مجتمع

بعد ظهور بؤرة صناعية بالعرائش.. مطالب بتسريع التشخيص لتجنب “كارثة صحية”

لا زال سكان العرائش يترقبون تداعيات تفشي فيروس “كورونا” داخل وحدة صناعية بميناء المدينة، والذي أسفر عن إصابة العشرات من العمال بالوباء، وسط مطالب تدعو المصالح الصحية إلى ضرورة التدخل لتسريع إجراءات التشخيص والفحص لحماية العمال وعائلاتهم، خاصة وأن عدد عمال الشركة “الموبوءة” يتجاوز 2500 شخص بمختلف وحداتها.

يأتي ذلك بعدما سجلت عمالة العرائش التي تضم أيضا مدينة القصر الكبير، 73 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس إلى حدود السادسة من مساء اليوم، من بينها حالتي وفاة و3 حالات تماثلت للشفاء، متجاوزة بذلك إقليم تطوان في عدد الإصابات، وذلك من أصل 461 حالة في جهة طنجة تطوان العرائش، فيما تصدرت طنجة القائمة بـ316 حالة، منها 8 وفيات و32 حالة شفاء.

مصدر محلي كشف في اتصال لجريدة “العمق”، أن عددا من العمال وأسرهم عبروا عن استيائهم من تأخر إخضاعهم للتشخيص، خاصة في ظل الفزع الذي تعيشه بعض العائلات إثر ظهور أعراض الوباء على أفرادها، محذرا من أن استمرار التأخر وضعف وتيرة الفحوصات قد يؤديان إلى “كارثة صحية” بالإقليم، وفق تعبيره.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن شقيقه ظهرت عليه أعراض المرض منذ 4 أيام ولم يتم إخضاعه للفحص رغم الاتصالات المتكررة منذ السبت الماضي، مشيرا إلى أن زوجة شقيقه من بين العاملات اللواتي يشتغلن في المصنع المذكور.

وأضاف: “توجه شقيقي إلى مستشفى لالة مريم بالعرائش حيث طالبوه بإجراء تحاليل طبية خارج المستشفى، قبل أن يمنحوه أدوية وأكدوا له خلوه من الفيروس، إلا أن وضعه الصحي تدهور ودرجة حرارته ارتفعت بشكل قياسي، ما اضطر الأسرة إلى الاتصال بمصالح وزارة الصحة التي عملت على نقله إلى مستشفى القصر الكبير”.

وتابع المصدر قوله: “منذ الواحدة من ليلة أمس وإلى حدود اللحظة، لا زال شقيقي في مستشفى القصر الكبير دون أي فحص، فقد أخبروه أنه لا يمكن أخذ العينات منه إلا بعد وصول رقم خاص به من الرباط”، متسائلا بالقول: “مرت 4 أيام منذ ظهور الأعراض عليه، فهل ينتظرون وقوع الكارثة ليأخذوا منه العينات؟”.

مطالب بالتدخل

وفي نفس السياق، طالبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، كل من وزارتي الصحة والداخلية، بالتدخل العاجل لتقديم الدعم الكافي من أجل الكشف المبكر للعاملين والعاملات بأحد المصانع بمدينة العرائش، للتأكد من وضعيتهم الصحية.

ودعت الشبكة المذكورة، الوزارتين إلى دعم أسر العاملين والعاملات بشركة “خيل كوميز” بالعرائش، والذين يبلغ عددهم 2500 شخص، خاصة وأنهم يوجدون حاليا في الحجر المنزلي، مع القيام بالتشخيص المبكر لهم ولعائلاتهم من أجل حصر انتشار فيروس كورونا وسط أسرهم.

ونهاية الأسبوع الماضي، احتشد عمال وعاملات الشركة المذكورة أمام باب المصنع، لوقت طويل من أجل أخذ عينات الدم، في مشهد وصفه الاتحاد المغربي للشغل بالعرائش بأنه “عصب”، مشيرا إلى أنهم تجمعوا أيضا داخل الحافلات في خطوة قد تفاقم أزمة الفيروس بالمنطقة، مطالبا برفع عدد التحليلات لتفادي ما وقع يوم 18 أبريل.

كما طالبت ذات النقابة من الحكومة، إيقاف كافة الوحدات الإنتاجية لمدة أسبوعين، كإجراء احترازي عملي للتقليص من تفشي الفيروس بالوحدات الصناعية والفلاحية التي أصبحت تعد بؤرا للفيروس، إضافة إلى تقديم الدعم المعنوي لعاملات الشركة، لما بها من عدم الاستقرار نتيجة هذا الحادث.

الملف يصل البرلمان

بدوره، نبه رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، رشيد العبدي، إلى تفشي وباء “كورونا” بعدة وحدات صناعية بالعرائش، وذلك في سؤال كتابي موجه لوزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي، حول الإجراءات المتخذة لحماية عمال هذه الوحدات وضمان سلامتهم.

ومما جاء في السؤال الكتابي للعبدي الذي توصلت به “العمق”، “في ظل ما تعيشه بلادنا مؤخرا من بروز عدة بؤر لوباء كورونا المستجدة، بعدة وحدات صناعية، تم إغلاق 3 وحدات صناعية بمدينة العرائش، وحدة خاصة بالفراولة، وحدة خاصة بالأحذية ووحدة لتصدير السمك بعد أن تم اكتشاف م يزيد عن 60 حالة مؤكدة”.

