سياسة

بنكيران يحذر القادة العرب: أنتم مهددون في عروشكم وإذا لم تحمونا من إسرائيل ستنحل “البيعة”

وجه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، رسالة مباشرة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية، محذرا إياهم من أن “الميثاق” الذي يربطهم بشعوبهم أصبح على المحك، وأن عروشهم باتت مهددة بشكل مباشر إن لم يتحركوا لحماية مواطنيهم من “الغطرسة الإسرائيلية” التي قال إنها تجاوزت كل الخطوط.

وفي كلمة مطولة بثها الحساب الرسمي لحزب العدالة والتنمية عبر “يوتوب”، اعتبر رئيس الحكومة المغربية الأسبق أن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على قطر شكل نقطة تحول كشفت عن واقع مرير، وهو أن أي مواطن أو مقر سيادي في العالم العربي، بما في ذلك مقر حزبه، لم يعد في مأمن.

بنكيران بنى خطابه على واقعتين اعتبرهما “مهينتين”، الأولى هي منع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من دخول الولايات المتحدة، والثانية، وهي الأشد وقعا، “الجريمة النكراء” المتمثلة في الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي القطرية بهدف اغتيال قادة من حركة حماس، وهم خليل الحية وخالد مشعل وزاهر جبارين.

ووصف بنكيران دولة قطر بأنها “دولة مسالمة، شريفة وشجاعة، تنتمي للخليج الموالي للولايات المتحدة، وتبذل جهودا جبارة للوساطة”، متسائلا باستنكار: “هذه الدولة التي زارها الرئيس الأمريكي، والتي تحتضن قاعدة أمريكية، تقصف بدم بارد وبلا حياء أو احترام للقانون الدولي. إذا، مع من نتعامل؟ مع وحوش؟”.

واعتبر أن استهداف وفد تفاوضي هو خرق لأعراف إنسانية راسخة منذ الأزل، قائلا: “معروف منذ خلق الله الكون أن السفراء لا يقتلون، وهؤلاء كانوا سفراء تفاوض.. إن قتل ضيوفنا في بلد عربي هو أسوأ من قتلنا نحن”.

“لستم في أمان.. وعروشكم مهددة”

وكانت الرسالة الأبرز في خطاب بنكيران هي ربطه المباشر بين أمن الشعوب واستقرار أنظمة الحكم. فبعد أن أكد أن الهجوم على قطر يعني أن لا أحد في مأمن، وجه كلامه مباشرة للحكام العرب الذين يستعدون لعقد قمتهم.

وقال بنكيران: “هذا الذي اعتدى على قطر، أخبروني، ما الذي سيجعله يحترم أحدا غيرها؟ لا الإمارات، ولا المملكة العربية السعودية أرض الحرمين، ولا تركيا، ولا المغرب… نحن كمواطنين لم نعد نشعر بالأمان”.

ثم أتبع ذلك بالتحذير: “أرجوكم أن تكونوا واضحين مع أنفسكم. نحن مهددون كمواطنين، ولكن أنتم أيضا مهددون في عروشكم، أنا أقولها لكم. إذا لم تعد الشّعوب تشْعر بأنّ حكّامها يحْمونها، فإنّ الميثاق بيْنهما سينْحلّ، وستبْحث الشّعوب عنْ حلّ آخر. هذا هو منطق السياسة”.

ولإيصال مدى شعوره الشخصي بالخطر، قال بنكيران بنبرة لا تخلو من مرارة: “أنا شخصيا، لا أرى أي مانع يمنع إسرائيل من أن تقصف هذه القاعة (مقر حزب العدالة والتنمية) التي نجتمع فيها عن بعد”.

دعوة لقطع العلاقات وتجاوز “البيانات”

لم يكتف بنكيران بالتشخيص، بل قدم ما اعتبره الحد الأدنى من الرد المطلوب من القادة العرب، رافضا فكرة الاكتفاء ببيانات الإدانة التي وصفها بالعديمة الجدوى.

وطالب بإجراءات ملموسة قائلا: “هل تعتقدون أن الإسرائيليين ما زالوا يأبهون للبيانات؟ لا نطلب منكم إعلان الحرب، ولكن ما معنى سياسة الود هذه؟ في مثل هذه الأوقات، على الأقل، تقطع الدول العلاقات الدبلوماسية وتستدعي السفراء للاحتجاج”.

وأضاف أن هذا الإجراء ضروري “لإثبات أنكم لستم متواطئين مع هذه العصابة التي تسمى إسرائيل، ولردعها”. كما انتقد بشدة الموقف الأمريكي، معتبرا أن واشنطن وتل أبيب “جهة واحدة لا عهد لها ولا ميثاق”، مستشهدا بما قال إنه تصريح لمسؤول أمريكي: “ليس لدينا حلفاء، بل لدينا عملاء نستخدمهم عندما نحتاج إليهم”.

واختتم بنكيران خطابه بوضع الكرة في ملعب الحكام، مؤكدا أنه يتحدث بصفته مواطنا وأمينا عاما لحزب ورئيسا سابقا للحكومة، قائلا: “المسؤولية الآن في أعناقكم وفي أيديكم… فالشكوى لله وحده، وإنا لله وإنا إليه راجعون”، بحسب تعبيره.