كل المغاربة، دون استثناء، يُحبّون هذا الوطن. يفرحون عندما يسمعون عن انتصاره في قضية من القضايا الوطنية، سواء كانت في المحافل الدبلوماسية أو القضائية. ينتشون فخرا عندما يحرز المنتخب الوطني فوزًا كرويًّا يدوّي في العالم، أو حين ترفرف الراية المغربية في سماء الرياضات الفردية والجماعية.
يفرح المغاربة عندما ينجح المغرب في استقطاب مستثمر عالمي، أو عندما تُدشَّن طريق سيار جديدة، أو قنطرة عملاقة تربط المدن، أو مركب رياضي عالمي يحتضن آلاف الجماهير، أو مصنع يخلق مناصب شغل لآلاف العاطلين.
يفرحون عندما تتحدث التقارير الدولية عن ملايين السياح الذين زاروا المغرب، أو عندما ترتفع مداخيل العملة الصعبة.
يفرحون حين تمتلئ السدود بمياه الأمطار، أو حين تُزهر الأرض بخير السماء، أو حين تتحول مدنهم إلى فضاءات نظيفة منظمة مزدهرة.
بل إنهم يفرحون عندما يسمعون أن مغربيّا تفوق في اختراع علمي، أو نال جائزة دولية، أو تم تعيينه في منصب مرموق في منظمة عالمية.
يفرحون حين تُفتتح جامعة أو مركز أبحاث، أو حين تُدرج مدنهم ضمن المدن الذكية أو الأكثر أمانا في العالم.
لكن، هل سأل كل مغربي نفسه: ما هو دوري في هذه الإنجازات؟
هل تساءل عن مسؤوليته تجاه نظافة حيّه وشارعه؟
هل يساهم، بالفعل، في الحفاظ على جمالية مدينته؟
هل يؤدي عمله بإخلاص؟
هل يتعامل بأمانة؟
هل يحترم القانون والسير والغير؟
هل يقدر خيرات البلد ولا يبددها؟
هل يعامل السائح باحترام ليعود بصورة جميلة عن الوطن؟
هل يتوقف عن الرشوة والمحسوبية؟
هل يترفع عن الغش والأنانية؟
هل يساهم، فعليا، في ترسيخ القيم النبيلة التي ترفع من قيمة الإنسان والمجتمع؟
إن المغرب لا يُبنى فقط بالقرارات والمشاريع الكبرى، بل يتطلب أيضا مواطنا مؤمنا بدوره، واعيا بمسؤوليته، مفعما بروح المواطنة الصادقة.
فما فائدة طريق سيار نظيفة إذا كنا نرمي فيها الأزبال؟
وما فائدة مستشفى مجهز إذا كنا نخرب ممتلكاته؟
وما فائدة مدرسة عصرية إذا لم نربّي أبناءنا على احترام المعلم والحرص على طلب العلم؟
نحن نريد مغربا نظيفا، مزدهرا، متقدما، ديمقراطيّا… لكن هذا يبدأ منا، من سلوكنا اليومي، من تعاملنا في البيت، في الشارع، في المدرسة، في الحافلة، في المقهى، في العمل، في السوق…
فلنتساءل:
كم مرة توقفت لمساعدة محتاج؟
كم مرة احترمت الصف؟
كم مرة أبلغت عن فساد؟
كم مرة زرعت شجرة بدلا من أن تقتلعها؟
كم مرة قدمت اقتراحا بناءً بدلا من أن تشتكي فقط؟
الوطن ليس حكومة فقط، وليس ملكا فقط، الوطن هو نحن جميعا.
فلنكن مواطنين فاعلين، لا متفرجين.
ولنجعل من حبنا للمغرب حبّا فعّالا، مسؤولا، متجددا…
حبا يُترجم إلى سلوك حضاري، ومبادرة صادقة، وخلق نبيل.
المغرب ينتظر منا الكثير… فلنكن في الموعد.