وصل الجدل المتصاعد حول الحملة الأمنية الأخيرة التي تستهدف الدراجات النارية المعتبرة “معدلة الخصائص” إلى قبة البرلمان، بعد أن وجه النائب البرلماني محمد أوزين سؤالا كتابيا إلى وزير النقل واللوجستيك، محذرا من تداعيات خطيرة قد تصل إلى حرمان أكثر من مليون مغربي من وسيلة تنقل أساسية.
النائب البرلماني استغرب البلاغ الصادر عن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا”، والذي ينص على اعتبار كل دراجة نارية تتجاوز أو تساوي سرعتها 58 كيلومترا في الساعة “معدلة”، وهو ما يترتب عنه تحرير محضر في حق صاحبها وإيداعها بالمحجز.
واعتبر أوزين في سؤاله الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن أغلب الدراجات المتداولة بالمغرب، خصوصا الفرنسية واليابانية الصنع، تتجاوز هذه السرعة بشكل طبيعي دون أي تعديل تقني.
وحذر في هذا الصدد من أن التطبيق الحرفي لهذا الإجراء سيحرم أكثر من مليون مغربي من دراجاتهم النارية، ويزيد الضغط على القدرة الشرائية، في غياب المواكبة ببرامج للتوعية والتدريب على السلامة الطرقية.
ويرى البرلماني من أن حصر معايير السلامة في عنصر السرعة وحده يتجاهل عناصر أخرى حاسمة مثل وزن الدراجة، جودة الفرامل، نوعية الخوذة، والبنية التقنية العامة، مشيرا إلى أن بعض الدراجات الحاصلة على شواهد المطابقة لا تراعي هذه المعايير.
وشدد على أن المراقبة الفعلية لتعديل الخصائص التقنية ينبغي أن تبدأ من مراحل الاستيراد والمطابقة مروراً بالتوزيع، بدل تحميل المواطن وحده كامل المسؤولية.
ونظرا للتداعيات المحتملة لهذا القرار، ساءل أوزين الوزير الوصي عن حيثيات ودواعي هذا الإجراء والتدابير التي ستتخذها وزارته لاعتماد معيار شامل للسلامة يراعي جميع العناصر التقنية المرتبطة بالدراجات النارية، بدل الاقتصار على سرعة المحرك.
وطالب البرلماني بتوضيح أوجه المراقبة المزمع اعتمادها لتشمل جميع مراحل الاستيراد والتوزيع قبل وصول الدراجة إلى المواطن النهائي، وكذا الإجراءات الكفيلة بعدم حرمان المواطنين من وسيلة تنقل أساسية بسبب معايير تقنية متجزأة، داعية الوزير إلى استراتيجية متكاملة للسلامة الطرقية تجمع بين المراقبة التقنية، التكوين، والتوعية المستمرة للمستعملين.
وكانت السلطات الأمنية قد شرعت خلال الأيام الأخيرة في حملة وطنية واسعة بتنسيق مع “نارسا”، للحد من الحوادث المتزايدة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، والتي باتت تمثل أزيد من 30% من إجمالي قتلى حوادث السير بالمغرب، بحسب معطيات رسمية.
واعتمدت الفرق الأمنية على أجهزة قياس السرعة القصوى المعروف باسم “Speedomètre”، حيث يتم إخضاع الدراجات اختبار ميداني، وكل دراجة تتجاوز 58 كلم/ساعة تعتبر “غير قانونية”، ويتم حجزها مع إحالة محضرها على النيابة العامة.
ووفق معطيات حصلت عليها جريدة “العمق”، فقد أسفرت الحملة عن حجز مئات الدراجات، أغلبها من الطرازات الصينية منخفضة التكلفة التي تم تعديلها ميكانيكيا بشكل غير مرخص لرفع سرعتها.
الإجراءات الجديدة أثارت غضبا واسعا بين أصحاب الدراجات النارية، الذين اعتبروا أن القرار “يعاقب المواطن بدل الشركات المستوردة”، حيث قال صاحب دراجة في تصريح لـ”العمق”: “المشكل بين الدولة والشركات التي تسمح ببيع هذه الدراجات بمحركات كبيرة، لا مع المواطن الذي اشتراها بشكل قانوني”.
كما انتقد آخرون قيمة الغرامات المالية التي تصل إلى 3000 درهم، واصفين إياها بـ”الخيالية وغير المتناسبة مع القدرة الشرائية للمغاربة”، فيما قال مواطن آخر للجريدة: “لو كنت أملك 3000 درهم، لصرفتها على أسرتي بدل دفعها مخالفة.”
في المقابل، عبر عدد من المواطنين عن ارتياحهم للحملة، معتبرين أن الدراجات المعدلة تسبب ضجيجا متواصلا وتهدد سلامة المارة، خصوصا الأطفال في الأحياء السكنية، وفق تعبيرهم.
تعليقات الزوار
مشكلة المغاربة هو اي قانون يتجه للصالح العام يتم رفضه.