أشعل موضوع اللحوم المستوردة وأسعار اللحوم الحمراء بالأسواق المغربية جدلًا واسعًا بين نواب الأغلبية والمعارضة، وذلك خلال المناقشة والتصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2025.
واستحوذ موضوع اللحوم المستوردة وتأثيراتها على القطيع الوطني وأسعار اللحوم في الأسواق المغربية، على جزء كبير من النقاشات بين النواب في الأغلبية والمعارضة، حيث تبادلوا الاتهامات والآراء حول السياسة الحكومية في التعامل مع هذا الملف.
ووجهت المعارضة سهام النقد للحكومة لعدم قدرتها على ضبط أسعار اللحوم، معتبرة أن استيراد اللحوم لا يؤدي إلى انخفاض فعلي في الأسعار، بل يساهم في إضعاف مربي الماشية المغاربة بسبب اعتماد السوق على اللحوم المستوردة بدلاً من دعم الإنتاج المحلي.
وانتقدت المعارضة سياسة الحكومة في ما يخص استيراد اللحوم، معتبرة أن هذه السياسة تُضر بمربي الماشية المحليين الذين يعانون من تراجع الأسعار وضعف الدعم الحكومي، مؤكدة أن الحكومة يجب أن تركز بشكل أكبر على دعم الإنتاج المحلي من خلال توفير مستلزمات الإنتاج، مثل الأعلاف، وتخفيف الأعباء الضريبية على مربي الماشية، وزيادة الدعم المالي لتحسين القدرة التنافسية للقطيع الوطني.
واعتبر عدد من النواب في المعارضة أن استمرار الاعتماد على اللحوم المستوردة يشكل خطرًا على الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي إلى إضعاف القدرة الإنتاجية للمزارعين والمربين المحليين، وهو ما يعرض الأمن الغذائي الوطني للخطر، مطالبين الحكومة بزيادة الميزانية المخصصة لدعم الفلاحين والمربين الصغار، وتقديم تسهيلات مالية لتحفيزهم على زيادة الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء، مشيرين إلى أن ذلك سيكون أكثر جدوى في تأمين الأسواق المحلية بعيدًا عن تقلبات الأسعار العالمية.
وأشارت المعارضة إلى أن هذا الاستيراد قد يؤدي إلى تراجع الأسعار على المدى القصير فقط، بينما لا يحل المشكلة الهيكلية التي يعاني منها قطاع تربية الماشية، مبرزة أن زيادة الاعتماد على اللحوم المستوردة قد يؤدي إلى تدهور نوعية اللحوم المغربية، فضلًا عن تراجع الاهتمام بالقطاع الفلاحي بشكل عام.
من جهتها، دافعت الأغلبية الحكومية عن استيراد اللحوم الحمراء باعتباره إجراءً ضروريًا لمواجهة تزايد أسعار اللحوم محليا، معتبرة أن هذا الإجراء يسعى إلى توازن بين دعم القطيع المحلي وتحقيق استقرار أسعار اللحوم للمستهلكين وأن الاستيراد يوفر كميات إضافية من اللحوم التي تحتاجها الأسواق، مما يساعد في التحكم في أسعار اللحوم ويمنعها من الارتفاع بشكل مفرط.
وأعلن مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، أن الحكومة المغربية ستستورد حوالي 20 ألف طن من اللحوم الطرية والمجمدة قبل بداية العام المقبل.
وأوضح بايتاس في معرض جوابه على أسئلة الصحافيين خلال الندوة الأسبوعية التي أعقبت انعقاد مجلس الحكومة، أن الأخيرة قد عالجت بالفعل طلبات استيراد تتعلق بـ10 آلاف طن من اللحوم الحمراء، مؤكدًا أن عملية الاستيراد تخضع لشروط صارمة يتم تحديدها في دفتر تحملات يُلزم المستوردين بمواصفات ومعايير محددة.
وسجل الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن مسألة استيراد اللحوم الحمراء، تأتي في سياق جهود الحكومة لتلبية الطلب المحلي وضمان استقرار الأسعار، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.