تصوير ومونتاج عصام صديق
يعيش سوق الدراجات النارية المستعملة في مدينة مراكش حالة من الركود التجاري غير المسبوق، حيث يشتكي التجار والوسطاء (الدلالة) من تراجع حاد في حركة البيع والشراء، عازين السبب إلى “التخوف” الذي أصاب الزبناء نتيجة الحملات الأمنية والقرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة بتعديل محركات الدراجات.
وفي جولة داخل السوق، عبر عدد من الباعة عن معاناتهم اليومية، مؤكدين أن الركود أثر بشكل مباشر على مصدر رزقهم، حيث يقول رشيد، وهو بائع دراجات نارية في تصريح لجريدة “العمق”: “كنا نعيش حركة تجارية جيدة، يأتينا الزبائن من مختلف المدن المغربية، لكن بعد الحديث عن قوانين التعديل، تراجعت الحركة بنسبة تصل إلى 70%”، مضيفا أن “المواطن أصبح متخوفا، يتردد في شراء دراجة نارية خشية مصادرتها خلال الحملات الأمنية، حتى بعد التصريحات الحكومية التي هدأت الأوضاع نسبيا”.
وأدى هذا الوضع إلى انهيار أسعار الدراجات، حيث يضطر الباعة لقبول عروض شراء بأسعار زهيدة لا تغطي حتى تكلفة شرائهم الأصلية. “نشتري دراجة بـ 16 ألف درهم، ويأتي من يعرض عليك 6 آلاف درهم فقط. هذا غير ممكن”، يوضح أحد التجار.
انتقادات لآلية تطبيق القانون
لا يعارض التجار تطبيق القانون من حيث المبدأ، بل يؤكدون دعمهم للإجراءات التي تهدف إلى الحد من التهور والسرقة والسلوكيات الخطرة على الطرقات، إلا أن انتقادهم يتركز على آلية التطبيق التي، حسب رأيهم، بدأت من الحلقة الأضعف وهو المواطن البسيط، بدلاً من معالجة المشكلة من جذورها.
“نحن لسنا ضد القانون، ولكن كان يجب أن تبدأ هذه الإجراءات من الأعلى”، يقول بائع آخر، ويضيف: “كان يجب ضبط الأمور بدءاً من الديوانة (الجمارك) والمستوردين الكبار، قبل الوصول إلى المواطن الذي يملك دراجة لقضاء أغراضه اليومية”.
وإلى جانب دعوتهم للحكومة بـ”إعادة النظر” في القانون وتخفيف الحملات الأمنية التي أضرت بالسوق، يطرح التجار تساؤلات حول جوانب أخرى لم يتم الالتفات إليها. يتساءل أحدهم: “لماذا يتم التركيز فقط على تعديل المحرك ورخصة السياقة، بينما لا أحد يتحدث عن خفض أسعار التأمين (Lasurans) التي تظل مرتفعة؟”.
وفي مبادرة تفاعلية، اقترح أحد التجار إطلاق شراكة مع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) لتنظيم حملات تحسيسية وتوزيع خوذات رأس (كاسك) معتمدة ومقننة على مستعملي الدراجات في مراكش، بهدف تعزيز السلامة الطرقية دون الإضرار بمصالح الفئات التي تعتمد على هذه الوسيلة في تنقلها وعملها.
وفي ظل هذه الأوضاع، يناشد العاملون في سوق الدراجات النارية بمراكش الجهات المعنية لإيجاد حلول متوازنة تضمن تطبيق القانون وتحافظ على السلامة الطرقية، وفي الوقت نفسه تحمي القوت اليومي لمئات الأسر التي يعتمد عائلها على هذا القطاع الحيوي.