الذي أعلن الملك فشله وهو النموذج الذي كان يقول عليه بنكيران بالنموذج التحكمي، ومن أين أتى مزوار؟ من حزب التجمع الوطني للأحرار الذي نتخوف منه أن يكون هو حزب الدولة الجديد، هذا من ناحية التحليل السياسي، وهذا نموذج قديم قد مات.

ثانيا هناك شروط لرئاسة الباطرونا من بينها أنه لن يتقدم للرئاسة إلا شخص مقاول وماذا نعني بمقاول أي الذي يغامر بأمواله، وهي مغامرة حقيقية واقتصادية، وأنا أظن أن أهم شرط من أجل أن يترأس شخص ما الكونفدرالية يجب أن يكون مقاولا صغيرا كان أو كبيرا وليس هناك فرق لأن من يغامر يغامر دائما ويرى المحنة الحقيقية وهذا الذي يمكن أن نقول عنه مقاول، ولكن هل هذا الشرط متوفر في صلاح الدين مزوار، إذن ماذا سنقوم به؟ هل سنقوم مرة أخرى باللعب في القوانين، وهذا هو النموذج الفاشل الذي تحدث عنه الملك إذن هل سنكرره هنا أيضا؟

ما هو تقييمك لسنة من عمر حكومة العثماني، وست سنوات من تواجد البيجيدي في الحكومة؟

للأسف لا يمكننا أن نقول عن التقييم إلا أنه سلبي، وكنت قلتها وصرحت بها عدة مرات لم نكن كرجال أعمال ولا مناضلين تقدميين ننتظر من العدالة والتنمية أن يحقق نجاح في المجال الاقتصادي لأنه ليس لديهم تجربة وكفاءات في ميدان التدبير الاقتصادي وما كنا ننتظره منهم هو الشروع في العمل في إصلاح النموذج السياسي في البلاد، لكن الذي تبين أن البيجيدي لم تكن عينه في أن يقوم بإصلاح النموذج.

البلاد كان فيها ناد فيه بعض الأحزاب التي تشارك في الكوميديا الديمقراطية ولكن حتى هو يريد أن يدخل لهذا النادي حيث يقول بأنه هو أكبر حزب في البلاد ويجب أن يكون لديه أكبر حق في الوليمة وعندما بدأت ولاية عبد الإله بنكيران كنا نرى ذلك أسبوعيا، ونحن صدمنا ببعض المواقف، وتسرعوا وأخرجوا دفاتر تحملات في الإعلام وظهرت وجوه تنتقد ذلك فتراجعوا عن ذلك وقبلوا بوزير السكنى نبيل بن عبدالله ليشرف على إعادة صياغة هذه الدفاتر ومن بعده جاء خطاب عفا الله عما سلف، وقضية مؤتمر الشبيبة في طنجة وكيف سمح بنكيران لوزير الداخلية بمنع حفله، وبعد ذلك جاء سحب الاعتماد لزميلكم عمر بروكسي وقضية أنوزلا وانسحاب الاستقلال.

والحزب الذي كانوا يصفونه بحزب الفساد ورموز الفساد والذي لن يتفقوا معه أبدا وسيرسلون مناضليه للسجن وهذا الحزب هو الذي أصبح حليفا داخل الحكومة وهو حزب التجمع الوطني للأحرار.

البيجيدي كنا ننتظر منه تنزيل ديمقراطي لدستور 2011 ولم يكن يدفعه أحد لمواجهة المؤسسة الملكية، وكم من وفد من رجال الأعمال رافقتهم بنفسي من أجل تناول العشاء في منزل بنكيران وله أن يكذبني، ولم يكن أحد يدفع الحزب لمواجهة المؤسسة الملكية الذي قلناه وقاله أناس آخرون أن هذه فرصة تاريخية أنتم الذين انتصرتم في الانتخابات ويجب عليكم أن تساهموا في التنزيل الديمقراطي لهذا الدستور، وهذا من ناحية الممارسة السياسية فمن طبيعة الحال ليس هناك سلطة في العالم التي لديها جميع السلطات في يدها وتتخلى عليها.

في الحقيقة الذي تبين أن سي بنكيران لم يكن غرضه في الديمقراطية ولا في حرية الصحافة والحريات الفردية، هو فقط يريد مكانه في النادي وكان مشغولا فقط بأمر واحد وهو كسب ثقة الملك والباقي لا يهمه، إذن فهو يظهر للقصر وجها، وللرأي العام وجها أخرا وفي اجتماع الأمانة العامة يظهر وجها ثالثا، وهذا ما يسمى بكثرة الحيلة وقلة الحكمة، وهذه الحيلة قد تسعفك في عدد من المرات لكن بعد ذلك لن تبقى صالحة.

وأحسن حجة عندما تخلى عنه القصر من دافع عليه هل هناك من خرج للشارع من أجله هل بكى عليه أحد وهل دافع عنه أحد لا شيء من ذلك كان، وليس للأمر علاقة بالخوف هل سي محمد أيت يدر يخاف أو نبيلة منيب تخاف وهل نجيب أقصبي يخاف، هل هؤلاء يخافون من أي شيء، ولا أحد أشفق على حال بنكيران آنذاك.

