شهدت مدينة أكادير خلال الأيام الأخيرة احتجاجات حاشدة أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني حيث عبر المئات من المواطنين عن استيائهم من تردي الخدمات الصحية وغياب التجهيزات الطبية الضرورية إلى جانب الاكتظاظ الكبير في أقسام المستعجلات وتأخر المواعيد الطبية.
وخلال هذه الوقفات أكد المحتجون أن الوضع الصحي بالمدينة أصبح لا يطاق إذ يضطر المرضى إلى الانتظار ساعات طويلة دون تلقي العناية اللازمة فيما يجبر آخرون على التنقل إلى مدن أخرى لإجراء فحوصات أو عمليات بسيطة وطالبوا بتدخل عاجل لإصلاح المنظومة الصحية بما يضمن كرامة المواطن وحقه في العلاج.
وبالرغم من كون المستشفيات تُدار من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عبر المديريات الجهوية للصحة التي تشرف إداريا وتقنيا على تسييرها، إلا أن الجماعات المحلية تضطلع بدور محوري في هذا المجال سواء عبر المساهمة في ضمان الحق في العلاج من خلال تفعيل النصوص القانونية المنظمة أو من خلال تنزيل السياسات الصحية على المستوى الترابي خاصة في إطار المجموعات الصحية الترابية التي تشرف على تدبير المستشفيات كما تقوم الجماعات بالتنسيق مع مختلف المتدخلين وتدرج قضايا الصحة والسلامة ضمن برامج عملها عبر تشخيص الحاجيات وتحديد الأولويات لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
وفي هذا السياق أوضح مصطفى بودرقة النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي لأكادير في تصريح لجريدة العمق أن المدينة تعيش منذ أربع سنوات دينامية غير مسبوقة على مستوى البنيات التحتية الصحية في إطار برنامج التنمية الحضرية 2020-2024 والمخطط الحكومي الهادف إلى تجويد وتوسيع العرض الصحي.
وأشار بودرقة إلى أن جماعة أكادير ساهمت في تعبئة الشركاء الماليين لإعادة تأهيل المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني الذي ظل لسنوات من أبرز النقاط السوداء في القطاع الصحي بالجهة مبرزا أنه تم توقيع اتفاقية شراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وجهة سوس ماسة بغلاف مالي إجمالي قدره 20 مليار سنتيم منها 7 مليارات مخصصة للتجهيزات الطبية الحديثة.
وأضاف المتحدث أن الأشغال انطلقت فعليا بافتتاح قسم المستعجلات الجديد في انتظار استكمال باقي الأوراش داخل آجال محددة بالتوازي مع انطلاق خدمات المركز الاستشفائي الجامعي لأكادير الذي يرتقب أن يشكل مفخرة للجهة ونقلة نوعية في البنية التحتية الصحية باعتباره يجمع بين الخدمات الطبية المتقدمة والتكوين الجامعي.
وكانت المديرة الجهوية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة سوس ماسة، لمياء الشاكري، قد أقرت في وقت سابق بوجود إكراهات ونقائص يعاني منها المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، مؤكدة في الوقت ذاته أن الوزارة الوصية والسلطات المعنية تعمل بشكل متواصل لإيجاد حلول جذرية ومستعجلة لهذه التحديات.
وقالت الشاكري في لقاء صحفي مساء يوم السبت الماضي في ردها على سؤال جريدة العمق، إنه لا يمكن إنكار وجود مجموعة من الإكراهات، لكن من المهم وضعها في سياقها الصحيح. وأوضحت أن المستشفى الجهوي المذكور، الذي بدأ عمله سنة 1967 بنفس البنية التحتية والطاقة الاستيعابية تقريبا، لم يعد يؤدي دوره كمستشفى جهوي فحسب، بل يقوم بأدوار متعددة كمركز صحي، ومستشفى إقليمي، وحتى مستشفى جامعي منذ سنة 2017.
وأضافت أن هذا الصرح الصحي كان لعقود المرجع الوحيد لجهات عدة تمتد من العيون والداخلة إلى كلميم، بالإضافة إلى جهة سوس ماسة بأكملها، مما فرض عليه ضغطا هائلا ومتزايدا.
وكشفت بالأرقام عن حجم هذا الضغط، حيث استقبل قسم المستعجلات وحده خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2025 ما مجموعه 63 ألف مريض، بمعدل يومي يتراوح بين 150 و 250 حالة.
وفيما يتعلق بقسم الولادة، الذي كان محور العديد من الشكاوى، قدمت المديرة الجهوية تعازيها لأسر المتوفيات الثمانية اللواتي فارقن الحياة مؤخرا في هذا القسم، مؤكدة أن هذا الرقم شغل بال الوزير شخصيا، فأعطى تعليماته لتشكيل لجنة مركزية متخصصة لدراسة وتحليل أسباب هذه الوفيات بشكل دقيق.
وأوضحت المسؤولة الجهوية أن هذه اللجنة “ليست هنا لتقول إننا سنصلح الوضع، بل هي تعمل حاليا على إصلاح أي إكراه يتم الوقوف عليه بشكل فوري” مضيفة أنه بمجرد أن تستكمل هذه اللجنة دراستها، سيتم عقد لقاء آخر لتنوير الرأي العام بنتائجها.