منتدى العمق

الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه

في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية والإفريقية والآسيوية بالاقتراح الذي طرحته المملكة المغربية سنة 2007 حول الحكم الذاتي للصحراء المغربية، سال الكثير من المداد، ونطقت الكثير من الألسن حول هذا الموضوع.

وبالرغم من أن المغرب، ملكًا وحكومةً وشعبًا، من طنجة إلى الكويرة، متشبث بهذا الأمر ولا يقبل أي مزايدات أو مراهنات حول قضيته الثابتة، إلا أن بعض الحكومات والمنظمات تسعى إلى المقايضة في هذا الملف، واستعماله كورقة ضغط في قضايا أخرى مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء! وهذا غير مقبول مهما كان الثمن!

لكن الأعراف الدولية تلزم الجميع باللجوء إلى المنظمات والهيئات الدولية للتحاكم حول مثل هذه القضايا، وهو ما قام به المغرب منذ نشأة هذا النزاع المفتعل. وهذا ليس ضعفًا من المغرب، ولا شكًا في عدالة قضيته، بل احترامًا للشرعية الدولية، رغم تقصيرها في إيجاد حل مناسب لفض هذا النزاع.

وعلى الرغم من أن مقترح المغرب، منذ سنة 2007، لقي قبولًا واسعًا في كل المحافل الدولية، فإن الأمم المتحدة لم تأخذ الأمر بالجدية المطلوبة، ولم تمنحه الأولوية، وهو ما ساهم في تأخر حل هذا الملف.

الآن، وبعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإسبانيا، ودول أخرى، أعتقد أن الأمر يسير نحو حل موفق وسريع، خاصة وأن فرنسا وإسبانيا كانتا المستعمرتين السابقتين للمغرب، وتملكان كل الوثائق والحجج التي تؤكد ارتباط وانتماء الشعب الصحراوي بالمملكة المغربية، وبسلاطينها وملوكها قبل وبعد الاستعمار.

وأي تأخر في حل هذا النزاع اليوم لا يُفسَّر إلا على أنه تماطل من جميع الأطراف في حق المملكة المغربية، التي لطالما مدت يدها للجوار، وكانت صوتًا للتسامح ونشر السلم، ليس فقط في المغرب، بل في المنطقة بأكملها.

فالمغرب اليوم يلعب دورًا محوريًا في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والروحية، في كل منطقة شمال وغرب إفريقيا. ولذلك على جميع الشركاء أن يُدركوا أهمية هذا الدور، ويأخذوا القضية الثابتة للمملكة بجدية ومسؤولية، حتى يتمكن المغرب من المضي قدمًا نحو تحقيق السلم، والحرية، والازدهار، لكل شعوب المنطقة.

وأخيرًا، على المغاربة، حكومةً وشعبًا، أن يقفوا وقفة رجل واحد خلف جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في هذه القضية، وفي كل القضايا الوطنية، والإقليمية، والدولية، حتى نُبرهن للعالم أن لا أحد يستطيع أن يفرّق بين مكونات الشعب المغربي، خاصة حين يتعلق الأمر بثوابته، التي تجعل من المغرب بلد الأمن، والاستقرار، والسلم الاجتماعي، والازدهار الاقتصادي، وملجأً للمستضعفين من المسلمين في كل بقاع العالم.

وعلى الله قصد السبيل.