سيون أسيدون ليس مجرد اسم، بل هو رمز لمواطن مغربي قح، ويساري مبدئي صلب، ومعتقل سياسي أدى ضريبة النضال سابقا ويؤديها اليوم في محنة وإجرام غريب وعجيب نطالب بفك لغزه بتحقيق مسؤول، لم يلن ولم يستكن ولم يبدل يوما، ولم يساوم على القيم الأصيلة لليسار الجديد. لم يتراجع خطوة واحدة عن مبادئه في الدفاع عن حقوق المواطنة وحقوق الإنسان بالمفهوم الماركسي الثوري، وعن قضايا الشعب العادلة بلا كلل ولا تردد.
أسيدون، ككل اليساريين الحقيقيين، مناضل أممي شرس، يقف في الصفوف الأمامية ضد الرأسمالية التي يعتبرها نقيضا للمشروع المجتمعي الوطني والأممي لليسار الماركسي. لذلك لم يتزحزح عن موقعه في معركة الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية كونية عادلة، وليست مجرد شعار يرفع في المزايدات السياسية الرخيصة.
أما أصوله الدينية أو معتقداته، فهي شأنه الخاص، لأن حرية المعتقد مبدأ غير قابل للمساومة عند اليسار الحقيقي، لا تفرضه سلطة ولا تصادره مؤسس ولا قوانين رجعية.
التقينا أول مرة يوم الأحد 2 يناير 2022 بمقر شركته بالمحمدية. كان في انتظارنا على الموعد بالثانية، كما يفعل المناضلون الذين يحترمون التزاماتهم. الهدف كان انتزاع موقفه ضمن حملة وطنية لفضح جريمة منع البرلمانية نبيلة منيب من دخول قبة البرلمان لأداء مهامها النيابية، بقرار من رئيس فاقد للاستقلالية وللمشروعية الحقيقية، مجرد أداة رخيصة بيد وزارة الداخلية، قلب المخزن النابض وبنيته لإدامة الاستبداد.
هذا الرئيس، الذي جلس على الكرسي التشريعي بفضل انتخابات مزورة مهندسة لصالحه وصالح أحزاب/ أقسام إدارية لقيطة وملفقة، ما كان ليصل إلى هذا المنصب لولا ضعف اليسار الحكومي الذي فقد بوصلة النضال وتواطؤ مكونات ما يسمى بـ”معارضة صاحب الجلالة” وكذا تردد وانتظارية اليسار الديمقراطي. الرجل صاحب سجل أسود: شيكات بدون رصيد، تهرب ضريبي لأكثر من ربع قرن وملفات فساد أخرى، ومع ذلك يقدم اليوم كـ”ممثل للأمة”، إنها فضيحة سياسية وأخلاقية تكشف عفن المشهد المغربي من القمة إلى القاعدة.
بطلب منا، وضمن سلسلة تصريحات لشخصيات وطنية ضمنها إسماعيل العلوي والمصطفى المعتصم ومحمد الخليفة وآخرون، أدلى الرفيق سيون أسيدون يوم 2 يناير 2022 بتصريح قوي بمنطقه، مفاده أننا أمام حالة مهزلة تمس جوهر المواطنة وحرمة المؤسسة التشريعية، وأن منع نبيلة منيب، رغم توفرها على تحاليل مخبرية رسمية تنفي أي خطر، ليس سوى إجراء تعسفي هدفه الإذلال السياسي وكسر صوت معارض. لقد كان موقف أسيدون واضحا صلبا وبعيدا عن أي تزييف أو مجاملة.
تصريحات تلاها القرار التاريخي غير المسبوق لتنظيم المكتب السياسي السابق للحزب الاشتراكي الموحد يوم الجمعة 8 أبريل 2022 وقفة احتجاجية ضد منع الأمينة العامة للحزب من الدخول إلى البرلمان، بدعوى عدم توفرها على الجواز الصحي المفروض، وقفة ناجحة كما ونوعا بمشاركة عموم فروع الحزب وممثلين عن التنظيمات الحقوقية خاصة، كان ذلك بتزامن مع افتتاح الدورة التشريعية الجديدة.
للتذكير، ولعل الذكرى تنفع اليساريين، فإن الضغط الفكري والقانوني والسياسي والإعلامي والميداني، من خلال الندوات والاحتجاجات والالتحام مع المواطنين/ات، كان له أثر بالغ. وكان آخر تلك النضالات حضور الحزب بمدينة تمارة، واللقاء بجماهير من الكيشيين والكيشيات وساكنة البراريك التي طالها الإقصاء والظلم الاجتماعي، إضافة لفضح خروقات التعمير بالهرهورة وكشف نهب مافيات العقار بتمارة والصخيرات.
لقد خاض المناضلون والمناضلات نضالات شرسة، كانت وراء عودة نبيلة منيب إلى البرلمان بعد منعها لحوالي سبعة أشهر (من 25 أكتوبر 2021 إلى 20 ماي 2022)، وذلك بعيدا عن الخنوع أو التماس التدخلات.
كل التضامن مع سيون أسيدون في محنته، وعاش اليسار الجديد المتجدد، ملح الأرض، ملتحما مع النضالات المجتمعية داخل وخارج الوطن وذلك جوهر وجوده وتلك تربته الخصبة وما عداها باطل.