قالت هيئة البث العبرية الرسمية، أمس الاثنين، إن المبعوث الرئاسي الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف تعهد لحركة حماس بالضغط على إسرائيل لاستئناف دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مقابل إطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر.
والأسبوع الماضي، أفرجت “حماس” عن الجندي ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب الإسرائيلية، بعد مفاوضات أجراها ويتكوف مع الحركة بمنأى عن تل أبيب.
ووقتها، ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان لمكتبه، أن إطلاق سراح ألكسندر تم “دون مقابل لحماس” و”بفضل الضغط العسكري الذي مارسته إسرائيل والضغط الدبلوماسي الذي مارسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
لكن هيئة البث العبرية، ذكرت مساء الاثنين، أن ويتكوف أعطى وعدا لحماس “دون علم تل أبيب”، خلال المفاوضات على إطلاق سراح ألكسندر “بالضغط على إسرائيل لدفعها لإدخال المساعدات لغزة”.
وأضافت أن نتنياهو “تعهد لويتكوف بعد ذلك وقبل وقت قصير من إطلاق سراح عيدان باستئناف المساعدات بشكل فوري دون علم الجمهور وبعيدا عن وسائل الإعلام”.
في سياق آخر، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مساء الاثنين، نقلا عن مصدر إسرائيلي مطلع على العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، إن فريق ترامب نقل رسالة لإسرائيل مفادها “إذا لم توقفوا الحرب فسوف نتخلى عنكم”.
ولليوم الـ79 تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
شركة أمريكية
في سياق متصل، أفادت صحيفة عبرية، الإثنين، أن شركة تابعة “لصندوق إنساني” أسسه المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ستتولى الأسبوع المقبل توزيع مساعدات للفلسطينيين بغزة عبر موظفين مسلحين ومدربين على القتال في ظل حصار إسرائيلي خانق.
وأثارت هذه الخطوة مخاوف واسعة من محاولات إسرائيلية جديدة لدفع الفلسطينيين إلى النزوح من شمال القطاع نحو الجنوب، عبر التحكم بمسارات الإغاثة.
ويأتي ذلك في أعقاب مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت)، مساء السبت، على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة “بشكل فوري”، بعد توقف دام أكثر من شهرين منذ استئناف الحرب على القطاع، على خلفية ضغوط أمريكية شديدة على تل أبيب.
وتغلق تل أبيب منذ 2 مارس الماضي المعابر بوجه المساعدات الإنسانية المتكدسة على الحدود، ما أدخل غزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني، في مجاعة قاتلة.
وادعت الصحيفة أن إدخال المساعدات سيتم حتى 24 ماي الجاري عبر “الطريقة القديمة”، أي من خلال شاحنات تمر عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب)، توزع محتوياتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، ثم يبدأ العمل بـ”الطريقة الجديدة”.
وتزعم إسرائيل أن حماس تمكنت في السابق من السيطرة على البضائع التي جرى توزيعها بتلك الطريقة بفعالية وكفاءة، رغم أن الأمم المتحدة تؤكد حتى اليوم أنه لا توجد أدلة قاطعة على ذلك.
ووفق “يديعوت”، فإن “الطريقة الجديدة” تشمل إنشاء الجيش الإسرائيلي نقاط توزيع خاصة داخل قطاع غزة لصالح صندوق أمريكي يحمل اسم Gaza Humanitarian Foundation، (مؤسسة غزة الإنسانية) ويعرف اختصارا بـ “GHF” أسسه ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط.
ونشرت الصحيفة للمرة الأولى صورا لموظفين تابعين للشركة الأمريكية وهم يرتدون سترات واقية ويحملون أسلحة، مشيرة إلى أنهم جنود أمريكيون سابقون في وحدات نخبة، يمتلكون خبرة في مناطق النزاع، وموجودون حاليا في إسرائيل.
وذكرت أن هؤلاء الموظفين هم من سيتولون توزيع المساعدات دون أي تدخل من الجيش الإسرائيلي، بينما سيتولى الجيش تأمين مراكز التوزيع المخصصة، دون الكشف عن مواقعها الدقيقة في المرحلة الحالية.
ووفق الصحيفة، تهدف إسرائيل من هذه الآلية إلى “فصل السكان عن حماس”، عبر دفع المدنيين للنزوح نحو مناطق جنوب القطاع حيث توجد مراكز التوزيع، و”تقليل اعتمادهم على الحركة في الحصول على الغذاء”.
كما تسعى إسرائيل، بحسب الصحيفة، إلى “تخفيف الضغط الدولي” المتزايد عليها جراء تفاقم الأزمة الإنسانية، في محاولة لخلق مساحة سياسية تتيح لها مواصلة عملياتها العسكرية، وفي مقدمتها حملة “عربات جدعون”.
رفض أممي
وتثير الشركة الجدل، إذ تعتزم هي، وليس مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، توزيع المساعدات بمناطق محددة يحميها الجيش الإسرائيلي.
وتعد هذه الخطوة أول محاولة لتفعيل جهة توزيع جديدة للمساعدات بعد أشهر من الجمود، ضمن حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على نحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة.
في المقابل تطالب المنظمات الأممية والدولية باستئناف المساعدات واستمرارها عبر القنوات القائمة، وهي وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات إغاثية دولية.
وفي 23 أبريل الماضي، أعرب متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن رفض المنظمة الدولية للخطة الإسرائيلية بشأن توزيع المساعدات في غزة.
وشدد دوجاريك، على أن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية.
وحذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل المساعدات في غزة “طُعمًا” لإجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه.
كما حذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في 7 ماي الجاري، من مخططات إسرائيلية لإنشاء مخيمات عزل قسري للفلسطينيين على غرار “الغيتوهات النازية”، عبر آلية توزيع المساعدات التي تروج لها تل أبيب.
وسوم الجمعة الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، توسيع إبادته الجماعية في قطاع غزة، وبدء شن ضربات واسعة ضمن ما سماها حملة “عربات جدعون”، بهدف احتلال غزة بالكامل، وفق ما أفادت به هيئة البث العبرية في 5 ماي الجاري.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 174 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.
مجاعة خانقة
قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الإثنين، إن إسرائيل لم تدخل أي مساعدات إلى القطاع منذ نحو 80 يوما، في ظل حصار خانق وتجويع ممنهج يهدد حياة 2.4 مليون فلسطيني.
وأكد المكتب، في بيان، أن “أي مساعدات حقيقية لم تدخل إلى قطاع غزة منذ أكثر من 80 يومًا، في ظل الحصار المحكم والمجاعة المتفاقمة”.
وأشار إلى أن “الاحتلال الإسرائيلي يُغلق جميع المعابر بشكل كامل، ويمنع إدخال ولو حبة قمح واحدة منذ قرابة ثلاثة أشهر”. ووصف البيان ما يجري بأنه “سياسة تجويع ممنهجة تستهدف 2.4 مليون إنسان أعزل”.
وأضاف أن “الاحتلال يروّج للسماح بدخول 9 شاحنات فقط محملة بمكملات غذائية للأطفال، وهو ما لا يشكّل سوى 0.02 بالمئة من إجمالي 44 ألف شاحنة كان يفترض دخولها خلال فترة الحصار المستمر منذ 2 مارس الماضي”.
وأشار البيان إلى أن قطاع غزة يحتاج يوميًا إلى نحو 500 شاحنة مساعدات، و50 شاحنة وقود، لتلبية الحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين.
من جانبها، قالت حركة “حماس”، الإثنين، إن تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، التي توعد فيها بتجويع وتدمير ما تبقى من قطاع غزة وتهجير سكانه، تعد “اعترافا صريحا بارتكاب جريمة إبادة جماعية”.
وأوضحت الحركة، في بيان، أن “تصريحات الوزير تمثّل اعترافا صريحا بارتكاب جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وبنية مبيّتة لا تقبل التأويل”.
وأضافت: “هذا التصريح يستوجب مساءلة قانونية عاجلة، وندعو محكمتي العدل والجنائية الدوليتين إلى توثيقه وفتح تحقيق لمحاسبة قادة الاحتلال وضمان عدم إفلاتهم من العقاب”.
والاثنين، توعد سموتريتش، بتجويع وتدمير ما تبقى من قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين من جنوبه، قائلا: في مؤتمر صحفي: “منذ أمس، يعمل الجيش بخمس فرق في غزة بقوة لم نشاهدها منذ بداية الحرب”، مضيفا أنه “لا مزيد من الغارات والدخول والخروج، بل الغزو والتطهير والبقاء (الاحتلال)”.
سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، أردف: “كجزء من الحرب، يقوم الجيش بنقل السكان (الفلسطينيين) من مناطق القتال، ولا يترك حجرا على حجر (يدمر كل شيء)”، مردفا: “السكان سيصلون إلى جنوب غزة، ومن هناك (سيتم تهجيرهم) إلى دول ثالثة ضمن خطة الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب”.
ومنذ 18 عاما تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني في القطاع بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.
وتشهد قطر مفاوضات غير مباشرة بين حركة “حماس” وإسرائيل، في محاولة جديدة لإبرام اتفاق لوقف حرب الإبادة وتبادل أسرى.
وأعلنت حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين “دفعة واحدة”، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية بغزة، وهو ما ترفضه الأخيرة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمرا.
* المصدر: تقارير الأناضول