يرى الخبير في قضية الصحراء والشؤون المغاربية، عبدالفتاح الفاتيحي، أن الخطاب الملكي لا يعتبر الانتصارات الدبلوماسية في ملف الصحراء غاية في حد ذاتها، بل يوظفها كمنطلق لتجديد الرهان على تجاوز حالة الاحتقان مع الجزائر والتوجه نحو حوار ثنائي مباشر يفضي إلى بناء مستقبل مغاربي مزدهر.
وأوضح الفاتيحي، في تصريح لجريدة “العمق”، أن الدعم الدولي الواسع لمبادرة الحكم الذاتي يجب أن يتوج بحوار مغربي جزائري يعيد بناء الاتحاد المغاربي ويساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب المنطقة.
وأشار الفاتيحي إلى أن الخطاب الملكي يتضمن بذلك تجديدا واضحا لسياسة اليد الممدودة نحو الأشقاء في الجزائر، بهدف التفاوض الثنائي وتجاوز الاحتقان الحالي والتعاطي ببراغماتية تستهدف استثمار الروابط التاريخية المشتركة لضمان العيش الكريم للشعوب المغاربية.
وأكد أن تركيز الملك محمد السادس على التسوية السياسية وتطبيع العلاقات عبر الحوار، يمثل فرصة جديدة للجزائر للتفاعل الإيجابي مع المتغيرات الدولية، ووقف هدر الجهد والزمن السياسي والتنموي، وإعمال العقل للدخول في مفاوضات مباشرة لحل الخلافات العالقة.
وختم المصدر ذاته بأن هذه الدعوة للحوار تقوم على أساس التوصل لحل توافقي “لا غالب فيه ولا مغلوب” يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، بعيدا عن أي وساطات أجنبية، مشددا على أنه بمجرد توفر الإرادة السياسية لدى الطرف الجزائري، فإنها ستجد كل الترحيب لدى المملكة المغربية.
وجدد الملك محمد السادس، التأكيد على موقف المغرب الراسخ تجاه الجزائر، موجها مرة أخرى دعوة صريحة لإطلاق حوار جاد ومسؤول بهدف تسوية الخلافات القائمة. وفي سياق متصل، أشاد بالزخم الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، واصفا إياها بالحل الأوحد والنهائي للنزاع حول الصحراء المغربية.
جاءت هذه المواقف ضمن الخطاب الذي وجهه الملك، أمس الثلاثاء، للأمة بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لجلوسه على العرش، مبرزا أن سياسة اليد الممدودة تجاه الجارة الشرقية تستند إلى إيمان عميق بوحدة المصير والروابط المشتركة من دين ولغة وتاريخ، ومعربا عن تفاؤله بإمكانية تخطي الوضع الحالي الذي وصفه بالمؤسف.
وأوضح أن التزام المملكة تجاه الجزائر يندرج ضمن الإيمان الراسخ بضرورة وحدة شعوب المنطقة المغاربية، مع تجديد تمسك المغرب بخيار بناء الاتحاد المغاربي الذي يتطلب انخراطا فعالا من الرباط والجزائر وباقي دول المنطقة.
وفيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، عبر الملك عن اعتزازه الكبير بالدعم الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي، موجها الشكر بشكل خاص للمملكة المتحدة والبرتغال لموقفهما الإيجابي والبناء الداعم للمبادرة في إطار السيادة المغربية، واللذين انضما لقائمة الدول المساندة لمغربية الصحراء.
وشدد على أن هذا الاعتزاز بالدعم الدولي للحق المغربي يوازيه سعي مستمر لإيجاد حل سياسي قائم على التوافق، بما يضمن مصالح كافة الأطراف ويخدم السلام والاستقرار الإقليمي، بعيدا عن منطق “المنتصر والمنهزم”.