مجتمع

بعد تعيينه بالمجلس الأعلى للقضاء.. كلية “أكدال” تكرم الباشا بعد 40 عاما من العمل الأكاديمي

عينه الملك محمد السادس عضوا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية

في أمسية وفاء واعتراف بعطاء دام أكثر من أربعة عقود، شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، حفلا تكريميا بهيجا احتفاء بالأستاذ فريد الباشا، العميد السابق للكلية، عقب تعيينه من قبل جلالة الملك محمد السادس عضوا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وجاء هذا اللقاء تكريما لمسيرة علمية وأكاديمية استثنائية، ولرجل بصم تاريخ الكلية والجامعة المغربية بحضوره المتميز، وتفانيه في خدمة العلم والمعرفة والقيم الجامعية، حيث التف حوله زملاؤه ورفاق دربه وأطر وطلبة المؤسسة، في لحظة امتنان وعرفان لما أسداه من خدمات جليلة.

وفي كلمة ختامية مؤثرة خلال الحفل، قال فريد الباشا: “ربما أغادر الكلية اليوم بشكل قانوني وإداري، لكن معنوياً، أنا بالجامعة”، مضيفاً أن كلية أكدال ليست مؤسسة عادية، بل صرح وطني له رمزية خاصة، دُشِّن من قبل الملك محمد الخامس، ودرس فيه الملك محمد السادس، وهو ما يمنحها بُعداً تاريخياً يستوجب الحماية والاعتزاز.

وأضاف الباشا، الذي تم تعيينه مؤخرا بعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن الجامعة المغربية تمرّ بمرحلة دقيقة تتطلب قرارات جريئة، معتبراً أن إعادة تدبير الجامعة ضرورة حتمية لإعادة الاعتبار لدورها في التميز والابتكار وخدمة التنمية، مؤكداً أن الأساتذة المغاربة الجادين والمخلصين هم الركيزة الأساسية لتجاوز كل التحديات.

وأشار في حديثه إلى أن الجامعة المغربية، إذا ما توفرت لها الشروط الملائمة، قادرة على الإبداع والريادة، داعياً إلى حماية القيم الجامعية وتثمين الكفاءات الوطنية، التي تشتغل في صمت رغم الإكراهات.

وكان بلاغ من الديوان الملكي، قد أفاد مساء الاثنين 12 ماي الجاري، بأن الملك محمد السادس، تفضل بتعيين فريد الباشا، عضوا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب حسن طارق المعين بالمجلس بصفته وسيطا للمملكة.

وانطلقت رحلة فريد الباشا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال سنة 1977 طالبا، قبل أن يُعيَّن أستاذا باحثا سنة 1984، وعلى مدى أكثر من أربعين سنة، ساهم في إشعاع الكلية علميا وإداريا.

وشغل الباشا منصب رئيس شعبة القانون الخاص لأزيد من اثني عشر عاماً، وكان عضوا منتخبا في عدد من الهيئات التقريرية داخل الجامعة، كما تولى منصب عميد بالنيابة، ثم رئيساً لجامعة محمد الخامس بالنيابة سنة 2022.

وبعيدا عن التدريس والإدارة، راكم الباشا مسارا موازيا في الحقل الجمعوي والثقافي، إذ أسس ويرأس المركز المغربي للدراسات القانونية، ودار المغرب للسلام، والمعهد اليهودي الفرنكفوني.

كما شغل مهمة مستشار لدى الكتابة العامة للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، ونال في سنة 2024 وسام الشرف في باريس كسفير لحل الأزمات، ووسام التقدير الإفريقي في العام نفسه.

وعلى هامش الحفل، قال جواد النوحي، رئيس شعبة القانون العام بالكلية، في كلمة له، “لامست في الأستاذ الباشا سلوكا مميزا يجمع بين الحس الإنساني وهاجس تقدم وتطوير العلوم القانونية، والمساهمة في إرساء التقاليد المعمول بها في أعرق الجامعات العالمية، وهو ما سجلته بقوة خلال توليه رئاسة شعبة القانون الخاص على امتداد مدة ليست بالسهلة”.

وأضاف النوحي، “لقد كان حريصا، من خلال هذا الإطار ومن خلال هياكل أخرى، على تنظيم العديد من اللقاءات العلمية والبيداغوجية، والانفتاح على الحقوق المعرفية الأخرى، وهو المعجب بالفلسفة وعلومها، وأيضا من خلال إصدار العديد من المؤلفات الجامعية، كما كان دائما حريصا على تكريم والاحتفاء بالأساتذة”.

ومما قاله النوحي أيضا، “لقد حافظ الأستاذ الباشا على نفس السلوك والممارسة منذ أن تولى عمادة كليتنا العتيدة، وهنا توضدت العلاقة المهنية أكثر منذ انتخبت رئيسا لشعبة القانون العام في يناير 2024، إذ سجلت عليه العمل على خلق أجواء إيجابية في تشجيع الأنشطة العلمية والبيداغوجية، وعلى الانفتاح على كل المبادرات الجادة، وتدعيم اتفاقيات الشراكة والتعاون بين الكلية ومؤسسات أخرى بما يفيد الأساتذة والطلبة والباحثين”.

من جانبه، قال بوعبيد شلاط، رئيس شعبة القانون الخاص: “نخصص هذا اليوم التفاتة عرفان لأفضال وتضحيات واحد من الأساتذة البارزين المبرزين ورموز الذين سجلوا كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الكلية الأم ببلدنا، بصمات لا يفنيها الزمان ولا تنسيها عاتيات الأيام، وهو الفاضل الأريب، الذي ظل مدافعا عن القيم الجامعية والحرية الأكاديمية، وقبل هذا وذاك هو الإنسان والقدوة وباعث الديناميات وصاحب مقولة المغرب الممكن”.

أما زكرياء فرانو، الكاتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، فقد تأرجح في التفكير بين أن يكتب الكلمة أو أن يرتجلها، قبل أن يحسم بقوله: “إن ارتجال الكلمة في هذا المقام هو الأجدر، لأنها لا بد أن تخرج من القلب كي تصل إلى القلب، نحن لسنا في موقع علمي أو في كلمة علمية أو درس جامعي، ولكن هي لحظة الاحتفال بصديق ربما لم يطل بي الأمد في معرفته”.

وأضاف فرانو: “عرفت الباشا حقيقة منذ 2019، عندما حمل على عاتقه أن يصير عميدا لكلية الحقوق أكدال، ولا أخفيكم سرا أنني في ذلك الوقت كنت أتساءل: كيف يمكن أن يكون هناك تدبير لهذه الكلية مع العمل النقابي؟ والكل دائما يعلم أن العمل النقابي يكون في صراع دائم مع الإدارة وتوجهات الإدارة”.

وتابع المتحدث: “أكون معكم صريحا جدا، لم أقم بأي عمل نقابي لست سنوات، لماذا؟ لأسباب عديدة، أولها أنني لم أجد أي مشكل مع السيد فريد الباشا”.