وجهة نظر

في تبخيس قيمة الصوت الانتخابي للمواطن

يلزمنا عقود طويلة من النضج والكياسة في ردود أفعال تحفظ للديمقراطية وحقوق الإنسان وجهها، في معزل عن كرهنا ونقمنا لفشل السياسيين مهما كانت توجهاتهم.

قد أكون ناقما وأعبر عن سخطي ضد السياسيين وأكتب ما لم يكتبه مالك في الخمر، لكن لن أنسى في المقابل مستقبل أولادي والأجيال اللاحقة التي قد تؤثر على مصائرهم هموم ومعضلات الوطن ولن أجعلها في كفة ثانية في تغذية حقدي وحساباتي الإديولوجية أو بسبب سوء فهمي وضبابية استيعابي للمشهد السياسي أو المنظومة التي من خلالها يتم صياغة القرار السياسي…

اعلموا أن فشل السياسة في المغرب جزء من مشكلها، وهو تداخل بين الصلاحيات في الدولة ومؤسساتها بشقيها التعييني والانتخابي، وهذا مما بدا لنا جليا في تضارب عدد من التصريحات في أكثر من قطاع مؤسساتي بل تناقض البعض الآخر منها بشكل فاضح.

بالإضافة إلى ذلك نعاني بشكل كبير من شكلانية السلطة التي تفرز عن طريق صناديق الاقتراع، مما يبخس قيمة الصوت الانتخابي ويجعله بدون قيمة تذكر، حتى أن الأصوات التي تنتقد السياسي تقوم بذلك فقط من أجل التنفيس عن غضبها رغم أنها تعلم جيدا أن السياسي هو مجرد واجهة دفاعية لتبرير فشل الوطن في تحقيق التنمية الحقيقية، والتي لا بد ألا تنفصل عن ديمقراطية فعلية وإعمال حقوق الإنسان..

من سيقنعني اليوم وغدا أن الممارسة السياسية الحالية هي ديمقراطية حقيقية وتحترم المؤسسات؟

أكيد التنظير للعملية السياسية شيء واختيار صف المعارضة شيء والدخول في شكلانية الممارسة السياسية شيء آخر، حيث يدعونا ذلك إلى التساؤل والاستغراب دائما، متى يمكن أن يصبح القرار السياسي بيد المواطن يستطيع من خلاله أن يستأمنه لصالح منتخبيه، الذين بدورهم بإمكانهم اتخاذ قرارات قابلة للتطبيق لا يعترضها ولا يتدخل فيها إلا القانون ولا شيء غير القانون؟

دولة مؤسسات ونزاهة تضمن للجميع الحصول على المعلومة وربط المسؤوليات بدون استثناء للمحاسبة الفعلية، دون أن تصبح للسلطة هوس قد يؤدي إلى الهيمنة والاستئساد على صوت المواطن وتبخيسه وجعله في سلة المهملات بمجرد نهاية أية محطة انتخابية..

المواطن في هذه المرحلة لا يحتاج إلى تسكين آلامه في الاحتجاجات في الشارع أو الانتقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من الفضاءات الواقعية والافتراضية، لكن قبل ذلك، يجب أن يكون واعيا بتناقضات الوطن الأساسية لكي يستطيع أن يشرَحها ويشرِّحها بكل بساطة وبدون تعقيدات إلى الأجيال المقبلة، التي لن تكون لها رابطة حقيقية تجمعها بين الماضي والحاضر كما نفعل نحن حاليا، بل سيكون باستطاعتها تفكيك شفرة الارتباط بالماضي وتمكن نفسها من العيش بحاضرها وربطه بمستقبل واضح بدون ألغام ولا ألغاز..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *