أخبار الساعة

أديبة كويتية تحرج أدونيس بعد حديثه عن الثورة السورية

أحرجت الأديبة الكويتية سعدية مفرح، الشاعر السوري أودنيس، خلال مهرجان «أثير للشعر العربي»، في سلطنة عمان، بسبب رفضه تأييد الثورة السورية لكونها انطلقت من مسجد. وقالت مفرح، في ردها على أودنيس، إنه يرفض ذلك المنزع الديني الذي نزعت إليه الثورة السورية، بالرغم من تأييده الثورة الإيرانية والتي كتب فيها شعرًا مبالغًا في تأييده على الرغم من أنها خرجت من حوزة، وقائدها رجل دين.

وأضافت مفرح، وهي أديبة كويتية كبيرة، وصاحبة حضور في الساحة العربية،‎ أنه على الرغم من أن أدونيس لم يتحول عن موقفه هذا لاحقًا، إلا أنه أبى إلا رفض الثورة السورية التي شارك فيها المسلم والمسيحي، مضيفة أن المثقف الحقيقي ينحاز لصفوف الثوار، ولا يتوقف عند هذه الجزئية الإجرائية، كون الجامع بداية الانطلاق أو غيره.

وجاء نص رد مفرح على أدونيس كما يلي: «قال السيد أدونيس قبل قليل إنه سعيد لأن عبارته ضيقة، وأتمنى ألا يكون صدره ضيقا أيضا.. عن سماع ما أريد قوله والذي سبق وان كتبته ونشرته.. ولا أدري بأي صفة يخاطبنا أدونيس وهو يرانا كعرب مجرد أمة منقرضة».

وأضافت: «حسناً.. يمكننا بسهولة تقبّل هذا التعليل في سياق علمانية أدونيس، لولا سابقته الشهيرة في تأييد الثورة الإيرانية التي انطلقت من “حوزة”..
يومها، لم يكتفِ أدونيس بتأييد ثورةٍ يقودها “رجل دين” وبشعارات دينية وحسب، بل إنه بالغ كثيراً في تأييدها، إلى درجةٍ جعلته يتخلى قليلاً عن حداثته الشعرية، ويكتب قصيدة مديح تقليدية لتلك الثورة، قال فيها: “سأغنّي لـ”قم” لكي تتحوّل في صبواتي، نارَ عصفٍ، تطوّف حول الخليج».

وأردفت أنه «على الرغم من أن صاحب “الثابت والمتحوّل” بقي ثابتاً على قصيدته تلك، ولم يتحول أو يحيد عنها، أي أنه لم يتنصل منها في أي مرحلة من حياته لاحقاً، إلا أنه لم يجد غضاضة في الازورار عن الثورة السورية التي اشترك فيها، منذ البداية، المسلم والمسيحي وغير المؤمن بالأديان».

وقالت «في البداية، لم يتحمّس أدونيس للثورة، ثم انتقدها بشدة لاحقاً، ثم فضّل النظام الديكتاتوري الحاكم عليها.. وأخيراً، رفضها تماماً، فقط لأنها لم تجد مكاناً، أو ظرفاً، تنطلق منه سوى الجامع، متناسياً قيمة الجامع ووظيفته في البلاد الإسلامية، وهي وظيفة تتعدى تقليدياً الدور الديني، لتجعل منه بؤرة من بؤر الحياة المدنية.. ومن هذا المنطلق، لم يجد مثقفون ومفكرون سوريون كبار، ومحسوبون على التيار الليبرالي والعلماني، وباختلاف خلفياتهم الدينية، مثل صادق جلال العظم وعزيز العظمة وعبد الرزاق عيد وعارف دليلة وبرهان غليون وميشيل كيلو، وغيرهم، أي غرابةٍ في أن يكون الجامع بداية الانطلاق للثورة، بل إنهم لم يتوقفوا عند هذه الجزيئة الإجرائية، وهم ينحازون لصفوف الثوار، كما يليق بمثقفين حقيقيين».

