مجتمع، منوعات

من داخل مشفى سلا.. هكذا تجند أطر الصحة وعمال المناولة لمواجهة “كورونا” (فيديو وصور)

ريم بنداود

كخلية نحل، يعمل كل موظفي مستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا الذي يستقبل منذ شهر مارس الماضي المرضى المصابين بكوفيد 19 لمجابهة هذا الوباء الذي أرغم عددا من الدول على اتخاذ قرار الحجر الصحي.

عاملون، وأمنيون، أطباء وممرضون، مساعدون اجتماعيون وتقنيو الصحة، مدنيون وعسكريون، مرتدين ألبسة، وكمامات، وأقنعة واقية للتصدي لأي عدوى، يواكبون 24 ساعة على 24 ساعة جنبا إلى جنب حالات المصابين التي تحضرها سيارات الإسعاف بين الحين والآخر..هناك حيث يمتزج الأمل بالألم عبر عدد ممن تحدتث معهم جريدة “العمق” الالكترونية من جنود الخفاء الذين حال واجبهم المهني دون الحياة في كنف أسرهم لأكثر من شهر عن استعدادهم للعمل أكثر. . إلى حين تحقيق الرهان والتغلب على هذه الجائحة.

حجر اختياري

“عبد الحق هرناف”، رئيس العلاجات التمريضية بمستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا، واحد من المسؤولين الذين اتخذوا من المستشفى مسكنا لهم بعيدا عن الأسرة لأكثر من شهر.

بمعنويات مرتفعة رغم التعب الظاهر على محياه، أكد “عبد الحق” في حديث مع “العمق”، أنه قرر الابتعاد عن أسرته وصار مرابضا للمستشفى بحكم مسؤوليته منذ الاستعدادات الأولى لاستقبال المصابين بفيروس كورونا، واختار التواصل مع أسرته وأبنائه بين الحين والآخر بالهاتف، أو عبر وسائط التواصل الاجتماعي، كما عبر عن أمنيته أن يرفع هذا الوباء عن بلدنا ليلتقي من جديد مع ذويه.

وفي حديثه عن مدى قدرة المستشفى على استقبال مرضى كوفيد 19 قال “عبد الحق” :” نستقبل في مستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا جميع المصابين بالفيروس بجهة الرباط سلا القنيطرة، نتوفر على وحدة الإنعاش الطبي المجهزة بأحدث التجهيزات التي زودتنا بها مديرية التجهيزات بوزارة الصحة، و نعمل 24 ساعة/24 ساعة، لسبعة أيام متوالية وساعة بساعة، ضمن فريق متفاني من جميع الأطقم الطبية والتمريضية، وتقنيي الصحة بجميع التخصصات بالإضافة إلى شركات المناولة التي تساعد في عمليات تنظيف كل أركان المستشفى وفي الأكل”.

وزاد قائلا: ” عدد لا يستهان به من المرضى تم شفاؤهم الحمد لله بعد مرور 20 يوما من تواجدهم بالمشفى، بعدها يستكملون عملية الشفاء في أمكنة مجهزة وفرتها لهم وزارة الصحة.

وبفخر كان “عبد الحق هرناف” يتحدث عن تفاني جميع العاملين بهذا المشفى صغيرهم وكبيرهم، حيث “الجميع مجند من أجل تقديم كل المساعدات للمصابين ومن أجل تعجيل شفائهم”، مبرزا أن هناك عينتان من المرضى، حالات مشتبه فيها، أكدت التحاليل التي أجريت عليها خلو جسدها من الفيروس، يتم توصيتها بالعزل الصحي تحت إشراف خلية خاصة تابعة لشبكة العلاجات الأساسية بالمندوبية تتواصل معها طيلة 14 يوما من أجل زيادة الاطمئنان، أما العينة الثانية فتتعلق بالمرضى الذين تعافوا، حيث تجرى لهم التحاليل لمرتين على التوالي، ويتم استكمال العزل الصحي في أمكنة وفرتها لهم وزارة الصحة.

تركت أبناءها لتتفرغ للمرضى
من جانبها، ابتعدت “امشقر نوال”، مسؤولة عن المراقبة والجودة في كل ما يتعلق بالعلاجات التمريضية بالمستشفى عن أسرتها منذ شهر مارس الماضي من أجل التفرغ لممارسة مهامها بالمستشفى.
تغيرت حياة “نوال” العملية منذ 14 مارس الماضي، قالت ل “العمق”: ” نبدأ العمل قرابة التاسعة صباحا، وننهيه إلى ما قبل منتصف الليل بعد الاطمئنان أننا قمنا بكل المهام المنوطة بنا”.

“نوال”، أم لأطفال يتراوح عمرهم بين 10 و12 سنة، ومن أجل حمايتهم اختارت البقاء بعيدا عنهم منذ 18 مارس الماضي، وبالرغم من كون ابنتها ستجتاز الامتحانات الإشهادية إلا أنها اضطرت إلى الابتعاد عن أسرتها، وتركت كل المسؤولية على عاتق زوجها.

تقول “نوال ” بابتسامة ممزوجة بالألم :” الحمد لله أنا على تواصل يومي مع أبنائي، وزوجي متفهم لمسؤوليتي هاته.. ونتمنى أن نستأنف حياتنا العادية في القريب العاجل”.

