قال حسن طارق، وسيط المملكة، إن العلاقة بين المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية تمثل “أفقا مفتوحا لا يكتمل عند حدود النصوص أو الترتيبات الشكلية”، بل تمتد إلى لحظة التقاء “العقل الجمعي بإرادة الإصلاح”، بما يسمح بـ”صياغة وعي مشترك يعيد تعريف معاني المشاركة” ويحررها من “عوائق التردد والانتظارية”.
وأوضح طارق، في كلمته خلال افتتاح الدورة 41 للأكاديمية السياسية للشباب الديمقراطي، التي نظمها منتدى المواطنة يوم 23 ماي 2025 بمدينة المحمدية، أن هذا التلاقي بين المجتمع المدني والانفتاح المؤسسي هو ما يُنتج “المعنى العميق للديمقراطية كتعاقد دائم على تجديد العلاقة بين الدولة ومجتمعها”، مبرزا أن المؤسسات الوطنية، وفي طليعتها مؤسسة الوسيط، تُمثل إحدى قنوات هذا التفاعل الحي مع المجتمع، خارج منطق “التمثيل النيابي أو التأطير الإداري المباشر”.
واعتبر وسيط المملكة أن نشأة المؤسسات الوطنية وتطور المجتمع المدني في المغرب ليس مجرد تزامن تاريخي، بل هو انسجام بين “ديناميتي تطور المجتمع من جهة والدولة من جهة أخرى”، وهو ما سمح ببلورة “فضاءات مشتركة للحوار والتقاسم والإدماج والمشاركة والانفتاح”، على أساس مرجعية حقوقية وقيمية، وبعيدا عن منطق الانتخابات الزمنية الضيقة.
وفي معرض حديثه عن مؤسسة وسيط المملكة، ذكّر حسن طارق بمقتضيات المادة 18 من القانون 14.16، التي تتيح للجمعيات، إلى جانب البرلمانيين ورؤساء الإدارات، إحالة التظلمات ذات الصلة باختصاصات الوسيط، مؤكدا أن هذا الانفتاح ليس فقط تعبيرا عن “فعالية المؤسسات الوطنية ذات الطبيعة الحقوقية”، بل هو أيضا “أحد عناصر تقييم آدائها وهندسة بنائها التنظيمي ودليل على استقلاليتها”.
وأشار طارق إلى أن العديد من الأطر التي تؤطر العمل داخل المؤسسات الوطنية تلقوا تكوينهم داخل مدرسة المجتمع المدني، ما منحها زخما نوعيا في التفاعل مع القضايا العمومية، خاصة من خلال مهارات الترافع والتأطير والتواصل، والتشبع بثقافة الالتزام بحقوق الإنسان والديمقراطية.
وأكد أن المسار المغربي شهد، خلال العقود الأربعة الماضية، تقاطعا واضحا بين الديناميتين المدنية والمؤسساتية، مشيرا إلى أن المجتمع المدني انتقل من جمعيات “الفكرة” إلى فاعل أكثر اشتباكا مع السياسات العمومية، فيما انفتحت المؤسسات الوطنية على هذا الفعل المدني بمرجعيات جديدة تعتمد “البحث العملي” و”استراتيجيات التأثير”.
وختم وسيط المملكة كلمته بالتأكيد على أن “انفتاح مؤسسة وسيط المملكة على المجتمع المدني خيار أصيل، يجسد اليد الممدودة للحوار المسؤول، ويرسخ الثقة كقيمة تؤسس لآفاق أرحب للتلاقي بين الدولة والمجتمع”.