منتدى العمق

غياب تجريم مخالفات الصناعة السينمائية في مدونة الجمارك

صدر مؤخرا بالجريدة الرسمية عدد 7365 بتاريخ 30 ديسمبر 2024 القانون رقم 18.23 الذي يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي الذي منح في مادته 89 مهمة البحث عن المخالفات ومعاينتها في مجال الصناعة السينمائية إلى أعوان الجمارك، فضلا عن ضباط الشرطة القضائية وأعوان المركز السينمائي المغربي، حيث جعل إثبات هذه المخالفات يتم عن طريق محاضر تحال إلى النيابة العامة المختصة طبقا لأحكام النصوص التشريعية الجاري بها العمل.

وهذا الاختصاص الممنوح لأعوان الجمارك ليس وليد هذا القانون الجديد، بل يرجع إلى القانون رقم 20.99 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.01.36 بتاريخ 15 فبراير2001 الذي سبق أن أكد في فصله 35 على اختصاص أعوان الجمارك في إثبات كل مخالفة لأحكام هذا القانون المتعلق بالصناعة السينمائية.

ويستفاد من المادة 90 من هذا القانون الجديد أن أعوان الجمارك وضباط الشرطة القضائية يتولون في إطار بحثهم عن مخالفات الصناعة السينمائية القيام بالتحريات اللازمة داخل الأماكن والمحلات أينما تواجدت عبر تراب المملكة، وهو معطى يتعدى نطاق الدائرة الجمركية الذي كان مجالا خالصا لأعوان جمارك قبل أن يتم حذفها من نصوص مدونة الجمارك بدعوى عدم جدواها مادام النطاق الجمركي يشمل كافة التراب الوطني بما فيه المياه الإقليمية.

ويتضح أن المشرع الجمركي لم يستوعب مغزى الدائرة الجمركية من حيث تحديدها لمجال التدخل الجمركي، على اعتبار أن الاختصاص الجمركي يكون أصليا وحصريا في الدائرة الجمركية، بينما يكون استثناء خارج دائرة النفوذ الجمركي، يقوم به إلى جانب أعوان الجمارك كلا من ضباط الشرطة القضائية وغيرهم ممن يساهمون في تطبيق نصوص مدونة الجمارك مثل أفراد القوات المسلحة الملكية وقوات البحرية الملكية فيما يخص التصدي لجرائم التهريب ومحاربة المخدرات.

حيث تتم إحالة البضائع المحجوزة على إدارة الجمارك من أجل تقديم مطالبها المنصوص عليها وعلى عقوبتها في نصوص مدونة الجمارك.
وبالتالي يكون أعوان الجمارك بموجب القانون المتعلق بالصناعة السينمائية ملزمين إلى جانب مراقبتهم لتصدير واستيراد الأفلام السينمائية المعدة لأغراض تجارية، بممارسة أعمال البحث والتحري خارج نطاق الموانئ والمطارات والدائرة الجمركية عموما من أجل ضبط المخالفات لأحكام هذا القانون.

وتتمثل هذه المخالفات في كل مساس بثوابت المملكة يستهدف المقدسات الدينية أو الوطنية أوالملكية، مثلما نصت عليه المادة 19 من نفس القانون التي أكدت على أنه: ” يلتزم صاحب رخصة تصوير الفيلم السينمائي أو العمل السمعي البصري باحترام السيناريو لثوابت المملكة والنظام العام وبعدم إدخال أي تعديل جوهري عليه.”

ويلاحظ بهذا الخصوص أن المشرع الجمركي لم يجعل هذه المخالفات جرائم جمركية كما هو الحال مثلا في مجال حماية الملكية الصناعية المستحدثة بموجب القانون رقم 97.17، رغم تعاقب قوانين المالية التي تسمح بتحيين مدونة الجمارك، وذلك منذ فبراير 2001 تاريخ صدور القانون رقم 20.99 الذي أمد إدارة الجمارك بصلاحية تعقب المخالفات للصناعة السينمائية، مما قد يطرح إشكالا بخصوص التكييف القانوني لهذه المخالفات وكذا مقدار الغرامة المستحقة الواجب تضمينها في المحاضر الجمركية.

ويبقى التحري بصدد مخالفات الصناعة السينمائية الذي أوجبه القانون على أعوان الجمارك منصبا أساسا على:

– غياب الترخيص اللازم: لممارسة نشاط الانتاج السينمائي أو لتنفيذه أو لاستغلال قاعة سينمائية، أو للاستغلال التجاري لفيلم سينمائي، أو لتصوير فيلم سينمائي أو عمل سمعي بصري، أو لتحديد مواقع تصوير الأفلام، أو لتصدير أو استيراد فيلم سينمائي لأغراض تجارية، أو لعرض فيلم سينمائي في مهرجان أو تظاهرة؛
– خرق مقتضيات المادة 19 المتعلقة بالمس بثوابت المملكة والنظام العام؛
– عدم القيام بإتلاف الفيلم السينمائي الذي تم استيراده أو إرجاعه إلى صاحب حق الاستغلال بعد تجاوز مدة انتهاء استغلاله التجاري؛
– عدم الإخبار بما يطرأ على شركة الانتاج من تغيير في شكلها القانوني أو غرضها أو رأسمالها أو تسميتها أو مقرها الاجتماعي.