وعن بداية العمل مع المصابين بفيروس كورونا، قالت “نوال” :” كنا نشعر ببعض الخوف في البداية، إلا أننا استأنسنا بالعمل، نأخد كل احتياطاتنا، سيما وأن مندوبية الصحة، ووزارة الصحة وفرا لنا جميع لوازم الحماية الصحية، أما الجانب النفسي فيعمل جميع الزملاء على إضفاء الطاقة الإيجابية للتغلب على كل ما من شأنه أن يحبطنا. .والحمد لله الجميع يعمل بمعنويات عالية”.

بين الواجب وألم الفراق
تطوع “يونس مرجي”، ممرض التخدير والإنعاش، والمسؤول حاليا عن مصلحة الاستشفاء كوفيد 19 بمستشفى الإقليمي مولاي عبد الله بسلا للعمل بهذه المصلحة التي توجهت إليها الأنظار وطنيا، سيما وأن هذه المستشفى كانت سباقة إلى استقبال مرضى فيروس كورونا وسط تخوفات انتشاره السريع.

وجها لوجه يجد “يونس” نفسه يوميا صحبة زملاء له، وأطباء متخصصين أمام المصابين بفيروس كورونا، هناك في غرف متفرقة يتواجد عشرات المرضى، وبين مريض مصدوم بإصابته بالفيروس الذي غير الحياة اليومية للعالم، وآخر غير متقبل لحياة العزلة الصحية المفروضة عليه، يعيش “يونس” وباقي الطاقم حكايات يومية.

اختار “يونس” التطوع لخدمة بلده، كما اختار طوعا الابتعاد عن فلذة كبده ” لطيفة” التي تبلغ من العمر ستة أشهر.

بحزن عميق، ودموع حاول “يونس” مغالبتها أفاد أنه لم يرى زوجته، وصغيرته منذ أكثر من شهر، قال: “تركتها في شهرها الخامس…وتبلغ اليوم ستة أشهر، ولا أعرف كم سيزيد هذا العمر حين ألقاها. .لكن أحمد الله أنها بعيدة الآن فهذا يعطيني قوة أكثر ..على الأقل لن أعيش هواجس نقل العدوى إليها أو إلى والدتها”.

بكل قوة وعزيمة يمارس “يونس” مهمته اليومية، يقول :” لن نتحدث عن المعاناة بل عن الصعوبات التي تعيشها؛ جميع الأطر الصحية بمختلف مكوناتها التي تعمل جاهدة من أجل إنجاح مهمتها.. بعض العاملين اختاروا الابتعاد عن أسرهم رغم ألم الفراق، فيما لم تستطع بعض النساء المرضعات الابتعاد عن أطفالهن مما يضاعف وثيرة الخوف والحذر”.

وزاد قائلا:”بالرغم من ساعات العمل المضاعفة، ومن العمل المضني إلا أن جميع الطاقم الذي تخصص في مواكبة هؤلاء المرضى يحاول جاهدا العمل بمعنويات كبيرة لتحدي كل الصعوبات التي قد تعرضهم”.

وعن بعض الفيديوهات المصورة التي أظهر فيها بعض المرضى عددا من الاختلالات بالمستشفى، أكد “يونس” على أن وزارة الصحة تتكلف بكل شيء يخص هؤلاء المرضى، وفرت لهم الأكل والشرب، والأطباء من جميع التخصصات والأدوية. ..، مشددا على أن “أغلب الفيديوهات كانت لأشخاص حديثي الاستشفاء بالحجر الصحي، حيث اعتبروا عزلهم تقييد للحرية، وبسبب الضغط النفسي القوي الذي يشعرون به المرضى في بداية الحجر تصيدوا بعض الهفوات الغير مقصودة”.

حفظ البيئة أولوية
من جانبها، تعمل “منية الغزالي”، المسؤولة في حفظ الصحة وسلامة البيئة في المستشفى ليل نهار صحبة مجموعة من الشباب والشابات لتنظيف كل أركان المستشفى.

في حديث مع “العمق”، أوضحت” منية” أن “دور تقنيي حفظ البيئة لا يقل عن أي دور طبي، أو تمريضي حتى يتسنى للمريض العلاج في وسط و بيئة صحية”.

وزادت قائلة: ” نعمل على وقاية كل جنبات المشفى من باب الاستقبال، إلى قاعات العلاج من الفيروسات أو التعفنات بمضادات، وتنظيف صحي (النظافة البيولوجية )، وأفادت أن مندوبية الصحة كلفت شركات مناولة من أجل حماية المكان بضوابط تقنية معينة مع جائحة كوفيد 19، كما عمدت إلى تكوينان ميدانية للعاملين في إطار المناولة، ومرافقتهم منذ الساعات الأولى الصباح إلى ساعات متأخرة من الليل، بتنظيف بيئة المريض، وتجهيز بيئة صحية للطبيب ولكل متدخلي الصحة.

وخلال تواجد فريق “العمق” بالمستشفى لم يتوانى شباب ونساء عن تعقيم ردهات المستشفى كعمل روتيني حاملين أجهزة التعقيم، فيما يعمل آخرون على مسح الزجاج بالمواد الخاصة لذلك .
ومن بوابة المستشفى الذي يعتبر بنية مرجعية للمصابين بهذا الوباء، وإلى آخر قاعة تستقبل المرضى، يعمل الجميع، بكل تفاني بعيدا عن أسرهم لتقديم المساعدة إلى المرضى، بابتسامة تمنحهم ومن يتواصل معهم بعضا من الأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *