مجتمع

أبو حفص: نعيش موجة ارتداد عن الدين .. والتعامل مع الإسلام يكون بالمقاصد

اعتبر الباحث عبد الوهاب رفيقي المعروف سابقا بـ”أبو حفص”، أن العالم العربي يعيش “موجة من الارتداد والنكوص عن الدين والاتجاه نحو اللاأدرية وأحيانا نحو الإلحاد”، مرجعا أسباب ذلك إلى حراك الربيع العربي في 2011 “الذي عرَّى كثيرا من الخطابات الدينية وكشف عن كثيرا من تناقضاته وأسقط عددا من الزعامات الدينية”، وفق تعبيره.

وأوضح رفيقي خلال مداخلة له في ندوة دولية حول موضوع “القيم والمؤسسات الديمقراطية.. ما الذي تغير في شمال إفريقيا بعد 2011″، مساء اليوم السبت بمدينة طنجة، أن موجة الارتداد هاته جاءت بعد حالة الإحباط الذي عاشها الشارع العربي.

وأضاف بالقول “بعض الزعامات الدينية استغلت الوضع في 2011 و2012 لترويج خطابات دينية من قبيل اقتراب النصر والتمكين والعزة، وهو ما لم يتحقق بل حدث العكس من سجون وخيبة أمل، ما ولَّد ردة فعل طبيعية ضد الدين والقيم التقليدية”.

وأشار المتحدث إلى أن “حجم التمرد على الدين في السنوات الأخيرة ارتفع بشكل غير مسبوق من طرف أفراد داخل المجتمعات الإسلامية”، موضحا أن ذلك يتجلى في التجرؤ على الرموز الدينية والتهكم عليه مع موجة من التوهل الفكري وانتشار فكر اللادينيين على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل المجتمع.

وشدد على أن التحولات التي يعيشها العالم الإسلامي على مختلف الأصعدة، جعلت المجتمعات المسلمة تتجه نحو الفردانية وعدم التدخل في شؤون الآخرين، حيث انتقل مفهوم الحريات الفرديات من الغرب الذي أنتجه إلى المسلمين حتى لدى الرافضين له، معتبرا أن قيمة الفردانية فرضت نفسها على المسلمين اليوم.

كما سجل رفيقي انتعاش فكر “داعش” حتى لدى فئة من الشباب الذين كانوا يؤمنون بالديمقراطية، لافتا إلى أن حالة الإحباط والتحولات التي عاشتها المجتمعات العربية بعد 2011 أدت إلى انتشار هذه الأفكار، مضيفا بالقول: “نرى اليوم أن دولا كانت تعتمد نسخة متشددة من الإسلام، غيرت من قيمها وأصبحت تقبل ما كانت تحرمه بالأمس مثل الغناء وغيره”.

وشدد الباحث على أن الإسلام في أصله يستوعب كل القيم بما فيها تلك التي لا تستوعبها نظم كونية أخرى، وذلك عبر الفكر المقاصدي للدين الذي اعتبره حلا لكل القضايا والإشكالات المطروحة في هذا الصدد، مردفا بالقول: “الالتزام بالمقاصد يجب أن يكون أمرا منضطبا وساريا على كل الأبواب وليس فقط في السياسة”.

ولفت إلى أن حركات الإسلام السياسي المشاركة في التسيير كانت أكثر الحركات التي واجهت تحدي القيم المتناقضة مع مبادئها، “لأنها دخلت لأنظمة تضم قيما تتناقض مع مرجعيتها”، مشيرا إلى أن مختلف القضايا التي تثير الجدل في الدين لم ينتجها الإسلام أصلا، حسب قوله.

وتابع قوله: “أنظمة الإرث والحدود لم ينتجهما الإسلام، بل كانت متواجدة قبل الإسلام، إلا أن الدين الإسلامي أدخل عليهما تهذيبا قيميا وأخلاقيا، ففلسفة الإسلام كانت هي اختيار أفضل ما كان مطروحا عند العرب”.

وأوضح في هذا الصدد، أنه “بالرغم من أن مكان نزول رسالة الإسلام بالجزيرة العربية كان يعرف ظلما واضحا للمرأة، إلا أن قبائل عربية أخرى كانت تعطي للمرأة حقها وتمنحها نصف ميراث الذكر رغم عدم مشاركتها في الحرب والنفقة، فجاء الدين بهذا النظام المتعارف عليه حينها في تلك القبائل باعتباره أفضل ما كان”.

يُشار إلى أن هذه الندوة أطرها إلى جانب أبو حفص، كل من البرلمانية بحزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين، وغزلان معموري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وحسن بناجح القيادي في جماعة العدل والإحسان، والفاعل السياسي كمال الحبيب، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة المصطفى المريزق الذي مثل حركة “قادمون وقادرون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *