الفقرة الأولى :
ـ هذا لله وحده وهذا للسلفي..!! :
بداية وقبل تناول موضوع الحج والعمرة من هذه الزاوية، لابد من التنبيه إلى أمر مهم، هو أني ضد منطق التعميم ولا أقصد جميع الحجاج و المعتمرين، فلا زال هناك فئة عظيمة ولله الحمد تقوم بهذه الشعائر التعبدية، بكل إخلاص و تجرد طلبا للأجر و الثواب، و فئة أخرى مع الأسف همها الدنيا و التفاخر…
ـ بركات مولاي ( السلفي ) :
ليس المقصود هنا بهذه الكلمة، الجماعة التي تدعي الإقتداء بالسلف الصالح، والمفرد سلفي والجمع سلفيون بفتح السين، لكن المقصود بالسلفي هنا بكسر السين هو طريقة أخذ الصور، حيث يعمد صاحب الهاتف إلى أخذ صور شخصية له، سواء باستعمال عمود يثبت في أعلاه الهاتف، أو يأخذ الهاتف بإحدى يديه و يبعده عن وجهه قدر الإمكان، عندها يمكنه أخذ صور ثابتة أو فيديو وقد يكون البث مباشرا، و المصيبة هي أن هذا الأمر ابتلي به الجميع، حتى بعض النخب المثقفة يا حسرة، إن من المضحك المبكي في نفس الوقت، هو أن ترى الحاج أو المعتمر بلباس الإحرام، يجهد نفسه في السعي بين الصفا والمروة، وهو يتصبب عرقا و الهاتف في يده يأخذ له صور سلفي، وقد يكون البث مباشرا للعائلة أو الأصدقاء أو لعموم الناس، ولسان حال هذا الحاج المغفل يقول : ( شاهدوني وأنا ابذل مجهودات شاقة في العبادة..)، نقول لهذا الحاج أو الحاجة : ( تصويركم مبرور و سلفييكم مشكور و حجكم مݣعور..)، إنه لشيء عجيب وأمر غريب أن نضيع ركن الحج، بعد بذل مجهود جسدي كبير و صرف المال الكثير، و إجراءات إدارية مرهقة و اجتياز مباراة القرعة و الفحص الطبي..، نظرا لتلقي الحاج الكثير من البطائق الصفراء و الحمراء، وذلك بسبب ” السلفي” الذي يرافقه اثناء تأدية كل المناسك، وعلينا طرح السؤال التالي : هل فعلا نحج لله وحده ام نشرك معه مولاي
“السلفي”..؟
الفقرة الثانية :
ـ الشيطان يضحك من جماعة السلفيين :
موقف مضحك و طريف عندما يقوم الحجاج بعملية رجم إبليس اللعين، فيعمد أحد الحجاج الميامين إلى الطلب من زوجته او رفيقه، بتسجيل فديو له وهو يرجم الشيطان، وهذا الأخير يضحك من فرط جهل هذا الحاج المسكين، و المصيبة تكون أعظم عند الوقوف بجبل عرفات، وهو من أهم المناسك حتى قيل الحج عرفات، وفيه ينزل الرب إلى السماء الدنيا و يباهي الملائكة بالحجاج، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الدعاء يوم عرفة) وفيه يغفر الله لمن حج إيمانا و احتسابا، وهذا يحزن الشيطان و يغيظه ويرى في ذاك اليوم صغيرا مذلولا، لكن جماعة ” السلفي” تعيد له الأمل في نجاح مشروعه الإغوائي، فعندما ترى الحاج الأشعت الأغبر يطلب من رفيقه تصوير فيديو، قبل غروب شمس ذاك اليوم العظيم وهو رافع كفيه إلى السماء، مستغرق في مناجاة رب العزة أن يغفر له ويقبل حجه، و لربما ذرف بعض الدموع وهو يردد شيء من الأدعية المأثورة، وعند انتهاء تصوير اللقطة يقول له الصديق كنت رائعا يا أخي، وكأنني بك في مشهد من مشاهد فيلم الرسالة، ثم يقوم بإرسال الفديو للعائلة والأصدقاء في مجموعات الفيسبوك، وينتظر المعجبين وكم سيحصد الفيديو من( لايك و برطاج ) ومن تدوينات المعجبين، اسمع أيها الحاج المغفل وأنت أيتها الحاجة، إن هذا عمل فيه رياء والله لا يقبل مثقال شعرة من شرك، وهل يوم الحساب ستثقل كفة حسناتك بـ ( جيم ـ و البرطاج ـ و لايك..)..؟، إذا لم يتب أمثال هؤلاء الحجاج و المعتمرين، سيكون الندم و الحسرة على تضيعهم هذه الفرص، دع عنك أيها الحاج مرافقة الهاتف الذكي (الأيفون )، و اكتف يرحمك الله بالهاتف الصغير الغبي، أو إن شئت سمه قليل الذكاء، استعمله للضرورة في تطمين العائلة والأحباب، وأتركه في مقر إقامتك و توجه للعبادة بنية خالصة لوجه الله وحده، لا يشغلك شيء من أمر الدنيا لأن الأعمال بالنيات..
خلاصة :
ـ جماعة” السلفيين ” والحرب على غزة :
تذكروا دائما أن السين في السلفيين مكسورة، الحج كما هو معلوم يكون مرة واحدة في العمر تكفي، لكن ابتلي الناس في هذا الزمان بعقلية الإستهلاك، حيث أصبح الحج والعمرة ضمن المنتجات والخدمات الإستهلاكية، وتفاخر الناس بعدد مرات حجهم و اعتمارهم، وهناك من يقول أنه يقضي رمضان كل عام في مكة منذ سنين، و أخر يتباهى انه يقضي كل سنة مع الزوجة المصون عمرة، وهناك الملايين يذهبون لقضاء العمرة على مدار العام، و ينفق أصحاب عمرة “السلفي” ملايين الدولارات، في حين هناك من هو أولى بهذه الأموال، إن أهل غزة الذين هدمت بيوتهم و لا يجدون الماء والدواء والغذاء، والمقاومة التي تحتاج السلاح لتحرير فلسطين التاريخية، أولى بهذه الأموال التي تذهب بطريقة أو بأخرى إلى جيوب أعداء الأمة، والذي جعل من سفر العمرة عادة كل عام، أليس عنده جيران محتاجون، ارامل، أقارب..؟، إن “السلفي” أو الفيديو الذي يعجبني و يشدني إليه اكثر، و يكاد نبض قلبي يتوقف من شدة الحماسة و الإعجاب، هو عند متابعة بث الإعلام الحربي لفديوهات المقاومة الفلسطينية، وخاصة عند الإشتباك مع جيش المحتل من مسافة الصفر، مع تفجير فتحة نفق ـ تدمير دبابة ـ كمائن ـ قنص جنود…، أما “سلفي” في هذا الوقت التي تحرق فيه غزة، و تجوع وتستمر فيها الإبادة الجماعية، مجازر دموية همجية لا تتوقف ليل نهار، لا أخفيكم سرا إن قلت لكم : ( إن هذا المعتمر المغفل صاحب “السلفي”، الذي يأخذ له صور و فديوهات مع ابتسامة عريضة، إن صاحب هذا البطن المنتفخة الغبي، يصيبني منظره بالغثيان و القيء أعزكم الله..) فلسطين حرة ولو كره بني صهيون ومن والاهم من منافقي العرب.