عبد الإله بنكيران من طبيعة الحال لديه براعة خطابية ويعرف كيف يتكلم وجلب انتباه الرأي العام، هذا شيء، ولكن البراعة في الخطاب لا تعني القدرة في تدبير الشأن العام.

البعض هنا قال بأن بنكيران لديه رؤية ووجهة نظر حزب ويطبق برنامجه وما يؤمن به هو وكأن به يقول بأن بعض الأشخاص يريدون أن يطبق ما يريدونه هم، في حين أن عدد من الأحزاب لم تنجح في ذلك وهو الذي تصدر الانتخابات ويقوم بتطبيق برنامجه؟

هذه تناقضات داخلية في البيجيدي إذا لم يرقهم الأمر كان عليهم الخروج من الحكومة، أمينهم العام هو من ربح الانتخابات وكان هو المفروض أن يتم تعيينه رئيسا للحكومة، ولكن لم يعينه القصر إذن فإذا لم يرقهم ذلك كان عليهم أن ينسحبوا ويستقيلوا.

الخلفي قال مرة جوابا على سؤال حول موضوع التراجع عن دفتر التحملات أن المستقلين لا يصنعون الإصلاح؟

أي إصلاح قاموا به أولا، في الحقيقة هم يريدون فقط ربح الوقت لأن الإدارة يجب ملؤها بمناضلي الحزب ويعينوا رجالهم ونساءهم في كل مكان، ليست هناك أي إرادة للإصلاح.

حكومة العثماني سنة على التعيين الملكي والتنصيب البرلماني كيف تقيّم حصيلتها وما هي الفروق التي يمكن أن ترصدها ما بين سعد الدين العثماني وبنكيران؟

لن أعطيك تحليلي بل تحليل جميع الناس، هذه الحكومة لم نفهم بعد محلها من الإعراب ماذا يترأس العثماني نصف الحكومة أو الربع أو الثمن، هناك من يقول أن الرئيس الحقيقي والفعلي للحكومة هو سي عزيز أخنوش، إذن فالحكومة فيها ثلاثة أو أربعة أطراف، هناك طرف للعدالة والتنمية، وطرف اقتصادي لوزراء الأحرار هي الصناعة والتجارة والفلاحة وهناك الجانب الأمني الذي يستقل عن كل ذلك، ويسيره جهاز الدولة.

هذا بالرغم من أن العثماني قال بأنه هو رئيس الحكومة الوحيد، وأخنوش الذي قال بان العثماني هو رئيسه؟

هذا مجرد كذب ولغة الخشب أنا أعرفك بأنك لا تؤمن بلغة الخشب نحن نعلم بأن العثماني يحكم فقط نفسه ووزراءه.

هناك حديث حول الزيادة في الأجور، لا شك أنكم كباطرونا ورجال الأعمال هذا عادة ما يزعجكم ولا تحبذونه؟

لا بالعكس أنا أظن بأنه يجب أن نفرق بين مشكل الزيادة في الأجور ومشكل تنافسية الاقتصاد المغربي، إذا جئنا لنرى الحالة الاجتماعية للبلاد والضرر الذي تحس به الطبقة العاملة بهذه البلاد ففي الحقيقية نحن في حاجة للزيادة في الأجور ولكن لا يجب أن ننسى أن هذه البلاد فيها قطاع مهيكل هو الذي يتحمل الزيادة في الأجور والضرائب والضمان الاجتماعي وعند الزيادة في الأجور فان ذلك يضرب في تنافسيته.

أما القطاع الغير المهيكل الذي لا يقوم بأداء الحد الأدنى للأجور والضرائب والضمان الاجتماعي فيقوم بمنافستنا أكثر ونُضيع حصصنا في السوق لصالحه هو أو لصالح البضائع المستوردة من الصين واسيا.

إذن نفهم أنكم تطالبون أن يرافق هذا الإجراء مراجعة ضريبية أو اعفاءات؟

نحن ما نقوله هو أن تكون السياسة الاقتصادية للبلاد منسجمة إذا أردنا الزيادة في الأجور يجب أن نحارب القطاع الغير المهيكل ونحارب التهريب الذي يأتي عن طريق الصين ويكون هناك تنافس شريف وسليم بين المقاولات وآنذاك عيب علينا إن لم نقبل بالزيادة في الأجور.

شرت في غير ما مرة إلى ضرورة القيام بمصالحة وطنية، فما هي آلياتها وبرنامجها؟

لقد أوصلتنا التوترات الاجتماعية إلى الإعلان عن فشل النموذج التنموي. وأرى أن يكون هناك حوار وطني حقيقي وحر، وبعده أن نعلن عن إصلاح دستوري حقيقي متفق عليه، ثم نشرع في الإصلاحات الحقيقية. لكن للأسف الذي حدث هو أن المعادلة انقلبت، لكن الذي يهمنا هي بلادنا، و”وقتما جاء الخير ينفع”.

