منتدى العمق

الاختلاف وتدبيره في زمن كورونا

– ما الاختلاف؟
-متى يحصل الاختلاف، والخلاف بين زيد وعمرو من الناس؟.
– كيف يمكن الحد منه؟.

نستهل هذا الموضوع بحصره في محور أساسي هو “الاختلاف فيما بين الرأي المختلف والرأي المتفق”

ومن كل الأسئلة الجوهرية نقول بأن للاختلاف ركائز متعددة في الكون، كما أن خالق هذا الكون خلق فيه ما خلق مختلف، وجعل الإنسان يكون هو الآخر مختلف ومستخلف في الأرض عما سواه من الكائنات، كما أن خالق الكون ميزه عن بعضه البعض، إلا أن هذا الاختلاف ليست سبله سوء الفهم أو شيء من هذا القبيل وفقط … إنما يلجأ فيه الإنسان إلى حصول الفهم أحيانا، وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: كيف يمكن أن لايحصل الفهم ونحن أمام سياق الاختلاف؟، وقبل الإجابة يمكن التصريح بأن الاختلاف لم يقف يوما ما عائقا في حصول الفهم في أوساط البشرية جمعاء، وحاصل القول هو أن لاختلاف زوبعة ذهنية في علوم شتى، وهذا علم السميائيات الذي استأصله الباحثين في حسن تدبير الاختلاف، وهذا جواب لسؤال متعلق بالكيفية.

والاختلاف هو الأصل في كل شيء، الله خلقنا مختلفين لا مخالفين فالاختلاف لا يعني الخلاف فالاختلاف محمود والخلاف مكروه في سياق الخطاب، وبهذا يقر مبدأ الاختلاف إلى أن الإيمان به يؤدي إلى إدراك المعنى وحصول الفهم بين عامة الناس، وعدم الإيمان به يؤدي بهم إلى التسليم من عقائد التعايش إلى اللاتعايش، والكون كله مليئ بأحسن الناس وأبشعهم وأحسنهم أولئك الذين يحسنون التعامل في تدبير الاختلاف, فالتعامل سابق الاختلاف، أما الأسوأ والأبشع منهم هم أولئك الذين لا يحترمون آراء الآخرين و تراهم يرون كلامهم صائب وكلام الآخرين خاطئ، ويسعون دائما في نقاشاتهم إلى أن لا يختلف معهم أحد في قراراتهم المتخذة من قبلهم ولو أن ذلك غير مجدي، وهؤلاء في الغالب ما تجدهم يحترمون كل من ليس له رأي ولا موقف ولا مبدأ يمت من أجله، لأن أمثال هؤلاء هم الذين يقومون باستجلاء الاختلاف إلى الاتفاق، والذي لا رأي له يكون دائما تابعا لا متبوعا للقطيع أينما حل وارتحل وأينما تحدث وخاطب.

ومن هنا يمكن لنا الإقرار بأن أبشع التصورات والنظريات هي تلك التي يغيب فيها الاختلاف ويكثر فيها الاتفاق، وبالعودة إلى الإيمان بالاختلاف وهو رهان أول يمكن لنا القول بأنه جزء لا يتجزأ من الاحترام والتقدير للآخرين، وفي نفس الطرح قال الشافعي رحمه الله وهو يتحدث عن الرأي، يقول رأي غير خطأ يحتمل الصواب، ورأيي صواب يحتمل الخطأ، انتهى كلام الشافعي، كما أن عدم الإيمان بالاختلاف وهذا رهان ثان بعد رهان الإيمان فما هو إلا مراهقة قد تكون متقدمة أو متأخرة لدى الفرد بحسب نظرية علم النفس لفرويد، ويقر هذا الرهان بأن الرفض للرأي المخالف والمختلف شيء محمود بداعي أن الرأي لا يتماشى مع التصور العام المتفق عليه.
وغالبا ما تجد المدافعين عن هذا الرهان من أولئك الذين يطلبون رأي الآخرين، ولكن ريثما يجدهم مختلفون عنهم ينعتونهم بأبشع النعوت، ووصفهم قد يتجاوز ما يخطر ببال البشر إلى الخيانة التي لا محل لها من الإعراب في زمان الاختلاف، ولكن الأسوأ من كل ذاك هو أن تكون عارفا أو مطلعا على المنهج البيرسي ولا تؤمن بالاختلاف فهذا كمن يصب الماء في الرمال بالصحاري يعني وجب على الفرد أن يكون ممن يحسنون تدبير الاختلاف، وإن كنت غير ذلك فسلام عليك. وعلى من تبعك من التابعين لا المتبوعين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • نجاة أيت بها
    منذ 4 سنوات

    منشور في محله وجيد موفق.