وأكملت «قرأت تقريباً كل مقالات أدونيس في السنوات الأخيرة، وتابعت معظم لقاءاته الصحفية والتلفزيونية، وخصوصاً التي تتناول الشأن السياسي والمجتمعي والفكري، ولكنني لم أعرف، حتى الآن، ماذا يريد أن يقول لنا بالضبط..
لست، الآن، بصدد الكتابة عن شعره الذي يروقني، وأضع أدونيس، بسببه، في مصاف شعرائي المفضلين، لكنني أتحدث عن أفكار وآراء ونظريات يحلو للشاعر الكبير غالباً أن ينشغل بها، ويشغل قراءه معه فيها، منذ نشر كتابه “الثابت والمتحوّل” في السبعينيات».

وأضافت أن «أدونيس الذي ترك الوطن العربي، مقيماً في باريس، يحلو له أن يبادر بإطلاله على “الجماهير” العربية، بين فترة وأخرى، مقيّماً لها وموجّهاً مسيرتها، ومنتقداً ما تقوم به، ولا أدري ما هدفه من ذلك، ما دام يرى أن “العرب في مرحلة انقراض”، كما قال في أحدث لقاءاته التلفزيونية، والذي أجرته معه “سكاي نيوز” العربية.. فاجأ أدونيس مستمعيه ومشاهديه في المقابلة، بقوله إن “ما يحدث في سورية صراع دولي، وليس كما حلمنا به أن تكون ثورة”، فهل كان أدونيس من الحالمين بالثورة فعلاً؟ وقال أيضاً: “الدكتاتورية الدينية أخطر من الديكتاتورية العسكرية”، ولا أدري كيف لمثقف يتوسّل جناحي الحداثة والعلمانية أن يفاضل بين الديكتاتوريات أصلاً، على اعتبار صدّقنا أن نظام الأسد ليس نظاماً دينياً (ووراثياً) معتمداً في هيكله التكويني على الطائفة العلوية».

وتابعت «أما أسوأ ما قاله أدونيس في المقابلة: “نحن غير جاهزين للديمقراطية”، ويعني بضمير الجمع هنا الشعب العربي بأكمله.. لم يوضح متى نكون جاهزين، وهل هو معنا غير جاهز، وكيف سنجهز، هل على يد النظام الديكتاتوري الذي سيعطي الشعب دروساً مجانية في تعلُّم الديمقراطية، أم على يد الغرب مثلاً؟ لا نعرف، فممثل الحداثة الرجعية، وفقاً لوصف عبد الله الغذامي، يسبح في فلكه الخاص، يقول ولا يسمع، ويوجّه ولا يناقش!».

وأردفت «لم يكتفِ أدونيس بنزع شرعية الثورة الراهنة في سورية، بل عاد إلى الوراء، ليستهتر بدماء مناضلي سورية على مر التاريخ الحديث كله، حيث قال: “نحن أُعْطِينا الاستقلال منحةً من الدول الغربية، وعلينا الاعتراف بذلك”..
جملة من التناقضات التي قد يستطيع هذا الشاعر المبدع تقديمها، بشكل جمالي أخّاذ، في قصائده، كما يليق بشاعر حقيقي وكبير فعلاً، لكنه يفشل دائماً في مداراتها، على الرغم من اجتهاده وهو يخاطب جماهير عربية يحتقرها، ويظن أنها تستمع إليه، وإلى غيره، ولا تفكر وهي تمشي في طريقها إلى الانقراض!».

وختمت بقولها: «لعلّ “الوضوح” الوحيد الذي يمكن أن نستخلصه من بين مواقف أدونيس، في السنوات الأخيرة، ما تمثّل في تصريحه لصحيفة الجارديان البريطانية، مع طلائع الحراك الثوري العربي عام ٢٠١٢؛ بأنه سيكون ضد “الديمقراطية” لو جاءت بالإسلاميين.. أي إنه يريد ديمقراطية مفصّلة لمقاساته الشخصية، لا للجماهير العربية المنقرضة، وكأنه وحده المخلّ».