تمهيد:
هذا مثل شعبي مغربي يعبر بدقة، عن مسألة الكيل بمكيالين كما يقال، لأن المنطق و المعقول يستوجب عدم التفريق بين الذئاب، خاصة عندما نريد الحكم عليها و تصنيفها، فهي إما أن تكون هذه الذئاب كلها حلال أو كلها حرام، مناسبة هذا الكلام هو اختلاف طرق التعامل مع المتطوعين في الحروب، وبالضبط نذكر هنا من شارك في حرب افغانستان، ومن شارك في حرب الإبادة الجماعية في غزة دعما للإحتلال، يعني عرب و مسلمين في مقابل نصارى و يهود، الفرق بين الحربين هو انتصار الأفغان بخروج السوفييت وامريكا، أما غزة فلازالت الحرب فيها مشتعلة إلى اليوم، والسؤال المطروح هو كيف تعاملت الدول التي ينتمي إليها المتطوعون، نعني سلطات الدول الأوروبية والعربية مع العائدين من جبهة القتال ..؟ وبالجواب على هذا السؤال يتضح لكم ياسادة، من هو التابع والمتبوع و المستقل و الخاضع للإستعمار، دعكم من هذا “الفولكلور” البئيس المسمى زورا
عيد الإستقلال، الذي يتكرر الإحتفال به كل عام بلا استحياء، إن هذه الدول العربية والإسلامية سنقوم باختبار استقلالها ونضعه على المحك، انطلاقا من تعاملها مع مواطنيها العائدين من جبهة القتال بأفغانستان، ونضع مقارنة بينها و بين الدول الأوروبية في كيفية التعامل مع “المرتزقة” الأوروبيين…
ـ الفقرة الأولى :
ـ ياخيل الله اركبي:
إنه نداء الجهاد في أفغانستان لا صوت يعلو على صوت النفير العام، انطلاق طوفان المتطوعين من الشباب للجهاد،
شباب في مقتبل العمر كلهم يرجو الإستشهاد في سبيل الله، منحت لهم الفرصة لممارسة ما تعلموا من السيرة النبوية الشريفة، تركوا اللحية تسرح و تنتشر على وجوههم بكل حرية، حتى لا يكاد يبدو من الشاب العشريني إلا الأنف، و نشطت منابر مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكل منابر الدنيا علماء و دعاة على قلب رجل واحد، كلمة السر هي شد الرحال إلى أفغانستان لقتال الكفار، وأحد الشيوخ السمان الذي كان يبكي بالأمس على المنبر، يحفز و يحرض الشباب على الجهاد قائلا : ( الله الله يا مسلمين في اخوانكم الأفغان يقتلون يذبحون..)، اليوم لا يحرك ساكنا مع أهل غزة، أصبح شيطانا أخرسا، غزة تذبح و تباد وهو ساكت، المهم في ذاك الزمان كان هناك نشاط منقطع النظير و في كل المساجد، في بلادي مثلا كان الدعاء مع المجاهدين بالنصر وعلى الكافرين بالهلاك، المهم انهزم الإتحاد السوفييتي الشيوعي الكافر بالله، ثم ودع الأفغان كل المتطوعين العرب شاكرين سعيهم، ثم بدأت معاناة جديدة للمتطوعين مع حكام العرب، إن الذين استشهدوا في أرض المعركة كانو محظوظين، فلهم الفردوس الاعلى من الجنة ان شاء الله مع الصالحين، والأحياء منهم دخلوا نار السجون العربية السرية منها و العلنية، طبقوا فيهم سياسة: (أطلع تاكل الكرموس انزل أشكون قالها ليك…)، هكذا تحول الشباب الذين ذهبوا نصرة لبلد مسلم يتعرض للغزو إلى مجرمين يجب محاكمتهم، بعد أن تم غض الطرف عن خروجهم إلى أفغانستان، لا بل تم تسهيل سفرهم و تسليحهم، كل هذا يجري تحت انظار استخبارات الدول العربية..، ثم قاموا بعد ذلك بغدرهم بكل وقاحة وقلة وفاء، صراحة بهذا التصرف فلا قيمة للمواطن والوطنية والوطن، كلها كلمات جوفاء لا معنى لها في الواقع، المواطن هو مجرد لاجئ في هذه الدول، وفي أحسن الأحوال هو من الجالية المقيمة بالبلد..!!