أتنمى كما طوينا صفحة الماضي الأليم لسنوات الرصاص في بدايات عهد الملك محمد السادس، أن نطوي صفحة النموذج التنموي الذي أعلن الملك محمد السادس عن فشله، وهذا يعني أنه يجب أن نطوي صفحة الريع، ونطوي صفحة الفساد، ونطوي صفحة تحكم التعليمات، ونطوي صفحة هشاشة وفشل الخدمات الاجتماعية.

إن قضيتي التعليم والصحة مسألتين حيويتين ولا شيء سيتحرك بدونهما. إذن هذا كله لن يتحقق إلا بإرجاع عنصر الثقة إلى هذه البلاد. فاليوم الأزمة الخطيرة التي يعاني منها المغرب هي أزمة الثقة، لماذا؟ لأننا نحن نعيش ركودا اقتصاديا، لأن المغاربة لا يستثمرون في مالهم لأنهم خائفون.

ثقة من في من؟

أقصد ثقة المغاربة في المؤسسات وفي النموذج، فمن عنده أي فرانك يظل حريصا عليه، وينتظر ما الذي سيقع في هذه البلاد، وهذا هو سبب الركود. إذن أنا أظن أنه يجب أن نطوي الصفحة، وأن نأخذ المبادرات من أجل حل الأزمة، وذلك لاسترجاع الثقة. وهذا يعني أن يتم تفكيك منظومة الريع، ونحن نعرف أن الريع منظومة مؤسسة في هذه البلاد، ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية من أجل تفكيكها.

كيف سيتم ذلك، فالكل يطالب بتفكيك الريع ومحاربة الفساد؟

الكل يتذكر قضية رئيس جماعة عين حرودة الذي وجدت في حوزته 17 مليارا، أتساءل أين جاء بهذا المبلغ؟ ومن يربح اليوم 17 مليارا بهذه الطريقة؟ لقد أخذها وسرقها من المستثمرين والمواطنين المغاربة، فمثل هؤلاء الناس هم الذين يقبضون هذه البلاد من عنقها وسيأكلونها.

قبل أن نصلح الاقتصاد المغربي يجب أن نحرره من الأغلال التي تحيط به، فالإدارة اليوم لا تأخذ أي قرار، ومنتخبين محليين والأعيان منشغلين ومهووسين بالسرقة، وإذا كان هذا وضع الاقتصاد فبطبيعة الحال لن يحقق أي نسبة نمو.

هل هناك علاقة بين السلطوية والفشل؟

أقول إن هناك علاقة مباشرة بين النموذج السياسي المبني على تحالف تاريخي بين السلطة والأعيان، وهو الذي أدى إلى تكوين الأحزاب الإدارية وإلى الفساد وأدى إلى الريع.

يجب أن نرجع للأولويات، فأولويات المغربي ليست هي المشاريع الكبرى، وليس هي البنيات التحتية، رغم أننا يجب أن نفتخر بالتقدم الذي حققه المغرب في ميدان البنيات التحتية، ولكن يجب الرجوع إلى أولوياتنا، وهي التعليم والصحة والسكن والعدل، فالموارد المالية التي تخصص اليوم لمجالات وقطاعات أخرى يجب أن توجيهها لأولويات البلاد وهي القطاعات الاجتماعية.

ويجب أن يكون هناك إجماع في هذه البلاد مضمونه أنه لا يمكن للاقتصاد أن يقلع إذا لم تكن هناك سيادة للقانون، لأن الاقتصاد الليبرالي مبني على الثقة، فعلى سبيل المثال إذا عقدت معك عقد بيع أو شراء، وطرأ حادث بين طرفي العقد فيجب ضمان حق الطرفين، وذلك بوجود قضاء مستقل ونزيه.

فاليوم ضمن الصفقة الكبيرة، هناك صفقة أخرى بين السلطة والقضاء، وهو أن أمثال بوعشرين وفلان وعلان يجب طحنهم حين صدور أوامر وتعليمات.

الفقرة الأخيرة نخصصها للتعليق على ثلاثة أسماء

نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال

هو رجل معقول ومحترم من مختلف جميع الفاعلين السياسيين، وقد دعوناه إلى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الرابع لحزبنا، ورحبنا به بكل فرح. بطبيعة الحال ننتظر ما الذي سيقوم به على رأس حزب الاستقلال، لأن هذا الأخير حزب وطني له أهمية تاريخية، وهو ملك كل المغرب، فهو حزب مهم. لما نرى الدرجة التي هوى إليها في السنوات الأخير لا يمكن إلا أن نتأسف على ذلك. فنحن ننتظر من نزار بركة أن يرجع لحزب الاستقلال قوته ومصداقيته.

إدريس لشكر، الكاتب الأول للولاية الثانية على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي

العكس، إدريس لشكر هو رمز كل ما فشل في هذه البلاد، وهو زمر الانتهازية ورمز الريع.

هذه تهم ثقيلة وسيطالبنا بحق الرد بكل تأكيد

امحند لعنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية؟

هو كشخص لا أعرفه، والكل يقول عنه إنه شخص ظريف ومحترم، لكن لا يمكنني أن أنسى أن حزبه هو حزب أعيان، وكان مشاركا في تحالف التاريخي الكارثي بين الدولة والأعيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *