حذر نواب برلمانيون من استخدام تقارير المجلس الأعلى للحسابات كـ”سلاح سياسي” لتصفية الحسابات والانتقام الشخصي من المنتخبين والمسؤولين، مطالبين بقطع الطريق أمام كل من يريد الإضرار بهذه التقارير أو المس بصورة المؤسسات المنتخبة، وذلك عبر افتعال شكايات كيدية.
وأكد البرلماني عن الفريق الاستقلالي، العياشي الفرفار، خلال مناقشة الميزانية الفرعية للمحاكم المالية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الخميس، أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات ليست فقط خلاصات للتقييم، بل هي أيضا تقارير استشرافية تكشف طبيعة إكراهات تدبير المال العمومي.
وأشار الفرفار إلى أن هناك من يستغل قرارات المجلس الأعلى للحسابات ويحوّلها لتصفية الحسابات، مما يجعل هذه التقارير “سلاحا سياسيا” في يد جهات معينة لها خصومات سياسية أو دوافع انتقامية ضد المدبرين، مشددا على أن هذه السلوكيات تستدعي، على وجه الاستعجال، تحصين وحماية عمل المؤسسات المنظمة، خاصة على مستوى المسطرة الجنائية.
وأوضح البرلماني عن الفريق الاستقلالي أن المحاكم المالية، من خلال تقاريرها المدروسة، تتيح فرصة الاطلاع على عمل مبني على الخبرة، ولا تهدف إلى تصيّد أخطاء القائمين على التدبير، بل تقدم تشخيصا يدعم من يرغب في التسيير بحكمة، مضيفا أن محاربة الفساد في المملكة ليست مجرد شعار، بل تتجسد في دخولنا إلى مرحلة المأسسة، حيث تصدر تقارير عالية الجودة تسهم في التشخيص وتحديد مواطن الخلل بدل التركيز على المحاسبة فقط.
من جهتها، قالت النائبة قلوب فيطح عن فريق الأصالة والمعاصرة إن التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات، المتعلقة بممارسة المحاكم المالية لاختصاص التأديب المالي ومساءلة المدبرين العموميين وفق المادتين 111 و162 من مدونة المحاكم المالية، تعزز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال إحالة الأفعال التي تستدعي عقوبة جنائية إلى النيابة العامة المختصة.
وأشارت إلى أن ذلك لا يمنع من الاجتهاد في تحصين هذا النموذج المتميز في الرقابة على المال العام، عبر منع أي إساءة إلى هذه المقتضيات الدستورية أو إلى صورة المؤسسات المنتخبة، من خلال افتعال شكايات كيدية لا أساس لها من العمل التمثيلي أو اليومي لخدمة مصالح المواطنين، وتحركها غالبا نزاعات فردية أو خلافات شخصية أو رغبات في تصفية حسابات ضيقة تفتقر إلى الحجة والدليل، وتستند إلى تأويل النصوص القانونية.
في سياق متصل، شددت البرلمانية عن الفريق الاشتراكي، مليكة الزخنيني، على ضرورة أن تكون لتقارير وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات آثار على المرافق العامة، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، وأن يكون التقرير السنوي للمجلس لحظة وطنية تساهم في تعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات، وتبعث الاطمئنان بأن هناك من يحمي المال العام.
من جانبها، قالت البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة ياسين إن كل التقارير المنجزة من طرف المجلس الأعلى للحسابات تتضمن تشخيصات دقيقة وملامسة حقيقية للعديد من الإشكاليات التي تعرفها المرافق العمومية، الأمر الذي يعمل على تحسين وترشيد التدبير العمومي وتعزيز ثقافة الإدلاء بالحساب، فضلا عن تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص والشفافية في المعاملات.
وأكدت ياسين على أهمية تتبع تنفيذ التوصيات التي يصدرها المجلس، وذلك من أجل تقييم مدى تفاعل المؤسسات المعنية مع هذه التوصيات، على أننا نشدد على ضرورة توفير الآليات الكفيلة بتنزيل كل توصيات المجلس، مشددة على ألا تكون كل التقارير المنجزة لحظة عابرة للإنصات والمناقشة بدون متابعة ومواكبة، وذلك من أجل إضفاء القوة اللازمة لاجتهادات المجلس، وتوطيد الثقة المتوخاة، والمصداقية المرجوة لدى المواطن.