سياسة

قانون المسطرة الجنائية يدخل حيز التنفيذ بعد 3 أشهر ويقيد تقاضي “حماة المال العام”

بعد مسار تشريعي طويل، رافقه جدل كبير، صدر بالعدد الأخير من الجريدة الرسمية، قانون المسطرة الجنائية الجديد، بموجب الظهير الشريف رقم 1.25.55، والرامي إلى تعديل القانون رقم 22.01، في خطوة وُصفت بأنها “إصلاح جوهري لمنظومة العدالة الجنائية بالمملكة”.

ويروم النص الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من صدوره بالجريدة الرسمية، إحداث توازن بين سلطة الدولة في العقاب وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، عبر مجموعة من التدابير التي تكرس مبادئ المحاكمة العادلة وتعزز النجاعة القضائية.

ومن أبرز المقتضيات التي جاء بها القانون الجديد، ما نصت عليه المادة 7 من تقييد تقاضي الجمعيات بربطه بضرورة الحصول على المنفعة العامة وعلى إذن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي، وهو ما أثار غضبا كبيرا في صفوف جمعيات حماية المال العام.

أبرز المقتضيات شملت ترشيد الاعتقال الاحتياطي بجعله تدبيرا استثنائيا ومعللا، مع تقليص مدده وإقرار إمكانية الطعن في شرعيته، إضافة إلى تعزيز حضور الدفاع منذ المراحل الأولى للأبحاث وإلزامية إشعار أقارب الموقوفين. كما أدخل القانون تعديلات تتعلق بمكافحة الجريمة المنظمة باستخدام تقنيات البحث الخاصة تحت رقابة قضائية مشددة.

واهتم المشرّع كذلك بحقوق الضحايا من خلال إلزامية إشعارهم بمسار القضايا وتوفير المساعدة القانونية، وتكريس مبدأ قرينة البراءة وعدم اعتبار الصمت اعترافا ضمنيا، وحماية ضحايا الاتجار بالبشر وفق المعايير الدولية، إلى جانب إحداث خلايا للتكفل بالنساء والأطفال داخل المحاكم. ورفع القانون سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة، مع تخصيص هيئات قضائية مستقلة للأحداث.

أما في مجال تنفيذ العقوبات، فقد تم إحداث مؤسسة “قاضي تطبيق العقوبات” للسهر على حسن تنفيذ الأحكام وضمان حقوق السجناء، مع اعتماد تدابير تحفيزية كتخفيض العقوبة لفائدة المحكومين ذوي السلوك الحسن، وكذا تحسين آليات الإفراج وإعادة الإدماج من خلال تسهيل رد الاعتبار وإجراءات الأداء والغرامات.

في سياق متصل، أكدت وزارة العدل أن القانون الجديد للمسطرة الجنائية، الصادر بتاريخ 8 شتنبر 2025، يمثل محطة إصلاحية مفصلية تهدف إلى تحديث العدالة وترسيخ دولة الحق والقانون تحت القيادة الملكية. ويأتي هذا الإصلاح استجابة للتوجيهات الملكية وروح دستور 2011، من خلال تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، وتحصين حقوق الدفاع، وتكريس قرينة البراءة، مع تقليص اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، وتوسيع الاستفادة من المساعدة القانونية، إضافة إلى تمكين الضحايا من حقوق موسعة تشمل الدعم القانوني والاجتماعي، خصوصاً النساء والأطفال ضحايا العنف.

وأشار وزير العدل عبد اللطيف وهبي إلى أن هذا النص يشكل ركيزة أساسية في مسار الإصلاحات الكبرى، ويعكس ثقة الدولة في مؤسساتها وقدرتها على جعل العدالة المغربية نموذجا إقليميا ودوليا. كما شدد على أن تحديث المنظومة القضائية وضمان أمن قضائي حديث يعد عاملا محورياً لتعزيز جاذبية المغرب الدولية، خاصة مع الاستحقاقات المقبلة وعلى رأسها تنظيم كأس العالم 2030. واعتبرت الوزارة أن هذا القانون لبنة مركزية في ورش إصلاح العدالة، إلى جانب مراجعة القوانين الجنائية والمهن القضائية وتسريع التحول الرقمي للمحاكم.