أدب وفنون

بعد محاولة قتله.. كاتب رواية “جزيرة الذكور” يوضع في السجن

أصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة ورزازات، يوم الثلاثاء الماضي، حكما بإدانة الكاتب الروائي المغربي عزيز بنحدوش بشهرين سجنا مع وقف التنفيذ وغرامة ألف درهم وتعويض مدني 20 ألف درهم، بسبب رواية “جزيرة الذكور”، التي أصدرها مؤخرا.

وطالبت منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم” ببراءة الروائي المغربي عزيز بنحدوش، معتبرة الحكم تعسفيا يصادر الحق في التفكير والتعبير والإبداع.

وأشار بيان للمنظمة، إلى أن شخصين من قرية تازناخت تابعا المؤلف قضائيا بتهمة السب والقذف، بسبب نشره لرواية عنوانها “جزيرة الذكور” وصفت ظاهرة “الأبناء الأشباح” خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وذلك رغم توضيح مؤلف الرواية أنه تطرق لتلك الظاهرة بشكل عام ولم يحدد أشخاصا بعينهم.

ويأتي هذا الحكم عقب الاعتداء الذي استهدف الكاتب عزيز بنحدوش يوم 22 مارس 2015، إذ تعرض للضرب ومحاولة القتل وتم تحطيم وتكسير سيارته، وإثر إبلاغه الأمن تم القبض على أحد المعتدين، الذي تمت محاكمته بالحبس شهرا نافذا سجنا، وهو أحد أفراد عائلة تعنيها الظاهرة.

ولازال البحث جاريا في موضوع الأطفال الأشباح، في ورزازات لدى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية. وانتقاما من ذلك ومن دخول أحد المعتدين للسجن قام أفراد من عائلته بتقديم شكاية ضد الكاتب لوكيل الملك الذي قرر حفظها تطبيقا للفصل 40 من قانون المسطرة الجنائية، في إطار”سلطة الملاءمة وأن على المتضرر اللجوء للقضاء عن طريق الشكاية المباشرة”.

وجاء في الشكاية المباشرة، حسب المصدر ذاته، أنه تم وصف المشتكين بمجموعة من الأوصاف، معتبرين الرواية مكتوبة ضدهم، في حين يذكر المؤلف أن الأشخاص والأماكن والأزمنة التي جاءت في الرواية لا تمت لهم بصلة، واستمر نظر المحكمة في ملف القضية من 23 مارس 2015 إلى حدود 2 غشت 2016 تاريخ النطق بالحكم فيها؛ وخلال هذه المدة دخلت القضية للمداولة أكثر من 5 مرات.

ويؤكد المؤلف بنحدوش أنه لم يقصد أحدا في الرواية، كما يذكر أنه تعرض “لاعتداء خطير يتمثل في الضرب والمس بسلامتي الجسدية من قبل بعض من أهالي قرية تازناخت “التي كان يعمل فيها مدرسا لمادة الفلسفة، وقد أسال الاعتداء الجسدي على الأستاذ دماءه، مما استدعى نقله بسرعة لمستشفى ورزازات بسبب جرح بليغ بالرأس وآثار الضرب على باقي جسده.

وقد شجب العديد من الأدباء هذا الحكم ووصفوه بـ “ضربة للرواية المغربية التي لا يمكنها إلا أن تكون ابنة بيئتها، وتعكس مجتمعها بكل تجلياته”، وأنه عملية “جديدة لكبح الإبداع المغربي وتحجيمه بإدانته أمام مجتمع لا يقرأ؟”.

وأعلنت “حاتم” عن مؤازرتها لعزيز بنحدوش في المرحلة الاستئنافية للملف، مطالبة بأن ترجع محكمة الاستئناف الأمور إلى نصابها وإنصاف المعني كمبدع وضحية لا كمتهم، كما ثمنت المنظمة حملة التضامن التي انطلقت بين المثقفين والمواطنين عامة مع الروائي عزيز بنحدوش.

وتدور أحداث رواية “جزيرة الذكور” التي كتبت سنة 2004 ولم يتمكن الكاتب من طبعها لأسباب مادية إلى سنة 2014، تتناول أوضاعا كانت تعيشها بعض المناطق بالمغرب والناجمة عن ظاهرة الأطفال الأشباح، وتعني أطفال توفوا ولم تعلن أسرهم عن ذلك للسلطات في البلاد الأوروبية لتتم الاستفادة من مبالغ التعويضات الشهرية المخصصة للأطفال الراحلين أو أبناء أحد الإخوة أو أفراد من الأسرة للحالة المدنية لنفس السبب، كما تنتقد الرواية هيمنة العقلية الذكورية في المجتمعات القروية المنغلقة، وبعض من سلبيات هذه المجتمعات.

وتندرج رواية “جزيرة الذكور” ضمن الرصيد الأدبي والجهود الثقافية والاجتماعية لعزيز بنحدوش كأستاذ وقصاص، والذي يذكر له شباب المنطقة أيضا مساهماته الفعالة في تأطير الجامعة الشعبية لتوعية بنات وأبناء المنطقة والجنوب عامة.