لا يخفى على أحد أن الوضع في الشرق الأوسط يضع عددا من الدول وعلى رأسها المغرب في موقف دقيق وحساس… فكلما اشتد التوتر في المنطقة خاصة في فلسطين وإسرائيل وارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين يجد المغرب نفسه أمام معضلة أخلاقية مزدوجة:
كيف نعبر عن موقف إنساني متضامن دون الإضرار بمصالحه الوطنية أو التنصل من التزاماته الدولية؟
لقد راكم المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس (حفظه الله لنا ) رمزية خاصة في هذا الملف ليس فقط لكونه رئيس لجنة القدس (و هذا ميساج ) بل أيضا بالنظر إلى تاريخه الدبلوماسي الحذر والمتزن… إن مواقف المغرب غالبا ما تكون رمزية وضمنية.. وهي في رأينا أكثر حكمة من كثير من الخطابات الشعبوية والخرائط الذهنية المبنية على العاطفة أو الاصطفاف الأيديولوجي الأعمى.
أولا: المعضلة الأخلاقية
لا يمكن لدولة مثل المغرب، ذات العمق الإسلامي والثقافي المشترك مع الشعب الفلسطيني، أن تتجاهل المأساة الإنسانية التي تتكرر في غزة والضفة الغربية….ولكن في الوقت ذاته لا يمكن اختزال الصراع في ثنائية الخير والشر خاصة في ظل الواقع الجيوسياسي المتشابك وتورط أطراف عديدة في تأزيم الوضع…
ثانياً: أولوية المصلحة الوطنية
من جهة أخرىعلى المغرب أن يراعي أولوياته الوطنية وعلى رأسها الاستقرار..التنمية.. وحماية مصالحه الاستراتيجية…علاقته مع إسرائيل.. كما أي علاقة دبلوماسية..تخضع لحسابات السيادة والمصالح وليس فقط للعاطفة. وهذا لا يعني تخلٍ عن الفلسطينيين بل تعبير عن الدعم بطرق مسؤولة.. بعيدا عن التجييش الإعلامي أو الزج بالقضية في متاهات الشعارات الفارغة…
خاتمة:
في ظل هذه المعادلة الصعبة يظل المغرب في موقع “الحرج المستمر” وهو حرج ليس نتيجة تقصير أو تذبذب، بل ناتج عن جغرافية وتاريخ المغرب، وما يفرضه من خصوصية في تعاطيه مع قضايا المنطقة… لذلك فإن تعبير الملك محمد السادس عن مواقفه حتى وإن جاءت ضمنية أو رمزية تظل تعبيرا عن حكمة دولة تحاول أن توازن بين الضمير الإنساني والمصلحة الوطنية في زمن لم تعد فيه البساطة الأخلاقية كافية لفهم الصراعات المعقدة.
تعليقات الزوار
تراجع دول و قيام أخرى هما سنن كونية. المشكل مع اسرائيل أنها دولة عنصرية لا تريد القيام على مبادئ احترام حقوق الانسان و حسن الجوار. و هكذا يجد المغرب نفسه محاصرا بين فوائد التطبيع مع النظام الاسرائلي المجرم من جهة و بين دوره التاريخي باعتباره جزءا من الامة الاسلامية و ما يقتضيه ذلك من التزامات نحوها.