نشب جدل حاد حول مفاهيم سياسية من قبيل “الوساطة السياسيةMediation Political ” ، “وحق اللجوء السياسي Political Refugee right of the” أو إعادة صياغته في ضوء إقدام إسرائيل على ضرب دولة قطر بوصفها الحاضنة لجهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس ، وقبل ذلك استهداف قياديين بارزين ، سواء لحركة حماس أو لحزب الله ، في كل من إيران ولبنان .
انتهاك صارخ لمفاهيم حقوق أممية
يُعرف حق اللجوء السياسي بأنه حماية تمنحها دولة ما لشخص أجنبي يواجه اضطهادًا أو تهديدًا في وطنه لأسباب سياسية، عرقية، دينية، أو بسبب عضويته في جماعة معينة. يتمحور هذا المفهوم حول مبدأ السيادة ومبدأ عدم الإعادة القسرية.
أبعاد (ضربة إسرائيل لمقر حماس بقطر)
بناءً على الوقائع والأحداث التي عاينها العالم بخصوص (ضربة إسرائيل لمقر حماس في قطر)، فإن الأبعاد والتبعات القانونية والسياسية المتعلقة بمفهوم اللجوء السياسي يمكن إجمالها فيما يلي:
1. البعد القانوني : ينحصر في انتهاك السيادة القطرية ، إذا كانت الضربة الإسرائيلية تستهدف أفرادًا يحملون صفة “لاجئ سياسي” في قطر، فإن هذا العمل قد يُعتبر انتهاكًا سافرًا لسيادة الدولة القطرية، مما يثير تساؤلات حول فعالية الحماية التي يوفرها حق اللجوء.
* عدم وجود حماية مطلقة: هذه الحادثة تبرز أن حق اللجوء السياسي، رغم أهميته في القانون الدولي، ليس حماية مطلقة. فالدولة المضيفة قد تجد نفسها في موقف صعب بين التزامها بحماية اللاجئ وضرورة تجنب الصراعات المباشرة.
2. البعد السياسي والدبلوماسي
* إحراج قطر: الهجوم يضع قطر في موقف دبلوماسي حرج، فهي تتبنى سياسة استضافة حركات سياسية مثل حماس، وتعتبر نفسها وسيطًا إقليميًا. الضربة المباشرة تهدد هذا الدور وتجعل موقفها في المفاوضات أضعف.
* تغيير ديناميكيات التفاوض: الهجوم يمكن أن يؤثر سلبًا على المفاوضات الجارية حول الرهائن ووقف إطلاق النار، حيث يمكن أن يُنظر إليه على أنه تصعيد مقصود يهدف إلى تقويض جهود الوساطة.
3. البعد الأمني
* تداعيات أمنية إقليمية: الهجوم قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة إذا أدى إلى ردود فعل من فصائل مسلحة أو دول أخرى.
* مخاوف اللاجئين: هذا السيناريو قد يثير قلقًا لدى اللاجئين السياسيين في دول أخرى، حيث يوضح أنهم قد لا يكونون في مأمن تام حتى في البلدان التي منحتهم اللجوء. باختصار، هذه الحادثة تسلط الضوء على هشاشة مفهوم حق اللجوء السياسي في ظل الصراعات الجيوسياسية المعقدة ، وتؤكد أن الحماية التي يوفرها قد تتآكل عندما تتصادم مصالح الدول الكبرى، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويين القانوني والأمني.
سيادة ضعيفة وسيادة قوية
لنفترض جدلا أن جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس كانت تجري على أرض فرنسا وليس أرض قطر أو مصر ، فهل كانت اسرائيل أقدمت على اختراق أجواء فرنسا وقصف ممثلي حماس ؟ طبعا للحسم في الإجابة ، قد نجد أن إسرائيل تستحضر “سيادة” فرنسا والتي يعتبر اختراقها إعلانا صريحا للحرب على فرنسا ، بينما لو كانت سيادة لدولة إفريقية أو شرق أوسطية ، ما ترددت في توجيه ضرباتها ، سيما وأنها تعلم حمايتها من قبل أمريكا.
التصريحات العاصفة لممثل إسرائيل في الأمم المتحدة
داني دانون ، ممثل إسرائيل بالأمم المتحدة ، وخلال انعقاد دورة استثنائية لمجلس الأمم المتحدة ، بخصوص ضربة إسرائيل لقطر واستهدافها لممثلي حركة حماس ، أشار إلى أن إسرائيل في هذا الحادث استندت إلى حقها في صد “الإرهاب” والذي تكفله القوانين ، وقدم أمثلة أثارت حفيظة العديد من الدول ، حينما ذكر بحادث مقتل بلادن زعيم تنظيم القاعدة على أرض باكستان ، كما فعلته فرنسا حينما ضربت عدة بلدان إفريقية على خلفية محاولات لتصفية رؤوس حركات إرهابية ، تصريح الممثل الأممي الإسرائيلي ترك انطباعا لدى الجميع أن “حق اللجوء السياسي” لم يعد يحمي أحدا أيا كان ، ما دام اللاجئ السياسي متابعا بتهمة الإرهاب ، الإرهاب الذي تفهمه إسرائل كمرادف للمقاومة ، والتي لا تعترف بها بالمطلق.