ـ الفقرة الثانية:
ـ الخلافة “الراشدة” في واشنطن :
بعد انتقال مقر الخلافة من بغداد و إسطمبول، إلى مقرها الجديد بالبيت الابيض في واشنطن، أصبح العلماء الرسميون علماء السلطان أو البلاط كما يقال، ينفذون أوامر الرئيس الامريكي” الخليفة” دون نقاش، ربما أدخلت فرقة (المداخلة)، هذا الأخير في زمرة أولي الأمر الذين يجب طاعتهم، فعندما دعا الرئيس الامريكي “الخليفة” الغير راشد، إلى حرب تحرير افغانستان من الإحتلال السوفييتي، لبى حكام العرب النداء و كذلك علماء السلطان، وبعد انتهاء المهمة بنجاح وخروج الإتحاد السوفييتي، مهزوما يجر أذيال الخيبة وكان ذلك سببا رئيسيا في انهيار الجمهورية، دخلت امريكا افغانستان لتأديب حركة “طالبان ” المتمردة، بحجة أنها مسؤولة عن إسقاط البرجين، وجاء التدخل في إطار محاربة “الإرهاب” الدولي، وبعد 20 سنة من القتال يذوق الامريكي من نفس كأس الذي شرب منه السوفييتي، لكن الشاهد عندنا هو تلاعب كل الرؤساء الأمريكان بحكام العرب، فعندما يقول الرئيس الامريكي “الخليفة” الغير راشد أن الجهاد في أفغانستان حلال زلال، عندها يطأطئ الحكام العرب روؤسهم خانعين، وكذا علماء السلطان ويقولون سمعا و طاعة مولاي جعلت أرواحنا فداك، و بمنطق الخنوع هذا أصبح الرئيس الامريكي يحلل ويحرم الجهاد متى شاء، حسب هواه و مصالح بلاده و كذا مصلحة الصهاينة، لهذا صار محرما على العرب الجهاد في غزة أو الدعوة إلى الجهاد فيها، لا بل حتى الدعاء مع المقاومة بالنصر ومع أهلها بالفرج أو الدعاء على المحتل بالهلاك، كل هذا صار محرما وخطا أحمرا لا يمكن للعرب والمسلمين تجاوزه…
خلاصة:
إن الدول الأوروبية تعد دولا مستقلة بالفعل، وهذا يبدو من خلال رفضها التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، كيف ذلك..؟لقد أصدر الرئيس الامريكي أمرا للدول العربية كلها، بأن تعتبر العائدين من جبهة القتال الأفغاني، خطرا على الأمن والاستقرار لانهم “إرهابيون”، فكانت الإستجابة الفورية من أجهزة الأمن العربية، حيث تم إلقاء القبض على كل المتطوعين بمجرد دخولهم أرض الوطن، ومع الأسف الشديد مات الكثير منهم أثناء التحقيق العنيف، ولم يتم متابعة المسؤولين عن تلك الجرائم، لأن ببساطة الأوامر اتت من ” المريكان” يا بالمعطي، لكن اوروبا لم تنفذ هذه التعليمات الأمريكية، رغم ثبوت تورط أوروبيين من جنسيات مختلفة، في حرب غزة حيث ظهر المرتزقة الأوروبيون، في فديوهات بغزة جنبا إلى جنب مع جنود الاحتلال، و تمسكت الدول الأوروبية بمبدأ استقلال القضاء، إذن كيف تم غض الطرف عن المرتزق الأوروبي صاحب العيون الزرق، و معاقبة المتطوع العربي اكحل الراس..؟ هنا يتضح لكم ياسادة من هي الدول المستقلة فعلا، و التي تحترم مواطنيها ولها سيادة وطنية حقيقية، والدول العربية التي لازالت خاضعة لسياسة الإستعمار، حيث لا احترام للمواطن ولا لسيادة الدولة والقانون و استقلالية القضاء، لهذا علينا القطع مع سياسة التمييز هذه و اعتبار الناس سواسية، فـ( سياسية ذيب حلال ذيب حرام ) لا تطبق على الأفراد فقط، بل على جهات الوطن أي هناك المغرب (النافع) حلال، والمغرب( غير النافع) حرام، نموذج منطقة أيت بو ݣماز المنسية المغضوب عليها، لهذا على جمعيات المجتمع المدني الجادة، والمنظمات الحقوقية المبدئية و الأحزاب الوطنية الصادقة، وعلى جميع الغيورين في الميدان الثقافي و الفني و الإعلامي، وكذلك كل شرفاء هذا الوطن أينما كانوا، عليهم رفض هذا الإستقلال المزور و الممنوح و المشروط، والعمل على تحقيق استقلال حقيقي ينعم فيه المواطن بالحرية والكرامة، و تستعيد فيه الدولة السيادة الوطنية الغير منقوصة، وتكون فعلا دولة الحق والقانون يجد فيها كل المغاربة أنفسهم، سواء القادم من افغانستان أو أستراليا و كندا، باختصار من كل قارات العالم إلا من ( تل أبيب)، فلا يرجى منهم خير ابدا ماهم إلا جواسيس ينشرون الفساد، وهم خطر وجودي على وحدة البلاد و استقرارها…
ملاحظة هامة:
لماذا قلت المتطوعين المسلمين والعرب، ونعثت الأوروبيين الذي قاتلو مع جيش الإحتلال بـ( المرتزقة)..!! السبب ان المتطوعين المجاهدين في سبيل الله، طلبوا فقط الطعام والسلاح دون اجر مالي، لأن جهادهم في سبيل الله طلبا للجنة، أما الأوروبيين فهم يحاربون من أجل المال لهذا هم (مرتزقة).