خارج الحدود

الأزمة تتصاعد.. الجزائر تعلق “اتفاق التأشيرات” مع فرنسا وتهدد بإجراءات دبلوماسية مضادة

في تصعيد جديد للأزمة الدبلوماسية المتواصلة بين الجزائر وباريس، أعلنت الجزائر تعليق العمل باتفاق الإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات المهمة الفرنسيين، وذلك ردا على ما وصفته بـ”القرار الأحادي الجانب” من طرف فرنسا بتجميد العمل بالاتفاق نفسه.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، في بيان لها صدر اليوم الخميس، إن القرار جاء عقب دراسة الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس حكومته، والتي دعا فيها إلى اتخاذ إجراءات إضافية ضد الجزائر، مشيرة إلى أن الرسالة “تبرّئ باريس كليا من مسؤولية تدهور العلاقات الثنائية، وتحمل الجزائر وحدها مسؤولية الأزمة، في تجاهل تام لحقيقة الوقائع”.

وأكد البيان أن فرنسا، عبر رسائل رسمية وقرارات أحادية، هي من خرقت التزاماتها بموجب عدة اتفاقيات ثنائية، أبرزها اتفاق 1968 المتعلق بحرية تنقل وإقامة الجزائريين في فرنسا، والاتفاق القنصلي لعام 1974، واتفاق 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرات لحاملي الجوازات الرسمية، فضلًا عن مخالفتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لسنة 1950.

واتهمت الخارجية الجزائرية باريس بـ”تحريف مقاصد” اتفاق عام 1994 بشأن ترحيل الجزائريين المقيمين بطريقة غير قانونية، معتبرة أن السلطات الفرنسية تنكرت لحقوق المبعدين، وحرمتهم من وسائل الطعن القضائي والإداري، في خرق صريح للقوانين الفرنسية والدولية.

وأضاف البيان أن “الجزائر لم تطلب يوما إبرام اتفاق إعفاء التأشيرة، بل كانت فرنسا من اقترحه مرارا، وبالتالي فإن انسحاب باريس من الاتفاق أتاح للجزائر فرصة نقضه بشكل رسمي وواضح”.

وأوضحت الوزارة أن الجزائر ستخطر الجانب الفرنسي بذلك، وفقا للمادة الثامنة من الاتفاق، مشيرة إلى أن التأشيرات التي تمنح لحاملي الجوازات الفرنسية الدبلوماسية أو الرسمية ستخضع من الآن فصاعدا لنفس الشروط التي تفرضها فرنسا على نظرائهم الجزائريين.

كما انتقد البيان ما أسماه “المنطق التصعيدي” الذي تعتمده باريس في إدارة الخلافات الثنائية، من خلال “التهديدات والإنذارات والإملاءات”، مشددا على أن “الجزائر لا ترضخ لأي شكل من أشكال الضغط أو الابتزاز مهما كان مصدره أو طبيعته”.

وبخصوص ملف اعتماد الدبلوماسيين، أوضحت الجزائر أن فرنسا امتنعت خلال العامين الماضيين عن منح الاعتماد لعدد من الدبلوماسيين الجزائريين، من بينهم ثلاثة قناصل عامين وخمسة قناصل، مؤكدة أنها ترد بالمثل، وأنها مستعدة للتراجع عن هذه الإجراءات فور إزالة العراقيل من الطرف الفرنسي.

وفي ختام البيان، أكدت الخارجية الجزائرية أنها ستطرح بدورها ملفات أخرى عبر القنوات الدبلوماسية، وجب التعامل معها بنفس منهجية الحوار والتسوية المتبادلة.

وجاء الرد الجزائري بعد نشر صحيفة لوفيغارو الفرنسية لمراسلة رسمية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس حكومته فرنسوا بايرو، دعا فيها إلى “التحرك بمزيد من الحزم والتصميم تجاه الجزائر”.

وأشار ماكرون في رسالته إلى قضيتي الكاتب بوعلام صنصال، والصحفي كريستوف غليز، المسجونين في الجزائر، مطالبا بتفعيل أدوات قانونية لتقييد التأشيرات الممنوحة لحاملي الجوازات الرسمية الجزائرية.

وتضمنت رسالة ماكرون دعوة لتعليق رسمي لاتفاق 2013 بشأن التأشيرات الدبلوماسية، وتفعيل بند من قانون الهجرة الجديد يسمح برفض التأشيرات لحاملي الجوازات الرسمية، إضافة إلى تحركات لمراقبة سلوك الجزائريين غير النظاميين في فرنسا، واشتراط اعتماد القناصل الجزائريين بعودة التعاون القنصلي والهجري بين البلدين.

يشار إلى أن العلاقات بين الجزائر وفرنسا تشهد توترا متصاعدا منذ عدة أشهر، إذ تزايدت حدة الأزمة بعد إعلان فرنسا دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وردت الجزائر بسحب سفيرها من باريس.

كما ساهم ملف الهجرة ومسألة الدبلوماسيين المرفوضين في تأجيج الخلاف، رغم محاولات سابقة لاحتواء الأزمة عبر اتصالات بين رئيسي البلدين.