كشفت تقرير الموارد البشرية المرفق لمشروع قانون مالية 2025، أن الموظفون الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا يشكلون حوالي 35% من إجمالي الموظفين المدنيين، بينما لا يتجاوز تمثيل الشباب دون الخامسة والثلاثين 22%، فيما تشكل الفئات العمرية بين 35 و49 عامًا 43%.
وأشار التقرير إلى تركيز مرتفع للموظفين كبار السن في القطاعات الرئيسية، ففي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، على سبيل المثال، تجاوزت نسبة الموظفين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا 36.4%، كما سجلت قطاعات التعليم الوطني والاقتصاد والمالية والعدل نسبًا مرتفعة بلغت على التوالي 23.9% و23.7% و23.3%.
وأكد التقرير المرافق لمشروع قانون المالية لعام 2025 عن غياب شبه كامل للشباب في بعض القطاعات الحيوية، ففي قطاع التعليم الوطني على سبيل المثال، لا يوجد أي موظف يقل عمره عن 25 عامًا، بينما لا تتجاوز نسبة الفئة العمرية بين 25 و35 عامًا 7.3%، وفي قطاع التعليم العالي، لا تتجاوز نسبة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا 1%، بينما تمثل الفئة من 25 إلى 35 عامًا حوالي 12.8%.
وفي هذا السياق أبرز المحلل الاقتصادي، محمد جدري، في تصريح له، تحديات الهيمنة المتزايدة للفئات العمرية الكبيرة على الوظائف العمومية في المغرب، وذلك بسبب عدة عوامل هيكلية تراكمت على مدار عقود.
وعزا جدري ذلك إلى توقف الدولة عن التوظيف منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى تخصيص عدد محدود من المناصب المالية كل عام، مما أدى إلى ضعف شديد في فرص الالتحاق بالوظيفة العمومية، ما أودى إلى هيمنة كبار السن على أغلب المناصب في القطاع العام.
وأضاف المحلل الاقتصادي في تصريح لـ “العمق” أن غياب التوظيف المستمر أسهم في استنزاف مخزون الموظفين الشباب، في وقت أصبح فيه موظفو السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يقتربون من سن التقاعد، مما يكرّس طغيان كبار السن على الهيكل الإداري للدولة.
وأوضح المتحدث ذاته، أن تمديد سن التقاعد في الوظيفة العمومية إلى 63 عامًا أسهم أيضًا في هذا الاختلال، إذ أصبحت الفئات العمرية فوق 55 عامًا هي المهيمنة بشكل طبيعي في القطاع، مشيرا إلى أن تحديث الإدارة المغربية الذي جرى في السبعينيات جعل معظم العاملين الذين تم إدماجهم آنذاك إما متقاعدين حاليًا أو على وشك التقاعد، ما زاد الضغط على صناديق التقاعد.
وفي هذا السياق، لفت جدري إلى أن هذا الوضع أثر بشكل مباشر على التوازن المالي لصناديق التقاعد، التي أصبحت عاجزة عن تغطية أعداد المتقاعدين المتزايدة بشكل كبير مقارنة بالماضي، موضحا أنه في السابق، كان يتم دعم المتقاعد الواحد من قبل ثمانية موظفين نشطين، بينما اليوم، يغطي موظف واحد فقط متقاعدًا واحدًا، مما ينذر بتحديات مستقبلية جسيمة لصناديق التقاعد.
وحسب تقرير الموارد البشرية المرفق لمشروع قانون مالية 2025، فإن نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عامًا في قطاع الداخلية تبلغ 22.6%، وبالمقابل، فإن نسبة الشباب دون الخامسة والعشرين لا تتجاوز 2% في قطاعات الاقتصاد والمالية والعدل، و1.9% و1.1% على التوالي، وفي قطاع الصحة، تبلغ هذه النسبة 10.6%.
واعتبر المصدر ذاته، أن التمثيل النسائي في الإدارات العمومية لا يزال محدودًا، حيث لا تتجاوز نسبته 36.3% مقارنة بنسبة الرجال التي تبلغ 63.7%، مشيرا إلى إلى وجود فجوة كبيرة في التمثيل بين الجنسين، خاصة على مستوى مراكز صنع القرار، رغم الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في سوق العمل.
وحسب التقرير، فإن غالبية الموظفات في الوظيفة العمومية، بنسبة 72%، يعملن في ثلاثة قطاعات حيوية هي التربية الوطنية والتعليم العالي والصحة. وتشكل التربية الوطنية الحصة الأكبر بنسبة 44.5%، تليها الصحة بنسبة 5.2%، ثم التعليم العالي بنسبة 22%.
جدير بالذكر، أن الوزارة أشارت إلى أن حوالي 13% من إجمالي الموظفين المدنيين، أي ما يعادل 65.213 موظفًا، سيحالون على التقاعد خلال الفترة من 2024 إلى 2028، وذلك بسبب بلوغهم السن القانونية للتقاعد.
وأوضحت الوزارة، أن قطاع الصحة يأتي في مقدمة القطاعات التي تنتظر مغادرة أكبر عدد من الموظفين بحلول سنة 2028، حيث سيبلغ ستودع الوزارة الوصية حوالي 5718 شخصا يمثلون حوالي 9,6 في المائة من موظفي القطاع، كما سيغادر 4675 موظفا وزارة التعليم العالي بنسبة تبلغ 18,3 في المائة من مجموع موظفي الوزارة.
وأضاف أن قطاع التعليم سيشهد تقاعد 26911 موظفا بنسبة 13,7 في المائة من مجموعة موظفي القطاع، يليه قطاع الداخلية بنسبة 12,2 في المائة ووتمثل 14062 موظفا، بينما سيغادر قطاع العدل حوالي 1890 شخصا، أما الاقتصاد والمالية فسيتقاعد منها حوال 1.719 و10.256 موظفا من قطاعات أخرى.