اقتصاد

هل يصبح المغرب وجهة الشركات الأجنبية بعد تهديد ترامب بفرض قيود تجارية “صعبة”؟

تجد الشركات الصناعية الدولية نفسها في حالة ترقب بسبب السياسات الحمائية التي يصر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الفائز بالانتخابات الأمريكية، على تنفيذها، إذ إن تعزيز النظام الجمركي قد يفاقم من صعوبة المنافسة بالنسبة للصادرات الإسبانية وغيرها من الدول في السوق الأمريكية، التي تعد سوقًا محورية بالنسبة لها.

وحسب ما أوضحته صحيفة “إل ناسيونال”، فإن مجموعة من الشركات الدولية بدأت في البحث عن البدائل المتاحة. واستنادا لتقرير Prospectiva de Mercado 2025 الصادر عن مرصد amec، تشير التوصيات إلى بروز أسواق مثل المغرب، بولندا، الهند، والمكسيك، باعتبارها خيارات استراتيجية لتجنب العراقيل التجارية التي قد تفرضها السياسات الأمريكية.

تكاليف أقل ولوجستيات أفضل

وأوضح المصدر ذاته أن سوزانا غونزاليس، المسؤولة في مرصد amec، أكدت أن المغرب وبولندا يتميزان بمزايا لوجستية وتكاليف منخفضة، مما يجعلهما خيارًا مثاليًا للشركات التي تسعى إلى تنويع مورديها بشكل سريع وآمن.

من ناحية أخرى، تبرز الهند كوجهة ذات إمكانات كبيرة للتوسع الصناعي، حيث يُنظر إليها على أنها قادرة على تجاوز الأسواق الناشئة الأخرى لتحتل موقعًا متقدمًا في الاقتصاد العالمي.

على الرغم من الفرص التي يوفرها السوق المكسيكي، تشير مارتا أندرو، ممثلة amec في الولايات المتحدة، إلى أن أي تغيير في السياسة التجارية الأمريكية قد يؤثر على سلسلة التوريد العالمية، خاصة بالنسبة للمنتجات القادمة من الصين والمكسيك.

وتضيف بأن التحديات التي قد تواجه الاقتصاد المكسيكي بسبب اعتماده الكبير على التجارة مع الولايات المتحدة، حيث تُصدِّر المكسيك حوالي 80% من بضائعها إلى السوق الأمريكي.

الصناعات الأكثر تضررًا

وأكدت الصحيفة الإسبانية أن قطاعات السيارات، والصناعات الغذائية، والقطاع الكيميائي تبدو من بين الأكثر تأثرًا، إذ أشار ميغيل كاردوسو، كبير الاقتصاديين في BBVA Research، إلى أن 80% من صادرات القطاع الكيميائي من إسبانيا إلى الولايات المتحدة تأتي من كتالونيا، معربا عن مخاوفه من التأثيرات السلبية المحتملة للسياسات الحمائية الأمريكية على هذا القطاع الحيوي.

كما أكدت مارتا أندرو أن السوق الأمريكية، رغم تعقيداتها التنظيمية، تظل جاذبة للمستثمرين والصناعيين بفضل اقتصادها المستقر وسوقها الضخم.

ولفت إلى أن التغيرات التجارية الحالية تتطلب استراتيجيات دخول مدروسة وخطط طويلة الأجل، مع استعداد الشركات للامتثال للمتطلبات الأمريكية الصارمة.

خطر أم فرصة؟

في هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي، مهدي لحلو، أن المغرب قد يجد نفسه أيضا متضرراً بسبب سياسة ترامب التجارية التي تستهدف تقليص الاستثمارات الأمريكية في الخارج وإعادتها إلى الداخل الأمريكي.

واستحضر لحلو تجربة المغرب مع شركة “بوينغ”، حيث وقع الطرفان اتفاقية استثمارية كبرى تهدف إلى توسيع القطاع الصناعي للطائرات في المغرب، غير أن هذه الاتفاقية ألغيت خلال فترة رئاسة ترامب، بعد دعوته الشركات الأمريكية التي استثمرت في الخارج إلى العودة للولايات المتحدة.

وأثار المحلل الاقتصادي تساؤلات حول التداعيات الاقتصادية للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على الاقتصاد المغربي، خاصة في ظل عودة محتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

واعتبر أن الصين أصبحت من أبرز المستثمرين في المغرب، حيث تركز على مجالات استراتيجية مثل الطاقة، البطاريات الكهربائية، والليثيوم، مسجلا أن هذه الاستثمارات تهدف إلى تحويل المغرب إلى منصة لتصدير المنتجات الصينية نحو الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى.

إلا أن لحلو حذّر من أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين قد تؤدي إلى عرقلة هذه الخطط، خصوصاً إذا منعت الولايات المتحدة دخول المنتجات المصنعة في المغرب التي ترتبط بسلاسل التوريد الصينية.

الإنتاج المحلي

وأكد المتحدث في تصريح لـ “العمق” أن المغرب بحاجة إلى تعزيز الاعتماد على الإنتاج المحلي وجعل مصدر المنتجات مغربياً، لضمان تفادي التداعيات السلبية لأي صراعات دولية.

ويرى المصدر ذاته أن الولايات المتحدة تعتبر الصين وروسيا خصمين استراتيجيين، مما يزيد من حساسية المنتجات المرتبطة بهذين البلدين في الأسواق الأمريكية.

وفيما يتعلق بالعلاقات المغربية الصينية، شدد لحلو على أهمية هذه الشراكة، لا سيما بعد الزيارات الرسمية الأخيرة وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين,

ومع ذلك، نبّه إلى أن أي تأثير سلبي على الصين نتيجة للسياسات الأمريكية قد ينعكس بشكل غير مباشر على الاقتصاد المغربي، مما يستدعي يقظة في إدارة هذه العلاقات الاقتصادية الدولية.

جدير بالذكر أن بيانات حديثة أظهرت أن القطاعات ذات الوزن الاقتصادي الأكبر في الولايات المتحدة تشمل الصناعات الكيميائية، الماكينات الصناعية، والبنية التحتية.

كما تمثل قطاعات الروبوتات، الذكاء الاصطناعي، والمواد الجديدة مجالات واعدة للشركات الدولية الباحثة عن فرص في السوق الأمريكية.