سياسة

“صرخات من الهامش”.. تاشفين يحذر من تحول تحويلات المهاجرين إلى “ريع استهلاكي”

أكد الناشط الحقوقي والباحث في سوسيولوجيا الهوية، سعيد ألعنزي تاشفين، أن المهاجرين المغاربة يشكلون قوة اقتصادية هائلة، حيث بلغت تحويلاتهم المالية 100 مليار درهم خلال جائحة كورونا. لكنه انتقد التعامل الموسمي معهم، داعيا إلى اعتماد سياسات عمومية مستدامة لتعظيم الاستفادة من هذه الإمكانيات.

وقال تاشفين إن جهة درعة تافيلالت في معيشتها اليومية على ثلاثة روافد اقتصادية رئيسية، ويتعلق الأمر بالطبقة الوسطى وتشمل الموظفين والجنود والمقاولين الصغار، والرافد الثاني هم العاملون في الأرض والواحات والفلاحة المعيشية، والرافد الثالث هم المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يرسلون تحويلات مالية ضخمة تساهم في دعم العائلات والاقتصاد المحلي.

وحذر الناشط الحقوقي، خلال الحلقة 11 من برنامج “صرخات من الهامش” الذي تبثه جريدة “العمق”، من تحول تحويلات المهاجرين إلى “ريع” يذكي الاستهلاك غير المنتج، مطالبا الحكومة ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج بوضع آليات لتوجيه هذه الأموال نحو مشاريع مدرة للدخل تعزز الإنتاجية وتخلق الثروة.

وأكد أن الدولة يجب أن تتجاوز المعاملة المناسباتية معهم، مثل الاحتفال بيوم المهاجر مشددا على ضرورة أن تكون المواكبة للمهاجرين مستدامة ومستمرة، مبرزا أن خلال جائحة “كورونا” بلغت تحويلاتهم إلى المغرب نحو 100 مليار درهم وهو رقم ضخم يتطلب من صناع القرار والحكومة التعامل معه بجدية.

وأشار إلى أن ترك الدولة في مواجهة مباشرة مع الانتظارات الشعبية قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة، لكن المجتمع المغربي يتميز بتقاليد تضامنية تاريخية، مضيفا أن المغاربة يدعمون بعضهم البعض في أوقات الشدة، سواء في العلاج أو شراء المنازل أو إقامة المشاريع، وهذا الوعي الأخلاقي والمعياري أقوى من كثير من الممارسات الدينية الشكلية الوافدة من المدارس الوهابية والمشرقية.

مع ذلك، أشار ألعنزي إلى أن هناك جوانب سلبية لهذه الظاهرة، خصوصا فيما يتعلق بالمهاجرين المغاربة في أوروبا. هؤلاء الذين يعملون في دول مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وأمريكا، يساهمون في دعم عائلاتهم من خلال تحويل الأموال، لكن هذا قد يؤدي في بعض الحالات إلى خلق ثقافة الاعتماد على دخل غير منتج، حيث يصبح المهاجر مصدر دخل غير مباشر لعائلته، مما يحول هذه التحويلات إلى “ريع” يساهم في الاستهلاك غير المنتج.

لذلك، دعا الباحث في سوسيولوجيا الهوية إلى أن تعمل الدولة، بالتعاون مع مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، على إنشاء مواكبة مستمرة للمهاجرين المغاربة، بحيث تُوجه تحويلاتهم نحو مشاريع استثمارية مدرة للدخل، حتى تسهم هذه الأموال في تعزيز الإنتاجية وخلق الثروة، بدل أن تستهلك في الحاجيات اليومية فقط.

وفي هذا الإطار، شدد على ضرورة أن تضع الدولة تصورات استراتيجية لتوجيه هذه الأموال نحو مشاريع اقتصادية فعالة، مثل إنشاء وحدات فندقية، محطات وقود، أو مشاريع صغيرة تساهم في الإنتاج، مما يسهم في تغيير المنطق التقليدي للاستهلاك إلى منطق الإنتاج.

وختم بالقول إنه لا يجب أن تظل علاقة الدولة بالمهاجرين مقتصرة على المناسبات والاحتفالات، بل يجب تحويل هذه العلاقة إلى شراكة حقيقية طويلة الأمد، تعزز مساهمتهم في الإنتاج والتنمية، بدل الاعتماد المفرط على الاستهلاك الذي قد يكون على حساب الجهد الكبير الذي يبذله المغتربون في ديار المهجر.