واعتبر العبدي، أن “هذا الوضع قد ينذر بتفجر الحالة الوبائية بالمنطقة وخطر إصابة العاملين وعائلاتهم وكذا المخالطين رغم أن أحد الوحدات الصناعية كان قد طلب صاحبها إغلاقها لتجنب انتشار الوباء بين مستخدميها، إلا أن غياب المراقبة والتتبع نتج عنه استمرارها في العمل ومن ثم بروز عدة حالات بها”.

وفي ظل تزايد حالات الإصابة، يضيف العبد، “فإن الوحدات الاستشفائية بالإقليم لن تتمكن من استيعابها والتكفل بها مما وجب معه التعجيل باتخاذ الإجراءات المناسبة”، مطالبا العلمي بالتدابير المستعجلة التي ستقوم بها وزارته لحماية العاملات والعمال من خطر تفشي الإصابة بوباء كورونا وضمان احترام الوحدات الصناعية لكل قواعد الصحة والسلامة درءا لمل سوء قد يصيب المغاربة.

عريضة للوزير

إلى ذلك، وجه عدد من الفاعلين السياسيين والمدنيين بجهة طنجة تطوان الحسيمة، عريضة إلى وزير الصحة خالد أيت الطالب، من أجل التدخل للحيلولة دون تفشي الوباء في ظل “التسارع الخطير” في وثيرة تصاعد عدد الإصابات بالجهة. 

ونبهت العريضة التي تحمل توقيع أكثر من 100 شخصية بالجهة، إلى تصاعد وثيرة الإصابات بالجهة بعد تسجيل بؤر سكنية وأخرى في مناطق صناعية بكل من طنجة والعرائش.

وطالب الموقعون من وزارة الصحة بـ“وضع المواطن بشكل دوري، حتى لا نقول بشكل يومي، أمام صورة واضحة من تطورات الوضع الوبائي بالجهة عبر المديرية الجهوية والمندوبيات الإقليمية”، ووضعه أيضا “أمام البروتوكولات العلاجية المعتمدة وإبراز فعاليتها ونجاعتها مساهمة في نشر نوع من الطمأنينة بين المواطنين”.

ودعا المصدر ذاته بـ”نشر الحصيلة الشهرية لتدبير الوباء بإيجابياتها وسلبياتها وحث المواطن على الاستفاذة من الإيجابيات وتجنب السلبيات”، مشيرة إلى أن “تقوية أنظمة الفحص المختبري السريعة النتائج، وإدماج مختبرات القطاع الخاص المؤهل هو المطلب الرئيس من أجل المساهمة في الكشف المبكر على المصابين والتخفيف والحد من وثيرة انتشار الفيروس”.

كما طالب الموقعون على الرسالة بتوفير “فضاءات الاستقبال العلاجية بجميع التجهيزات الطبية اللازمة و تعزيزها بالإمكانيات البشرية و المادية الضرورية”.

المندوبية: لا داعي للقلق

من جهتها، قالت المندوبية الإقليمية للصحة بالعرائش إن الحالة الوبائية بالإقليم “تبقى في حدود متحكم فيها تماما ولا تدعو إلى القلق”، مشيرة إلى الإجراءات الصحية والاحترازية المتخذة تواكب تطور الأوضاع العامة”، داعية “الموطنين إلى الالتزام الصارم بالحجر الصحي الذي يعتبر الوسيلة الناجعة للوقاية من الإصابة بوباء كورونا”.

وقالت المندوبية في بلاغ لها، إن وضع الحالات المتكفل بها في الوقت الراهن، في “تحسن مستمر ولا تدعو للقلق وتخضع للعلاج وفق البروتوكول العلاجي لوزارة الصحة”، موضحة أن من بينها “حالات الإصابة المسجلة على مستوى البؤرة الوبائية للوحدة الصناعية بميناء العرائش”.

وأضافت أنه “مباشرة بعد اكتشاف هذه الحالات تم القيام بإجراءات الرفع من مستوى التعاطي الوقائي، حيث اتخذت مجموعة من التدابير المستعجلة تمثلت أساسا في إقفال الوحدات الإنتاجية الثلاثة التابعة لنفس الشركة، وإصدار قرار من طرف السلطة المحلية للحجر الصحي على مجموع العاملات والعمال”.

وتابعت أنه تم على الفور تشكيل لجنة صحية للتتبع والمواكبة الاجتماعية من مهامها الإنصات للعاملات وعمال الشركة وتتبع وضعهم الصحي بشكل يومي والقيام بزيارتهم ومعاينة حالتهم الصحية وخاصة الحالات التي تحوم حولها شكوك الإصابة بأعراض هذا الوباء، والتبليغ بشأنها للمصالح الطبية لمندوبية وزارة الصحة للتكفل بها وذلك بتنسيق كامل مع إدارة الشركة المعنية تحت الإشراف الفعلي للسلطات المحلية”.

وأشارت المندوبية إلى تهييء أجنحة استشفائية متخصصة لمرض كوفيد 19 تفوق قدرتها الاستيعابية 120 سريرا على مستوى المستشفيين بمدينتي العرائش والقصر الكبير، مع تعزيز هذه الأجنحة بمعدات وتجهيزات طبية جديدة بدعم من المجلس الإقليمي والجماعات الترابية التابعة للإقليم.

وأضافت أنه أخذا بعين الاعتبار إمكانية تطور الحاجيات الإقليمية لمواجهة هذا الوباء، فقد تم إحصاء وتوفير مجموعة من الفضاءات التابعة للمؤسسات العمومية والمؤسسات الفندقية وبعض القاعات التابعة للخواص التي تفوق سعتها الإجمالية أزيد من 500 سرير لوضعها رهن إشارة مندوبية الصحة قصد استعمالها عند الضرورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *