يترقب الآلاف من مريدي الطريقة القادرية البوتشيشية في المغرب ومختلف أنحاء العالم بقلق بالغ احتفالات ذكرى المولد النبوي الشريف المقررة في الخامس من شتنبر المقبل، والتي تأتي هذا العام في ظل أزمة خلافة غير مسبوقة تهدد بوحدة وتماسك أكبر زاوية صوفية في البلاد. ووفقا لما أوردته مجلة “جون أفريك” الفرنسية، فإن هذا الحدث الروحي الكبير، الذي كان على الدوام رمزا لوحدة المريدين وتجمعهم، قد تحول إلى اختبار حقيقي سيحدد مصير الطريقة، في وقت لم تحسم فيه بعد مسألة من سيخلف الشيخ الراحل سيدي جمال على رأس الزاوية، وهو ما يضع مستقبلها على المحك.
وأبرزت المجلة الفرنسية أن الانقسام الحاد بين الأخوين، سيدي منير الوريث الشرعي بموجب وصية والده، وشقيقه الأصغر سيدي معاد الذي ينازعه المشيخة، يلقي بظلاله الكثيفة على الاستعدادات الجارية للمولد. ونقلت عن خبير مطلع في شؤون التصوف المغربي تحذيره من أن “هذا المولد استراتيجي، وسيكون اختبارا حقيقيا سيحدد مصير الزاوية”.
وأضاف الخبير، حسب ما جاء في التقرير، أنه من الضروري حسم قضية الشيخ بشكل واضح ونهائي قبل هذا التاريخ، لأن وجود شيخين على رأس الطريقة في يوم المولد سيزعزع استقرار “الفقراء” ويقسمهم بشكل لا يمكن تداركه، مما يحول الاحتفال من مناسبة للوحدة إلى إعلان رسمي للانقسام.
وكشف التقرير أن الأزمة التي تفجرت مباشرة بعد دفن الشيخ سيدي جمال في العاشر من غشت، قد تجاوزت الخلاف العائلي الداخلي لتتحول إلى صراع معلن على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتبادل أنصار كل طرف البيانات والشهادات، مما عمق الشرخ بين الأتباع. ورغم محاولات التهدئة التي قادها مجلس عائلي أقر بصحة الوصية التي تعين “سيدي منير” شيخا، ودعا إلى تبني قيادة جماعية لتوزيع المهام، إلا أن غياب “سيدي معاد” عن الاجتماع أبقى على حالة التوتر والانقسام، وجعل من الحلول المقترحة حبرا على ورق في نظر الكثيرين.
وفصّل مقال “جون أفريك” في الاختلاف الجذري بين رؤيتي الأخوين لمستقبل الطريقة؛ فـ”سيدي منير”، البالغ من العمر 53 عاما، يمثل المقاربة الفكرية والأكاديمية للتصوف، مدعوما بمساره العلمي الذي قضاه بين المغرب وفرنسا، ورغبته في إرساء إدارة حديثة ومؤسساتية للزاوية. في المقابل، يمثل “سيدي معاد”، الأصغر سنا، الامتداد التقليدي والشعبي للطريقة، فهو متجذر في الحياة اليومية للمريدين المغاربة وقريب منهم، ويدير الشؤون المالية للزاوية بأسلوب تقليدي، ويرى أنصاره أنه الأقدر على الحفاظ على أصالة الطريقة.
سلط المصدر ذاته الضوء على أن قدرة سيدي منير على تهدئة التوترات، وموقف شقيقه سيدي معاد، والصورة التي ستقدمها الزاوية للعالم الصوفي خلال أيام المولد، ستؤثر بشكل مباشر وحاسم على مستقبلها. ويحذر المراقبون من أن الفشل في إيجاد صيغة توافقية قبل الخامس من سبتمبر قد يقود حتما إلى انشقاق وظهور فرع جديد للطريقة، وهو ما سيضعف إشعاعها التاريخي ومصداقيتها الروحية بشكل كبير.
وفيما تتجه كل الأنظار إلى مداغ، يبقى موقف الديوان الملكي حذرا، حيث لم يتدخل بشكل مباشر في النزاع، في خطوة فُسرت على أنها ترك للزاوية فرصة لمعالجة خلافاتها داخليا، مع مراقبة يقظة لوحدة مؤسسة دينية تعتبر استراتيجية لصورة الإسلام المغربي، وفق ما أورده المصدر الفرنسي.
تعليقات الزوار
المحزن في المقال اتخاد مقال جون أفريك الوظيفية مرجعية بينما من المفترض توفر المنابر الإعلامية الوطنية مصادر مطلعة ووعي ذاتي بالمشهد الصوفي الوطني عموما والزاوية البودشيشية على وجه الخصوص. الأمر يتعلق بالتصوف السني رابع التوابث الدينية الوطنية بعد المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وإمارة المؤمنين، فما دخل المنابر الفرنسية الخبيثة بالموضوع، لا حول ولا قوة إلا بالله !