مجتمع، مغاربة العالم

مغاربة بتركيا يكشفون لـ”العمق” أوضاعهم ويوجهون رسائل لدولتهم

تعد تركيا واحدة من البلدان الأكثر تضرراً في العالم من وباء كورونا المستجد، حيث بلغ عدد الحالات المؤكدة 3629 إصابة، بزيادة فاقت 1194 إصابة خلال الأربعة وعشرين ساعة الأخيرة، وارتفع عدد الوفيات إلى 75 شخصا، بحسب ما أعلن عنه وزير الصحة التركي يوم أمس الخميس 26 مارس الجاري.

ويعيش في تركيا نحو 22 ألف و500 مواطن مغربي، وقد تم تسجيل إصابة واحدة بفيروس كورونا لمواطن مغربي، الأحد الماضي، وهو يرقد في إحدى المشافي ويحظى برعاية ومتابعة من وزارة الصحة التركية

فكيف هي أوضاع الجالية المغربية المقيمة بتركيا على خلفية انتشار فيروس كورونا بهذا البلد؟ وكيف يمارسون وظائفهم اليومية؟ وماهي الإجراءات والتدابير التي اتخذتها سفارة المملكة في إطار تواصلها معهم؟ وماهي الرسائل التي توجهها للشعب المغربي قاطبة بالمغرب؟

دعت السفارة المغربية في بلاغ لها، أفراد الجالية المغربية المقيمة بأنقرة والمناطق التابعة لها، إلى المكوث في المنازل قصد العمل على الحد من انتشار هذا الفيروس الفتاك.

وقالت السفارة إن دعوتها جاءت بناء على خطورة وباء كورونا على صحة الإنسان وانطلاقا من المستجدات الخطيرة التي خلفها هذا الوباء الذي دفع السلطات التركية المعنية إلى دعوة المواطنين والأجانب إلى اتخاذ الحيطة والحذر.

وأعلنت السفارة في البلاغ ذاته، أنها ستعمل ابتداء من اليوم الإثنين 23 مارس 2020 على تقليص ساعات العمل وذلك من الساعة العاشرة صباحا الى الساعة الثانية بعد الزوال.

مغاربة ملتزمون بالحجر الصحي

يلتزم أفراد الجالية المغربية المقيمين بتركيا بكل التدابير والإجراءات الاحترازية التي كانت قد أعلنت عنها الحكومة التركية منذ بداية انتشار الفيروس بالبلد، شأنهم في ذلك شأن باقي الجاليات المقيمة بتركيا، امتثالا لأوامر السلطات التركية ودليلا على اندماجهم في مجتمعه.

محمد ياسين المعديت، مدير تنفيذي لحاضنة باسطنبول، يقول “للأسف الوضع الحالي ليس جيدا، حيث أن غالبية الجالية المغربية التزمت بالحجر الصحي في منزلها تماشيا مع التعليمات، والكثير منها توقفت أعمالهم أو أخذوا إجازات وليست لديهم فكرة عن ما يخبئه المستقبل، ونشيد بالإجراءات التي قامت بها السفارة والقنصلية المغربية”.

وأضاف في تصريح لجريدة “العمق” بالقول: “أنا كمثال كنا قد قمنا في المؤسسة بتفعيل المنظومة الإلكترونية الإفتراضية للحاضنة للعمل عن بعد، حفاظا على حسن سير العمل، وقد قطعنا شوطا جيدا ولله الحمد، متمنين أن تزول هذه الغمة على بلادنا وتركيا والعالم أجمع”.

وصرحة مونية كسيكسو، مسؤولة الدول المتحدثة بالفرنسية في قسم المرضى الأجانب الجالية المغربية المقيمة في أنقرة، إنها تمارس وظائفها اليومية وفقا للظروف المستجدة وذلك بالتزامهم بالإجراءات والتدابير الوقائية المنصوح بها دوليا ومحليا للتأكد من سلامتهم وسلامة أفراد عائلاتهم والمحيطين بهم من الأتراك، للحد من انتشار الفيروس وحتى لا تكون سببًا في إصابة أناس أبرياء بقصد أو بغير قصد.

بدوره قال رضوان يوسفي مسير شركة: “حاليا نعيش حجر صحي اختياري من أجل التقليل من خطورة الفيروس بتركيا، لا نخرج إلا للضرورة القصوى ومن أجل الأغراض الأساسية، على مستوى العمل قمنا بتعليق كل أنشطة الشركة حتى إشعار آخر”.

وتابع قوله لجريدة “العمق”: “نحاول فقط إتمام بعض المعاملات التي بدأت قبل الفيروس، والقيام ببعض الأعمال البسيطة عن بعد لأنه فعلا توقفت كل الطلبات بين عشية وضحاها، ونعتبر أن هذا الحجر فرصة لتقوية الروابط مع الله عز وجل”.

مريم، مغربية وهي أم لطفلة عمرها 4 سنوات وصاحبة شركة تصدير واستراد مقيمة بتركيا منذ 10 السنوات، قالت: “حاليا نحن كجالية مغربية وكأرباب عمل، مصيرنا كمصير المواطنين الأتراك، نعيش نفس الأوضاع في هذه الظروف التي يعيشها العالم بأسره إثر فيروس كورونا”.

