يحتفل العالم ـ كما هو معلوم ـفي غرة ماي من كل سنة “01-ماي) بالعيد الأممي للعمال في كل بقاع المعمور، بتنظيم المهرجانات الخطابية والمسيرات العمالية.
يحمل العنوان في ثناياه دلالات الفرح، إذ العيد يوم للبهجة والسرور، غير أن ذلك في فاتح ماي يكاد يختفي، اللهم إذا استثنيت طقس الأغاني، وفي غالبها أغان ثورية أو ملتزمة، تناهض الظلم والاحتقار والاستغلال، وتناشد العدالة الاجتماعية. أهو عيد لأنه يعود كل سنة حتى صار عادة أم إن الطقوس الاحتجاجية جعلته عيدا؟
ربما نرجح الشق الثاني، ما دام قدر الشغيلة أن تحتج كل سنة، وتحمل على أكتافها لافتات ونعوشا تشهد على البوار والخسران، وتعبر عن التعطش لظروف عملية ومعيشية كريمة، وتصرخ الحناجر بشعارات الكرامة والعدالة الاجتماعية.
وعلى هذا الأساس، لا شيء يحيل على معاني الفرح سوى أغان، مضامينها، في الغالب، حزينة، وشعارات استعارت إيقاعات بعض الأغاني، أكثرها بات متجاوزا، وفي أحسن الأحوال مسكوكا.
واقع الشعارات الذي بات متجاوزا، يحمل في ثناياه معاني الخيبة، وهو انعكاس لواقع النقابات التي تعرف بدورها جمودا، أولا في القيادات التي تتوارث الكراسي، ولا يزحزحها إلا هادم اللذات، أو يتوارى بعضهم ويتحكم من بعد، ثانيا في دور النقابة في التأطير وخلق النقاشات على مدار السنة، وتوليد الأفكار من القواعد، وهذا دور يكاد يختفي اليوم، باستثناء لقاءات هنا وهناك، تصلح لها مسرحية الكراسي عنوانا، ثالثا تخلي النقابات عن دورها في الدفاع عن الشغيلة دون أبعاد إديولوجية أو سياسية أو مصلحية، وهذا ملاحظ في عدد النقابات وفي مواقفها من الشغيلة ومن القوانين (مواقف النقابات والأحزاب من التقاعد والتعاقد وقانون الإضراب في المغرب). رابعا، شيطنة الفعل النضالي يكرس الجمود، ويغمط المناضلين الشرفاء حقهم. خامسا، تناقص أعداد المحتجين أو المحتفلين بالتظاهرة، وتعاظم التذمر في أوساط الشغيلة من أمارات إفلاس النقابات، وفقدان هذا اليوم لرمزيته. سادسا، تفريخ التنسيقيات في قطاعات شتى، ولاسيما في قطاع التعليم، دليل على انعدام الثقة بين الشغيلة والنقابات، وعلى عدم قيامها بالمنتظر منها.
إن الفاتح من ماي مناسبة أيضا للنقابات من أجل نقد الذاتي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وليس معقولا أن تلتهم بعض النقابات المال العام، على غرار الأحزاب المستفيدة من المال العام، دون تأدية دورها كما ينبغي، وربما هذا الدعم هو سر جمود بعض النقابات وتخليها عن أدوارها الحقيقية.