لا تختزل “التبوريدة”، ملحمة الفروسية المغربية، في مجرد مشهد احتفالي تهتز له الأرض تحت حوافر الخيول، وتتعالى فيه صيحات الفرسان، وينفجر البارود في عنان السماء. إنها إرث حي ضارب في عمق التاريخ، ورمز متجذر للشجاعة والهوية، ارتبطت عروضه منذ قرون بالمواسم والمناسبات الكبرى، حيث تتجلى مهارة الفرسان في ترويض الجياد وتوحيد طلقات البارود في تناسق بديع، راسماً لوحة فنية تمزج بين الحماسة والإبهار.
لكن خلف هذه اللوحة المبهرة، يكمن تاريخ محفوف بالمخاطر، فطالما شهدت ساحات التباري حوادث مؤسفة ناجمة عن أخطاء فردية أو طلقات غير محسوبة. من هذا الخطر المتأصل، وُلد هاجس السلامة كمسؤولية مشتركة بين الفرسان والمنظمين والجمهور، وبرز “تعمار البارود” كفن دقيق وحرفة أساسية توازن بين وهج الفرجة ومتطلبات الأمان، دون أن تسلب هذا الطقس التقليدي روحه الأصيلة.
من قلب موسم مولاي عبد الله بالجديدة، يصف هشام الصبار، وهو “عمّار” متمرس قضى سنوات في هذه الحرفة، جوهر مهمته قائلا: “التعمار هو أهم شيء في التبوريدة”. ويؤكد أنه تمكن مراراً من إنقاذ فرسان من حوادث وشيكة كانت لتحدث بسبب جهلهم بتقنيات التعامل مع البارود، مستحضراً واقعة تدخل فيها لمنع فارس من التسبب في كارثة. فمهمته، كما يقول، تتطلب يقظة دائمة ودراية شاملة اكتسبها عبر سنوات من الخبرة.
هذه الأهمية المحورية يؤكدها زهير بوزيان، ممثل “سربة أولاد عيسى”، الذي يعتبر أن “العَمّار” هو صمام الأمان لكل فارس. يقول بوزيان: “يتم تعمار البارود وفق قياسات دقيقة للجعبة حتى لا يلحق أي ضرر بالفارس… لا وجود لفارس من دون عَمّار، فهو من يتكفل بالجعبة ويراقبها”. فالمسؤولية التي تقع على عاتق “العَمّار” ليست تقنية فحسب، بل هي “روح ترافق صاحبها وتغذي فيه طموحا كبيرا لولوج عالم التبوريدة يوما ما”.
وهكذا، يتجاوز دور “العَمّار” الجانب التقني ليصبح رمزا للتوازن الذكي بين الأصالة والتطور. فبينما يظل البارود جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الفروسية، تضمن هذه الحرفة الدقيقة أن تبقى حرارة العرض مشتعلة دون أن يتحول الخطر إلى تهديد، مما يضمن استمرارية هذا التراث العريق، ويفتح أبوابه مشرعة أمام الأجيال القادمة.
تعليقات الزوار
وندخل لكن ادا سمحتم لنا شكرا لكم عالم الفن الواسع جد ا جد ا لكي نقول كلمة متواضعة عن لون من الوانه المتميزة المرتبطة بالتاريخ القديم القديم أكررها والحديث ويمكن ان نقول انه لون لايشيب ولا يشيخ ولايفقد عشاقه وهم كثر أنها التبوريدة لايدخل عالمها جاهل ولا غافل لها قواعد مدروسة بعناية فائقة التعامل مع الفرس له بدوره قاعدة نعم فن التبوريدة فن عظيم ممتعة ومسلية تزرع السرور بل تدخله على القلب الذي يعاني من متاعب عدة جميل وانت ترى الخيول تقف بشكل مستقيم ثم تنطلق وببطئ وببطئ ثم السرعة ثم طلقة بارودية وكأنها خرجت من بندقية واحدة نعم الحدر يلعب دورا كبيرا فيها فخطأ بسيط لاقدر الله يخلق متاعب وكان بين قوسين على السينما المغربية ادخال هد ا الفن في بعض صورها وممكن هد ا