وأشارت في حديثها للجريدة إلى أن المغاربة يلتزمون بالقوانين التي طبقتها السلطات التركية والتعليمات التي توصي بها وزارة الصحة، مردفة بالقول: “قررنا توقيف الشغل وفضلنا العمل من البيوت حفاظا على سلامتنا وسلامة عائلاتنا من الوباء”.

وقال أسامة فهدي، مقيم في مدينة إزمير ومسؤول مبيعات: “بعد ظهور أولى حالات الفيرس بدأ كل أفراد الجالية بالتقصي عن الوباء وعن كل الطرق الممكنة للحماية منه، بتواصل وطيد بينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

واسترسل في تصريح لـ”العمق” قائلا: “بفضل الله وبعد مرور أكثر من أسبوعين على وصول هاته الآفة إلى الأراضي التركية، لم نسمع إلا بحالة واحدة وسط أبناء الجالية المغربية وبالضبط في إسطنبول”.

هناك ثلاث مجموعات حسب حركية الأشخاص، يوضح فهدي، مجموعة الطلاب الذين توقفت الدراسة في الجامعات فاضطروا للجلوس في أماكن إقامتهم، وعدم الخروج إلا لأسباب طارئة، و مجموعة العاملين في الشركات الذين توقفت أماكن عملهم فاضطروا للبقاء بإقاماتهم وعدم الخروج إلا لأسباب طارئة

إضافة إلى مجموعة العاملين الذين لا زالت أماكن عملهم مفتوحة، يداومون على عملهم وسط حالة من الترقب والحيطة بسبب الآفة، كما أن عدد من أفراد الجالية من الذين توقفت أماكن عملم، تضرروا ماديا ومعنويا.

أجسادهم بتركيا وقلوبهم بوطنهم

لا يختلف أحد على حب الجالية المغربية في أصقاع المعمورة لبلدهم الأصلي وارتباطهم بكل ما هو مغربي، ويظهر هذا الشعور الجميل خصوصا في وقت الأزمات، فبالرغم من كون جل المغاربة الذين يقيمون بتركيا يتوفرون على الضمانات الطبية، إلا أنهم لا يحملون همّ الإصابة بهذا الفيروس، بقدر تخوفهم من انتشاره بوطنهم الأم.

وتجد المغاربة في كل مناسبة يوجهون رسائل لكل أفراد المجتمع المغربي، بضرورة الإلتزام والتقيد بالإجراءات والتدابير التي اتخذتها المملكة للحد من انتشار هذه الوباء الخطير، كما يثنون على ردة الفعل السريعة والقرارات المتعلقة بإغلاق الحدود وفرض حظر التجول من قبل السلطات المغربية.

أيوب سالم، الأمين العام للمجلس الأعلى للجاليات العربية بتركيا، دعا المغاربة قاطبة من طنجة إلى لكويرة إلى ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية بالقول: “نطلب من أهلنا بالمغرب أن يمتثلوا للقوانين الظرفية الصادرة عن السلطات”.

ووجه سالم عبر “العمق” الشكر للسلطات المغربية قائلا: “نشكر الدولة المغربية من هذا المنبر لسرعتها في اتخاذ القرارات التي من شأنها الحد من انتشار هذه الجائحة”، مضيفا: ”بقى فدارك تحمي راسك وإخوانك وبلادك”.

وأضاف أن “هذا المرض يصيب فئة عريضة من المسنين لكن أعلم أن لك أما وأبا وجدا وجدة وعما وعمة، وأن مصائرهم ومصيرك بقرارك أنت، لنتجنب الأنانية ولنبدأ بالتفكير بصيغة الجمع في الوقاية والتبضع والتطبيب وكل مناحي الحياة، فأنا من الجماعة سلامتي هي سلامتهم وضرري هو ضررهم”.

وتابع حديثه: “أقول لمن يحتكر اقتناء المواد الغذائية مستعرضًا عضلات القدرة الشرائية، ديننا الحنيف منع الاحتكار ودعا إلى الوئام والتعاضد الاجتماعي والتعاون الإنساني، نعم المرض خبيث والأخبث منه الإساءة للبشرية، ولا يجب أن ننسى أنه محطة مهمة بحياتنا للرجوع إلى الله تعالى”.

وأضاف: “أقول هذا لمن هجر والديه وأهله وأبنائه ولمن هجر الصلاة والقرآن الكريم والأدعية ولمن هجر فعل الخير ولمن يتصرف بمجتمعنا كأنه في الغابة، نسأل الله السلامة والوقاية وتجاوز هذه المحنة العصيبة التي تمر بها بلادنا وباقي بلدان العالم، ونسأل الله أن يسود الأمن والأمان ببلدنا وباقي بلدان العالم”.

من جانبه، وجه علي أبويك مدير شركة سياحية رسالته إلى كل المغاربة عبر “العمق”، بـ”ضرورة احترام التعليمات بالحجر الصحي حتى ‏يتم التغلب على هذا الفيروس في أسرع وقت، اللهم احفظ إخواننا المغاربة وبلدنا المغرب، يارب قلوبنا معكم”، وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *