منتدى العمق

الملا محمد عمر رجل بأمة..!!

تمهيد:

كثرت الدروس و العبر لكن دائما تجد على أعين العرب غشاوة مزمنة، قال الإمام علي رضي الله عنه : ( كثرت العبر وقل من يعتبر )، وهذا هو واقع أمة العرب والمسلمين مع الأسف الشديد، لا يستفيدون من دروس التاريخ القديم ولا الحديث، وما الدرس الأفغاني مع الاحتلال الأمريكي عنا ببعيد، حيث لا زالت رائحة البارود تفوح من صخور جبال أفغانستان الشامخة، وهي أحدث تجربة انتصار أمة الأفغان على الأمبراطورية الثالثة، حيث سبق لهم أن هزموا الأمبراطورية البريطانية، وخرجت ذليلة تجر أذيال الخيبة مكسورة الكبرياء، وجاء دور الأمبراطورية السوفياتية كذلك لتشرب من نفس كأس من سبقوها، و هكذا لقبت أفغانستان بمقبرة الأمبراطوريات عبر العصور، لأن حب الأفغان الشديد للحرية و كرههم لسيطرة الأجانب، كان حافزا و وقودا للحرب ضد كل من وطئت قدماه أرض الأفغان، دولة لا تملك سلاحا نوويا ولا طائرات شبح و لا طائرات عفاريت، إنما فيها رجال بصلابة صخور جبال “الهندكوش” و جبال “تورابورا “، وما الملا عمر عنوان هذا المقال إلا أحد هذه الرواسي الشامخات،
قصة الرئس الأمريكي “بوش” والملا محمد عمر رئيس حركة طالبان..

المواجهة بين العمامة و الخوذة:

طبعا العمامة هي من اللباس القومي عند الأفغان، و الخوذة هي واقي الرأس التي يرتديها جنود الاحتلال الأمريكي، و المواجهة كانت في أراضي أفغانستان ذات التضاريس الصعبة، ففي بداية تسعينات القرن الماضي انهار الاتحاد السوفييتي و تفكك، وعلى إثر ذلك أعلن الرئيس الامريكي “بوش” قيام النظام العالمي الجديد، بحيث تكون فيه أمريكا هي الآمر و الناهي باختصار سياسة القطب الوحيد، وفي إطار الغطرسة و نشوة النصر على الاتحاد السوفييتي، أمر “بوش” السودان بطرد أسامة بن لادن فورا، ولم تتردد هذه الأخيرة حيث طلبت من أسامة مغادرة البلاد دون تأخير، خوفا من بطش أمريكا ومن يقدر على تحمل غضبة أمريكا..؟ وهكذا جمع أسامة أغراضه و استخار الله ثم توجه نحو أفغانستان، ذاك البلد الفقير المنهك بالحروب الداخلية والخارجية، حيث وجد الحضن الدافئ لقد رحب به الملا محمد عمر، وبعد أن استفسره عن سبب قدومه و اختياره بلاده، حكى له المشكلة بالتفصيل وأنه الآن المطلوب رقم واحد عند أمريكا، فطمأنه الملا عمر وقال له كما قال شعيب عليه السلام لنبي الله موسى : ( .. لا تخف نجوت من القوم الظالمين..)، لقد كان الملا عمر رجلا شهما صادق الوعد لم يغدر به ولم يخلف وعده، حيث طبق الحديث الصحيح : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه)، وهذا الأخير يعلم خطورة المواجهة مع أكبر قوة على وجه الأرض، لكن نخوة الأفغان و عزة المؤمن زد على ذلك أن هذا ضيف له حقوق، هنا تبدأ قصة فرعون العصر “بوش” رئيس أمريكا و الملا محمد عمر رئيس إمارة أفغانستان، فما كاد أسامة بن لادن يستقر حتى جاء طلب الطاغية (بوش )، يريد رأس أسامة حيث أمر الملا عمر بتسليم” الإرهابي ” فورا قصد محاكمته، لكن هذا الأخير رفض طلب “بوش” وقال له في تحدي : ( هذا ضيف كريم لا يمكن تسليمه للمحاكمة في بلد الكفر، إذا كانت تهمة الإرهاب صحيحة فسيحاكم أمام قاضي مسلم، وفي مكة المكرمة وحسب قوانين الشريعة الإسلامية)، طبعا هذا الجواب لم يعجب الطاغية “بوش” حيث جمع تحالفا دوليا كبيرا، وهدد الملا محمد عمر بالحرب و اجتياح أفغانستان، إن لم يسلم له أسامة فورا وبدون شروط، لكن الملا عمر جدد رفضه لطلب”بوش” فكانت الحرب، حيث قال الملا محمد عمر مقولته الشهيرة : ( .. وعدكم بوش بالنصر و وعدنا الله به، و سنرى أي الوعدين أصدق )، وهكذا بدأت الحرب بين من توكل على الله، ومن توكل على التحالف حيث دامت حوالي 20 سنة كاملة…

