أخبار الساعة، مجتمع

“قانون الصحافة والاتصال بالمغرب” إصدار جديد لعمر احرشان

صدر عن الباحث الأكاديمي المغربي عمر احرشان، كتاب جديد بعنوان “قانون الصحافة والاتصال بالمغرب.. دراسة تحليلية وتوثيقية”، حيث يُعرض الكتاب في رواق “إفريقيا الشرق” بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء.

الكتاب يسلط الضوء على تحولات الحقل الإعلامي بالمغرب، منذ تسعينيات القرن الماضي، والتي كان لها بالغ الأثر على أدائه لوظائفه الإخبارية والتثقيفية والتربوية والتأطيرية والتوعوية والترفيهية، مشيرا إلى أن هذه التحولات مست المجال القانوني والتنظيمي والتمثيلي والمؤسساتي والمهني والأخلاقي والاقتصادي.

الكاتب احرشان أوضح في كتابه أن المغرب أقر منذ بداية الاستقلال، وقبل إقرار الدستور، قانونا متقدما للصحافة مستوحى من القانون الفرنسي، اعتمد فيه نظام التصريح عوض الترخيص، والإيداع القضائي عوض الإيداع الإداري، والرقابة البعدية، قبل أن تمتد إليه يد التعديل والمراجعة والتتميم وتفرغه من طابعه التصريحي والتحرري وتجعله واقعيا تابعا للسلطة التنفيذية.

وأشار إلى أنه لا يمكن فهم النص القانوني بدون استيعاب لسياق إقراره، لأن النص القانوني، في النهاية، تعبير عن ميزان القوى في المجتمع ومحصلة لصراع المصالح وسطه، وهذه القاعدة تنطبق بشكل كلي على التحولات التي عرفتها الترسانة القانونية المؤطرة للحقل الإعلامي في المغرب، حسب رأيه.

وشدد الأستاذ الجامعي بجامعة القاضي عياض بمراكش، على أنه لم يتم التعامل مع الحقل الإعلامي من طرف السلطة السياسية كوحدة متجانسة وبنفس الطريقة، بل تم التمييز بين الإعلام المكتوب وبين الإعلام السمعي البصري.

يقول احرشان: “بالقدر الذي أقر فيه القانون حرية الصحافة المكتوبة، ظل الاحتكار العمومي سيد الموقف في قطاع السمعي البصري، حيث ظلت الدولة تحتكر هذا القطاع حتى سنة 2002 بعد إحداث الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري “الهاكا”، والذي اعتبر اللبنة الأولى والمحورية لتحرير الفضاء السمعي البصري، وبعد صدور المرسوم بقانون رقم 2.02.663 (10 شتنبر 2002) القاضي بوضع حد لاحتكار الدولة في مجال البث الإذاعي والتلفزي، وبعد صدور القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري”.

وتابع: “لتتوالى بعد ذلك خطوات التحرير والانفتاح المحدود والمتدرج والجزئي بسبب اقتصار التحرير على المجال السمعي دون المجال البصري وبسبب انحصار الرخص الممنوحة فيه على حالات قليلة لا تكاد تعد مقارنة، على الأقل، بالتراخيص الإذاعية. ويمكن القول بأنه جرى نوع من التقسيم، غير المتفق عليه مسبقا، حيث سيطرت المعارضة على الإعلام المكتوب والسلطة على الإعلام السمعي البصري”.

ولفت الكاتب إلى أنه هذه المرحلة عرف سيطرة المعارضة على الإعلام المكتوب من حيث التأثير والانتشار رغم وجود منابر كثيرة مدعومة ومقربة من السلطة ولكنها كانت قليلة، أو منعدمة، التأثير.

الكاتب الذي يتكون من جزأين، يسلط الضوء على التحولات القانونية والتنظيمية والمؤسساتية التي عرفها قطاع الإعلام والاتصال بالمغرب من خلال مقاربة قانونية توثيقية تحليلية تاريخية لمخرجات جهود تنظيم وتقنين وضبط هذا المجال.

فالجزء الأول يتحدث عن للصحافة المكتوبة ومعها الإلكترونية، مع العلم أن بعضا من النصوص تشمل كذلك الإعلام السمعي البصري، حيث تطرق الكاتب إلى الإطار الدستوري المنظم لهذا الحقل، وهو الإطار الذي عرف تحولات عميقة بعد المصادقة على دستور 2011 بما أقره من مكتسبات متقدمة وضمانات لحرية الصحافة مقارنة مع الدساتير السابقة.

وتناول أيضا الإطار السياسي المنظم لهذا الحقل متمثلا في البرنامج الحكومي ومخطط الوزارة الوصية وخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمرجعية الدولية المؤطرة لهذا المجال.

كما أشار إلى الإطار القانوني المنظم لهذا الحقل متمثلا في مدونة الصحافة والنشر بنصوصها الثلاث، وسلط الضوء على كل قانون من خلال دراسة مسطرة إقراره، حتى يتضح حجم الاهتمام ودرجة السلاسة التي طبعت هذه المسطرة، ومضامينه ومستجداته وإيجابياته وسلبياته، وكذا نصه المحين حسب آخر نسخة جاري بها العمل.

ودائما في الإطار القانوني، يقول احرشان: “تطرقنا للنصوص المنظمة لهذا الحقل من خارج مدونة الصحافة والنشر، وهي في أغلبها نصوص زجرية اتسع عدد موادها ومجالاتها بعد تعديل سنة 2016 بترحيل الكثير من المواد المتضمنة لعقوبات سالبة للحرية من قانون الصحافة والنشر إلى القانون الجنائي. وقد تطرقنا كذلك إلى نصوص أخرى”.

وأبرز الكاتب في مؤلفه الجديد الإطار التنظيمي المنظم لهذا الحقل متمثلا في المراسيم والقرارات والبلاغات والمذكرات التطبيقية التي صدرت لأجرأة مدونة الصحافة والنشر.

كما تناول الإطار المؤسساتي المنظم لهذا الحقل متمثلا في المرسوم المنظم للوزارة الوصية، والمجلس الوطني للصحافة كآلية للتنظيم الذاتي والديمقراطي والمستقل للصحافة، مضيفا: “لم يفتنا أن نتطرق للتطور الذي عرفته الوزارة، سواء من حيث التسمية أو التراتبية وسط الهندسة الحكومية أو العلاقة مع غيرها من الوزارات”.

الإطار الأخلاقي لممارسة الصحافة لم يكن غائبا عن الكتاب، حيث تطرف احرشان لميثاق أخلاقيات المهنة، وكذا للمحاولات السابقة لإقرار هذا الميثاق ومخرجاتها ولمختلف الآراء حوله، فيما أعلن أنه سيخصص الجزء الثاني من هذا الإصدار العلمي، بنفس المقاربة والمنهجية، لقطاع الاتصال السمعي البصري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *