مجتمع

العثماني: قانون-إطار التعليم غير مسبوق.. والمالكي: إصلاح مجتمعي

وصف رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بـ”المشروع الإصلاحي الهيكلي الذي يعد إخراجه، بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان، مكسبا تشريعيا غير مسبوق”، فيما أوضح رئيس مجلس النواب أن إصلاح التعليم هو مشروع مجتمعي، بينما اعتبر وزير التربية الوطنية أن هذا المشروع هو أول قانون-إطار في تاريخ التعليم بالمغرب.

جاء ذلك خلال ندوة وطنية نظمها مجلس النواب حول مشروع القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تحت شعار “من أجل تعبئة مجتمعية حول الإصلاح”، اليوم الثلاثاء، بمشاركة رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب والمستشارين ووزير التربية الوطنية، وعدد من الفاعلين والمختصصين.

مسؤولية جماعية

العثماني قال إن هذا القانون الذي يرتكز على الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين 2015- 2030، يروم المساواة وتكافؤ الفرص، من جهة، ومن جهة ثانية ضمان تعليم ذو جودة للجميع.

وأضاف أنه منذ بداية الولاية الحالية “شرعت الحكومة في تنفيذ مقتضيات ومرتكزات الرؤية الاستراتيجية على أرض الواقع، من قبيل تعميم التعليم الأولي، وتحقيق حد معقول للعدالة المجالية، والاهتمام بالأطفال في وضعية إعاقة، ومواصلة الجهود لمحاربة الهدر المدرسي ومحو الأمية، وتخصيص 70 ألف منصب شغل لقطاع التربية والتعليم، وذلك في انتظار المصادقة على القانون الإطار، الذي حاولنا إيصاله إلى البرلمان في وقت قياسي”.

وأوضح أن “قضايا التربية والتكوين لا ترتبط فقط بقطاع معين، بل تحتاج إلى تعبئة مجتمعية، فهي مسؤولية جماعية ومشتركة ولا يمكن القيام بها من طرف دون الآخر”، في إشارة منه إلى أن هذا “ورش معقد وصعب، ويحتاج إلى تعبئة واسعة، شأنه شأن باقي الإصلاحات الكبرى التي تتطلب انخراط المجتمع بأكمله”.

واعتبر رئيس الحكومة أن بلوغ أهداف ورش إصلاح التعليم لا يمكن أن يتم إلا بالعمل الجماعي، وأن “نؤدي دورنا في اللحظة الراهنة ونسلم المشعل لمن سيأتي بعدنا في وضع على الأقل أحسن مما كان عليه”، محذرا من أن النقد أمر سهل، وفي الوقت نفسه ضروري، لكن يجب أن لا يتحول إلى عملية هدم، بل أن يرافقه اقتراح الحلول والبدائل، حسب قوله.

إصلاح مجتمعي

من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، أن إصلاح الحقل التربوي والتعليمي “ليس ولا يمكن أن يكون إصلاحا قطاعيا، وإنما هو مشروع إصلاح مجتمعي بنيوي شامل”، مردفا بالقول: “ينبغي أن نكون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أكثر نزوعا نحو العقلانية والحكمة والجرأة والحسم في خيارات الإصلاح التربوي والتعليمي”، مشيرا إلى أن المؤسسة التشريعية لها دور في هذا الأفق.

وأوضح في الندوة أن هذا الإصلاح “يتطلب تعبئة كافة إمكانيات الدولة والمجتمع تعبئة وطنية حقيقية، ينخرط فيها الجميع بدون استثناء، من حكومة وأحزاب ونقابات وقطاع خاص ومجتمع مدني ونسيج أ سري”. مشيرا إلى أن مشروع القانون-الإ طار رقم 51.17 يأتي ليضع أولوية إصلاح منظومة التربية والتكوين في صدارة الأولويات الوطنية، كما هو منصوص على ذلك في الديباجة، موليا الاعتبار لالتقاء إرادات مختلف مكونات الأمة، دولة ومجتمعا.

واعتبر المتحدث أن “المدرسة المغربية أصبحت في حاجة إلى تجديد عميق وشامل في روحها وأدائها ومناهجها ومقرراتها وتعلماتها”، موضحا أنه “في ظل تحولات العصر والتغيرات السوسيولوجية والثقافية والعلمية والتكنولوجية الحديثة، أصبح علينا أن نطرح السؤال حول نجاعة النظام التربوي التعليمي وفعاليته، سواء من حيث الحكامة أو من حيث الأ داء الداخلي والأداء الخارجي”.

الأول في تاريخ المغرب

وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، قال إن هذا المشروع يعد أول قانون-إطار سيعتمد في تاريخ التشريع المغربي في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، مبرزا أنه يكرس مبدأ الشمولية في تفعيل الإصلاح، حسب قوله.

ويرى الوزير أن المشروع “يعتمد هندسة متكاملة ترتكز على مجموعة من المحاور الأساسية تهم على الخصوص – المبادئ والأهداف والوظائف الأساسية للمنظومة؛ ومكونات وهيكلة المنظومة؛ والولوج إلى المنظومة وآليات الاستفادة من خدماتها؛ إضافة إلى المناهج والبرامج والتكوينات؛ والموارد البشرية؛ وتمويل المنظومة”.

وكشف الوزير أن مشروع القانون-الإطار يعتمد مدى زمنيا لا يقتصر فقط على المدى القريب والمتوسط، موضحا أنه يتضمن جدولة زمنية مدققة، ترسم مسارا واضحا للإصلاح، بآجال محددة، وفق تعبيره.

وشدد على أن “هذا المشروع يروم إعطاء دفعة قوية للتعليم الإلزامي، من خلال سعيه إلى توسيع المدى الزمني لإلزامية التعليم، برفع السن الأقصى لهذه الإلزامية إلى 16 سنة بدل 15 سنة حاليا، إلى جانب إقرار إلزامية تمدرس أطفال الفئة العمرية من 4 و5 سنوات بالتعليم الأولي الذي سيتم دمجه تدريجيا في سلك التعليم الابتدائي”.

وأشار إلى أن هذا التوسع في قاعدة التمدرس، ستتم مواكبته بإعمال مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة الأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص، وكذا بدعم تمدرس الفتيات إلى جانب الأطفال في وضعية هشة، مسجلا أن مشروع القانون-الإطار يولي أيضا عناية خاصة لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، أو في وضعيات خاصة، لتمكينهم من حق التعلم، واكتساب المهارات والكفايات الملائمة لوضعيتهم.

وأضاف أن مشروع القانون-الإطار، يسعى إلى “تأهيل وتنويع العرض التربوي للتكوين المهني، من خلال تجديد التكوينات وتنويعها وملاءمتها بكيفية منتظمة مع تحولات النسيج الاقتصادي وتطور المهن”.

وبالنسبة للتعليم العالي، فيروم مشروع القانون-الإطار النهوض بهذا التعليم وبالبحث العلمي والابتكار كرافعة أساسية لتحقيق جودة التعليم، وتنمية الاقتصاد الوطني. كما يتوخى الارتقاء بأدوار الموارد البشرية من خلال تجديد مهن التربية والتكوين، وتمكين المنظومة من موارد بشرية مؤهلة، حسب المصدر ذاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *