خارج الحدود

من قاعات الدراسة إلى براثن الكراهية .. تقرير يرصد معاناة الطلبة الأفارقة في الجزائر

سلطت مجلة “جون أفريك” الفرنسية الضوء على معاناة الطلبة الأفارقة في الجزائر في تقرير كشف عن التوترات المتزايدة والاعتداءات العنصرية التي يواجهها هؤلاء الطلبة منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباماكو. التقرير الذي نشرته المجلة الفرنسية في 12 أبريل، أشار إلى أن الطلبة من جنوب الصحراء، وخاصة الماليين منهم، أصبحوا هدفًا لعداء متزايد في الجزائر.

ونقلت الصحيفة حادثة وقعت في وهران حيث أُهان طالب مالي في الشارع، وتم توجيه كلمات عنصرية له تفيد بأن الطلبة الأفارقة لن يحصلوا على أي شيء مجاني بعد الآن، وأن عليهم دفع تكاليف دراستهم. وقالت “جون أفريك” إنه منذ اندلاع الأزمة بين الجزائر ومالي، التي تلقت فيها مالي دعما من بوركينا فاسو والنيجر، أصبح الطلبة الأفارقة في الجزائر يعانون من تصاعد الكراهية والعنف ضدهم.

وتشهد العلاقات بين الجزائر ومالي توترا سياسيا غير مسبوق، على خلفية إسقاط الجزائر لطائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي. وتفاقم التوتر بعد اتخاذ إجراءات دبلوماسية متصاعدة، من كلا الجانبين، وإغلاق الأجواء، وتبادل بيانات شديدة اللهجة. كما أن التصعيد بلغ مداه مع اندلاع مظاهرات مساندة للسلطات في العاصمة المالية باماكو، ووقوف كل من النيجر وبوركينافاسو إلى جانب مالي، وسحبهما لسفيريهما من الجزائر.

وفي مدينة سطيف، تضيف المجلة، تم مهاجمة مجموعة من الطلبة في الشارع، حيث تعرضوا لهجوم لفظي عنيف، وصفهم فيه المعتدون بأنهم “حيوانات” وهددوهم بالقتل. ويؤكد أحد الطلبة الذي كان من الطوغو أن هذه الهجمات ليست جديدة، بل هي جزء من حلقة من التوترات التي تحدث كلما نشبت أزمة دبلوماسية مع دولة أفريقية.

وأشار طالب آخر، وهو من مالي، إلى تجربته في أحد المتاجر في الجزائر حيث تعرض لأسئلة استفزازية حول سياسة بلده ودورها في الأزمة، مع التلميح إلى المسؤولية الجماعية للطلاب الأفارقة في تلك التوترات، ما يزيد من صعوبة العيش والتعلم في هذا المناخ المشحون.

وأشار تقرير المجلة إلى أن كرة القدم أضحت عاملًا مؤثرا في هذه الأزمة، حيث يتذكر أحد الطلبة السنغاليين تصاعد الكراهية بعد إقصاء المنتخب الجزائري من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، وهي الهزيمة التي اعتبرتها الجزائر كارثة وطنية. وقالت المجلة إن هذا الحدث دفع البعض إلى تحميل الطلبة الأفارقة جزءا من المسؤولية عن تلك الهزيمة، ما أدى إلى وقوع العديد من الاعتداءات ضدهم.

ولفتت “جون أفريك” إلى أن الطلبة من جنوب الصحراء يواجهون الآن تحديًا إضافيًا يتمثل في ضرورة تقديم موقف سياسي يبرر وجودهم في الجزائر، الأمر الذي يفرض عليهم التفاعل مع الأسئلة السياسية الحساسة، وفي حال التهرب منها، قد يتعرضون للاتهام بمناهضة الجزائر.

وفي سياق متصل، أصدر اتحاد الطلبة النيجريين في الجزائر (UESNA)، بيانا دعا فيه إلى الحد من التنقلات غير الضرورية والاحتفاظ دائما ببطاقة الإقامة وبطاقة الطالب للحماية من الاعتداءات المتزايدة. كما أفادت بتوثيق العديد من الاعتداءات اللفظية والجسدية ضد الطلبة الأفارقة، إضافة إلى تهديدات بالسرقة والطرد من الجزائر.

وبحسب أحد أعضاء جمعية الطلبة الماليين، فإن الطلبة المهاجرين في الجزائر يفتقرون إلى حماية قانونية، ويخلط بينهم وبين المهاجرين غير الشرعيين، مما يجعلهم أكثر عرضة للاعتداءات والعنف، وهو ما يزيد من معاناة الطلبة الذين يجدون أنفسهم ضحايا لأزمة دبلوماسية ليس لهم يد فيها، مما يؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية ودراستهم، وفق ما أوردته المجلة الفرنسية.