ـ دروس وعبر من حرب الأفغان ضد المركان…

لقد كانت حربا غير متكافئة بين دولة نووية ( عظمى )، وبين دولة فقيرة لكنها ( عظمة ) علقت في حلق” بوش ” حتى جحظت عيناه، لقد استعملت أمريكا كل أنواع الأسلحة المتطورة صواريخ موجهة بالليزر، طائرات الشبح و مقنبلات استراتيجية B52 وغير ذلك من الأسلحة الفتاكة، بينما كان الأفغان يستعملون أسلحة خفيفة ( كلاشينكوف) و الكمائن و حرب العصابات، و الإغارة المفاجئة مع الكر و الفر مستفيدين من التضاريس الوعرة وخاصة الجبال، ومع اشتداد المعارك بدأ معسكر ( البيتزة و الهمبرجر و الماك دونالدز مع الكنتاكي ) ينهار، في مقابل معسكر العمائم وخبز الشعير الخشن والغير منخول مع حليب الماعز، تصور معي أن المقاتل الأفغاني يضع على رأسه عمامة، وفي رجليه نعلا من جلد و سروالا فضفاضا، يقفز بخفة من صخرة إلى أخرى تخاله شبحا يمر بسرعة كأنه ظل، في المقابل الجندي الأمريكي ثقيل الحركة، مدججا بالذخائر وعلى رأسه خوذة سميكة كما يحمي صدره بواقي الرصاص، فوق ظهره حقيبة محشوة بما لذ وطاب من مأكولات جاهزة، حيث أصبح الجنود الأمريكان عبارة عن مطابخ متنقلة، وعندما يكون الإالتحام والقتال من مسافة الصفر و يصدح المجاهدون بالتكبير، ترى نقانق الجندي الأمريكي و علب التونة و الجبنة مع ( المرتديلا)، كل ذالك يتطاير في الهواء من شدة القصف و قوة ضربات المجاهدين، لقد ذهب”بوش” وجاء من بعده رؤساء أمريكان يخلف بعضهم بعضا، وبقي الملا محمد عمر صابرا صامدا لم يخذل ضيفه رغم كل المحن، وفي النهاية انهزم الأمريكان خرجوا يجرون أذيال الخيبة وصدق وعد الله، إنني لن أنسى أبدا تلك الصورة الجميلة والرمزية للوفد الأفغاني المفاوض، عندما قدم إلى الدوحة منتصرا يدكون الأرض بأقدامهم، رافعين هاماتهم و لحاهم الطويلة الكثة و فوق الرؤوس العمائم، بينما وفد قادة الجيش الأمريكي الذي جاء مرغما لتوقيع اتفاقية الإستسلام، وجوههم صفر وهم في موقف ذليل نظراتهم منكسرة، واليوم وقد خرجت أمريكا و تحررت أفغانستان و مات الملا محمد عمر، ومات أسامة بن لادن و سيموت” بوش” الصغير كما مات “بوش” الأب، لكن سيبقى الملا محمد عمر شامة مضيئة في جبين التاريخ إلى الأبد، سيذكر التاريخ ان رجلا عربيا خذله العرب من بني جلدته، ودخل في جوار الملا محمد عمر ولم يخذله ولم يسلمه لأكبر قوة على وجه الأرض، رحمك الله يا عمر نم قريرة العين نسأل الله أن يتقبلك في الصالحين… إن بناء الرجال الأشداء أهم من بناء ناطحات السحاب ياعرب…!!!! والصعود إلى قمم الجبال لمقارعة الأعداء، أهم وأجدى من ” النزول” إلى قمم جامعة الدول العربية لمنازلة الأعداء…

خلاصة:

أيها العرب إن جامعتكم هذه كذبة بريطانية، مع الأسف الشديد صدقتموها و انطلت عليكم حيلة الإنجليز، باختصار جامعة الدول العربية ماهي إلا “بصقة” وزير الخارجية الإنجليزي أنطوني إيدن سنة 1941، حيث لبس هذا الماكر ثوب الواعظ و الناصح للعرب وهو شيطان، لكن الهدف الحقيقي المخفي هو سلخ الخلافة العثمانية عن عمقها العربي، إصحوا ياعرب إن المقاومة هي صمام الامان لكم،
نعم أمريكا انهزمت في الماضي و ستنهزم في الحاضر والمستقبل، ثقوا بوعد الله يا عرب إن أمريكا ليست ” إلها” تأملوا جيدا مقولة الملا محمد عمر : (.. وعدكم بوش بالنصر و وعدنا الله به، و سنرى أي الوعدين أصدق..!!) توكلوا على الله و أعلنوا الجهاد إن كيد أمريكا ضعيف..!! والله لو أن الملا عمر شكل فريقا قانونيا ليرفع دعوة ضد الغزو الامريكي، أو ذهب مشتكيا لمجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية أو انتظر دعما من قمم جامعة الدول العربية، صدقوني لن يخرج الأمريكان من أفغانستان و سيبقى شعبها تحت الاحتلال والذل إلى يوم يبعثون…!! إن اليوم المطلوب هو رأس المقاومة حماس وغيرها… فلا تخذلوا قيادات المقاومة ولا تسلموهم اثبتوا على نهج الملا محمد عمر فلا نامت أعين الجبناء… فلسطين حرة وغزة حرة.